اضطر القاضي بنشقرون إلى تغيير مقر الجلسات الخاصة بالإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا من القاعة رقم واحد إلى القاعة 2، بعد أن رفض المتابعون ضمن خلية عبد الفتاح الرايدي مغادرة القفص احتجاجا على تأخير الجلسة إلى غاية الرابع من شهر شتنبر القادم. وحاول عدد من المسؤليين الأمنيين الدخول مع المتهمين في مفاوضات من أجل إقناعهم بمغادرة القفص وإفساح المجال أمام الهيئة لإصدار الأحكام في ملف آخر متعلق بخلية الدارالبيضاء، إلا أن المتهمين أصروا على البقاء وانشغلوا بأحاديث ثنائية قبل أن يسود الصمت مباشرة بعد شروع أحدهم في تلاوة آيات قرآنية. الاعتصام الذي دام حوالي أربع ساعات أجبر عددا كبيرا من رجال الأمن، الذين احتلوا جميع الأماكن المخصصة للعموم داخل القاعة، على تمديد فترة عملهم لساعات تحسبا لأي تطور مفاجئ، قبل أن يرفع المعتقلون اعتصامهم في حدود الساعة الثامنة ليلا بعد حوار مع ممثل النيابة العامة. وكانت جلسة أول أمس الثلاثاء قد عرفت استماع المحكمة لعدد من المتهمين ضمن هذه الخلية والذين جددوا إنكارهم للتهم الموجهة إليهم أو التصريحات التي تضمنتها محاضر التحقيق، سواء لدى الشرطة القضائية أو قاضي التحقيق، في حين رد ممثل الحق العام على أحد المتهمين الذي كان يقف بطريقة مميزة مرتديا ملابس الهيب هوب، متسائلا عن المواد التي عثر عليها في منزله والتي أثبتت الخبرة أنها تنتج بعض اختمارها جرثومة تدخل في صناعة المتفجرات وهو السؤال الذي رد عليه المتهم بالإنكار. كما تميزت الجلسة باستنطاق حسناء مساعد، المتابعة ضمن هذا الملف مع زوجها، والتي أجابت باقتضاب عن أسئلة القاضي بنشقرون وهي تحمل رضيعتها التي أنجبتها داخل السجن بعد أن قضت ثمانية أشهر رهن الاعتقال الاحتياطي قبل أن يقرر القاضي في نهاية الجلسة تمتيعها بالسراح المؤقت. وتتابع خلية الرايدي، المكونة من 52 متهما من بينهم امرأة، بتهم «تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام عن طريق التخويف والترهيب والعنف وصنع المتفجرات والسرقة وعدم التبليغ والانتماء إلى ما يسمى ب«السلفية الجهادية» وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق»، كل حسب المنسوب إليه. وكانت مدينة الدارالبيضاء قد اهتزت يوم 11 مارس من سنة 2007 على وقع تفجير انتحاري في أحد محلات الأنترنت بحي سيدي مومن، بعدما أقدم عبد الفتاح الرايدي على تفجير حزام ناسف كان يخفيه تحت ثيابه، بعد أن دخل في نقاش مع مالك نادي الانترنت الذي منعه من ضرب لوحة المفاتيح وهو ما لم يرق لعبد الفتاح الرايدي، الذي كان يحاول الاتصال بأحد الأشخاص وجرب قبل ذلك عددا من محلات الانترنت دون جدوى، ليتدخل رواد المقهى من أجل احتواء النزاع قبل أن يعمد صاحب المحل إلى محاولة إقفال باب المحل والاتصال بالشرطة وهي نفس اللحظة التي قام فيها عبد الفتاح الرايدي بتفجير نفسه، فيما عمل يوسف الخودري على التخلص من حزامه الناسف والفرار من المكان، وهو يحمل جروحا بليغة وحروقا في وجهه وأنحاء متفرقة من جسمه، حيث توجه نحو الطريق السيار وحاول وضع كيس بلاستيكي على وجهه لإخفاء آثار التفجير قبل أن يتم اعتقاله من طرف المصالح الأمنية.