قال لويس بلاناس بوشاديس، السفير الإسباني المعتمَد في المغرب، إنه لن يكون شاهدا على مشروع «الربط القار بين أوربا وإفريقيا، بواسطة نفق بحري»، مستدركا بالقول إن أولاده قد يعبرون النفق في المستقبل. وأضاف بلاناس، خلال حديثه أمام مئات المشاركين، بمن فيهم السياسيون ورجال الأعمال في المنتدى الاقتصادي «مالقة اليوم»، الذي عُقِد يوم أول أمس، أن «مشروع الربط القار بين أوربا والمغرب قد يكون قابلا للتحقيق في غضون 20 أو 30 سنة»، معبرا عن أسفه لكونه لن يرى، شخصيا، المشروع بعد أن يصبح حقيقة مجسَّدة. وحسب يومية «أ.ب.س» الإسبانية، فإن السفير الإسباني في الرباط كشف عن الصعوبات الفنية التي تواجه مشروع الربط القار، مشيرا في معرض حديثه، إلى أن النقطتين الأقرب بين مدينة الجزيرة الخضراء ومدينة سبتة، يبلغ عمق البحر فيهما 1000 متر، بينما يتقلص العمق إلى 200 متر في مسار آخر أطول، مضيفا أنه تم الشروع في إنجاز الدراسات الفيزيائية والجيولوجية وكذا الاقتصادية، فضلا عن الجوانب الهندسية، في أفق ربط القارتين أوربا وإفريقيا. وأوضح لويس بلاناس أن تطوير البنية السياحية في شمال المغرب، من خلال ميناء طنجة المتوسط، لا يصح أن ينظر إليه الفاعلون في منطقة الاقتصاديين في مدينة «مالقة» على أنه منافسة لما هو موجود في جنوبإسبانيا، على اعتبار أن المرافق السياحية المتوفرة على طول ساحل «كوسطا ديل صول» الأندلسي لا يمكن مضاهاتها، وبالتالي فإن تأهيل القطاع السياحي في شمال المغرب يعد، حسب السفير، تكاملا بين البلدين في هذا المجال، مشددا على أنه لا مبرر لتخوفات الجانب الإسباني، داعيا إلى خلق مشاريع مشتركة للتعاون والتكامل بين الفاعلين في البلدين، بموازاة الفرص الاستثمارية الواسعة الأخرى المتاحة في القطاعات التقليدية، من قبيل الزراعة والصيد البحري والصناعة الغذائية والطاقة وعالَم المال، ما يستدعي، حسب السفير، التوجه إلى المغرب ومعاينة الوضع الاقتصادي فيه. وبخصوص مستقبل السفير الإسباني في المغرب، علمت «المساء»، من مصادر مطلعة، أنه بصدد إجراء الترتيبات والاستعدادات الضرورية لمغادرته المغرب، حيث سيتم تعيين شخصية دبلوماسية وازنة محله. وكشفت المصادر ذاتها للجريدة أن السفير الإسباني سيقيم، يوم 24 من الشهر القادم، حفلة وداع خاصة، في مقر الدبلوماسية الإسبانية، فيما سينظم القنصل العام الإسباني، خافيير أوغارطي، في تطوان، حفلة مماثلة قبلها، بسبب مغادرته المغرب كذلك، بعد قضاء فترة أربع سنوات المخصصة من طرف الخارجية الإسبانية لاعتماده قنصلا عاما في تطوان. وتعود فكرة مشروع النفق البحري، الذي كان يطلق عليه اسم «المشروع الفرعوني» نظرا إلى ضخامته، إلى سنة 1979، خلال أول زيارة قام بها العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس للمغرب، حيث اجتمع مع الملك الراحل الحسن الثاني، وتم تداول فكرة المشروع، خلال حفل عشاء أقيم في مدينة فاس، العاصمة العلمية للمغرب. ومنذ ذلك الوقت، دخل الربط القار بين المغرب وإسبانيا غياهب النسيان سنواتٍ طويلة، قبل أن يدخل خلال السنوات الأخيرة غرفة الإنعاش، في محاولة جادة لتحقيقه، على غرار النفق الرابط بين بريطانيا وفرنسا. وسبق لمانويل مورون ليدرو، رئيس سلطة ميناء الجزيرة الخضراء، أن صرح بأن مشروع الربط البري هو «مشروع مستقبلي ما يزال بعيدا». ويتوقع أن نشاط النقل البري عبر النفق سيكون مكملا لنشاط النقل البحري. وقال مورون: «عندما يتحقق مشروع النفق في المستقبل، سيكون حجم الرواج في المضيق قد تطور إلى درجة يصبح معه وجود نقل بالسكك الحديدية، عبر النفق، أمرا مطلوبا ومرغوبا فيه، لتخفيف الضغط على الموانئ».