تفجّرت بمدينة الداخلة، أقصى جنوب المغرب، واحدة من القضايا التي تميط اللثام عن بعض الظواهر التي بدأت تتسرّب إلى جسم الأسرة التعليمية بالمغرب، ويتعلق الأمر بتورط أستاذ بالتعليم الثانوي في قضية استغلال للنفوذ وابتزاز تلميذته التي تدرس بالسنة الثانية بكالوريا بثانوية الحسن الثاني التأهيلية، حيث تعهّد لها بالتدخل للحصول على نقطة جيدة في اختبار مادة اللغة العربية الموحد برسم امتحانات البكالوريا الأخيرة، وذلك مقابل مبلغ 1000 درهم، بعد أن أفهم تلميذته عبر أحد زملائها بأنه تفحّص ورقة اختبار اللغة العربية الخاصة بهما، فضرب معها موعدا بكورنيش المدينة لإقناعها بدفع المبلغ المذكور، وفي الوقت ذاته تحرش بها جنسيا، لتنصب له الشرطة القضائية فيما بعد كمينا انتهى بإيقافه وبحوزته المبلغ المذكور، إلى جانب هاتف محمول يوجد بذاكرته رقم هاتف التلميذة المشار إليها. وقد استأثرت هذه القضية باهتمام الرأي العام بالأقاليم الجنوبية منذ اعتقال الشخص المذكور في العاشر من الشهر الجاري وهو في حالة تلبس، حيث تمت مواجهته بتهمة النصب، والتحرش الجنسي، وطلب عرض مالي مقابل القيام بعمله. وكانت جلسة المحاكمة تتأجل في كل مرة منذ ال14 من الشهر الجاري بطلب من دفاع الأستاذ المتهم لإعداد الملف إلى أن تم النطق بالحكم، أول أمس، الذي قضى بسنة واحدة سجنا نافذا في حق الأستاذ المذكور، غير أن دفاع التلميذة أكد ل«المساء» أنه سيستأنف الحكم للمطالبة بتشديد العقوبة، واعتبر حميد الزيتوني، محامي التلميذة، أن سنة واحدة غير كافية عندما يتعلق الأمر بمثل هذه التهم، وأوضح في تصريح ل«المساء» أن العقوبة المقررة غير قادرة على الردع العام لمثل هذه السلوكات المشينة التي تعتبر من بين عشرات القضايا التي تعالج بشكل يومي بالمحاكم ويكون فيها الطرف الأساسي شباب وشابات في مقتبل العمر، وهو ما يستفز بشكل واضح اهتمامنا، يضيف المتحدث، ويدل من جهة أخرى على فشل المنظومة التعليمية في حماية هذا المجال المقدس من المتطفلين الذين لا ينظرون إلى التلاميذ إلا على أساس أنهم مورد مالي أو محل لتفريغ نزواتهم. وتعود أطوار هذه القضية إلى اليوم الأخير من امتحانات البكالوريا لهذه السنة، حيث تقدمت التلميذة «ن.ل» إلى فرقة الشرطة القضائية التابعة للمنطقة الإقليمية للأمن بالداخلة وصرحت بأن زميلها في الفصل الدراسي «م.ب» أخبرها أن الأستاذ الذي يدرسهما مادة اللغة العربية قد أخبره أن نقطتيهما في الاختبار الوطني الموحد للغة العربية ستكونان دون المستوى، وقالت إنه وبوساطة من زميلها اتفقت مع المدرس على أساس التدخل لها للحصول على نقطة جيدة مقابل 1000 درهم، مدلية بقرص مدمج يحمل تسجيلا صوتيا لمكالمة هاتفية ومقابلة بين التلميذة وأستاذها داخل سيارة هذا الأخير استطاعت تسجيلهما باستعمال هاتفها الشخصي. وحسب المعطيات التي حصلت عليها «المساء»، فإن التسجيلات الصوتية تضمنت مقاطع يقوم خلالها الأستاذ بتحريض التلميذة المشتكية على الفساد، وتضمن الشريط المسجل ردَّ التلميذة على رغبة أستاذها، حيث أخبرته أنها لا تريد النجاح إذا كان بمقابل الشرف. وبناء على شكاية التلميذة المعززة بالتسجيلات الصوتية أمرت النيابة العامة بضبط المشتكى به في حالة تلبس، فتم نسخ الأوراق المالية المكونة لمبلغ 1000 درهم، ليتم نصب الكمين الذي تم بتنسيق بين الشرطة القضائية والنيابة العامة والتلميذة المشتكية، وانتهى بإيقاف المشتكى به متلبسا بحيازة المبلغ المذكور بعد آخر لقاء له بالتلميذة. من جانبه أنكر الأستاذ المذكور التهم المنسوبة إليه، واعتبر أن المبلغ الذي تسلمه من التلميذة هو بمقابل دروس التقوية والدعم التي يقدمها لها، نافيا قيامه بتحريضها على الفساد كما جاء في التسجيلات الصوتية.