عبر وزراء الفلاحة في الدول المغاربية عن تخوفهم من أن يؤدي تراجع الفلاحة في هذه المنطقة إلى انعكاسات اجتماعية قد تهدد الأمن العام. ودعا هؤلاء الوزراء، في ندوة عقدت أول أمس الاثنين بفاس، إلى ضرورة تكاثف الجهود وتكاملها من أجل مواجهة الانعكاسات الاجتماعية المترتبة عن التقلبات المناخية والتصحر وارتفاع أسعار المنتوجات الفلاحية وندرة الموارد المائية. وإلى جانب الوزراء المغاربيين، حضر هذه الندوة حول «الفلاحة المغاربية: الرهانات والآفاق» التي عقدت بقصر المؤتمرات، بفاس، عدد من المتخصصين والمهنيين المغاربيين، وذلك إضافة إلى مسؤولين من منظمات دولية تعنى بالشأن الفلاحي وديبلوماسيين غربيين، أبرزهم السفير الإسباني والسفيرة اليابانية بالمغرب. وخلصت جل مداخلات الوزراء خلال هذه الندوة، التي نظمت برعاية الملك محمد السادس وتحت إشراف اتحاد المغرب العربي، إلى ضرورة تكاثف الجهود وتكاملها من أجل مواجهة الأخطار الاجتماعية المترتبة عن تدهور الفلاحة في هذه الجهة. ووصف عزيز أخنوش، وزير الفلاحة المغربي، الظروف الاقتصادية التي ينعقد في ظلها هذا اللقاء بالصعبة. وقال إن هذا الوضع يزيد من تفاقم ظواهر الفقر والتهميش «إن لم نتخذ الإجراءات الضرورية لمواجهتها». وتطرق أخنوش، في السياق ذاته، إلى التغيرات المناخية التي أثرت بشكل كبير على المعادلة الجديدة للتغذية في العالم، خصوصا بالمنطقة المتوسطية وتضاعف استعمال بعض المحاصيل الزراعية لإنتاج الوقود الحيوي. وكان البيان الختامي للمؤتمر الدولي رفيع المستوى لمنظمة الأممالمتحدة للزراعة، المنعقد بروما في الفترة الممتدة من 3 إلى 5 يونيو المنصرم، قد أكد على ضرورة إعطاء القطاع الفلاحي الأولوية القصوى والمكانة الاستراتيجية الأساسية في السياسات الوطنية ووضع تدابير استعجالية آنية وأخرى على المديين المتوسط والطويل للحد من الإختلالات الكبيرة بين العرض والطلب في الأسواق العالمية والتي أدت إلى ارتفاع مهول في أسعار المواد الفلاحية والغذائية الأساسية، كالحبوب، وانخفاض المخزونات إلى أدنى مستوياتها. وذهب أخنوش إلى أن الفلاحة يمكنها أن تخلق ظروف تنمية اقتصادية في المغرب العربي، خصوصا إذا حددت كأولوية في اقتصاديات هذه الدول. وقال إن الوتيرة السريعة التي تميز التغيرات الدولية والإقليمية، وخاصة تحرير الأسواق وإقامة مناطق التبادل الحر في إطار المنظمة العالمية للتجارة أو في إطار اتفاقيات ثنائية أو إقليمية، تتطلب من الدول المغاربية الإسراع في إنشاء المنطقة المغاربية للتبادل الحر. وأعاد أخنوش عرض «مخطط المغرب الأخضر» على المشاركين في أشغال هذه الندوة. وقال إن هذا المخطط يشكل استراتيجية وطنية فلاحية جديدة ترمي إلى التنمية السريعة للفلاحة ببلادنا. ويمتد هذا المخطط، طبقا لعرض الوزير أخنوش، على مدى 15 سنة. ويهدف إلى الانتقال من التصور التقليدي للفلاحة عبر تشجيع القطاع الخاص وتجديد نسيج الفاعلين واعتماد نماذج «التجميع» التي برهنت على نجاعتها، يضيف الوزير أخنوش. ومن جهته، عبر الحبيب بن يحيى، أمين عام اتحاد المغرب العربي، عن نفس هواجس الوزير المغربي بخصوص الأوضاع الاجتماعية المقلقة التي تنجم عن تراجع الفلاحة، قائلا إن ارتفاع الأسعار وتراجع المخزون العالمي من الموارد الأساسية وتداعيات الاختلالات المناخية وتفاقم التصحر وندرة المياه أصبحت ظاهرة تستنفر المجتمع الدولي، دولا ومنظمات وهيئات ومؤسسات، وذلك لارتباط الأمن الغذائي بالأمن العام بمفهومه الواسع.