تشكل الدورة الثالثة عشرة من عيد الكتاب، المنعقدة من 4 إلى 11 يونيو الجاري، حلقة أخرى في مسار هذا المعرض الذي تحرص المديرية الجهوية لوزارة الثقافة في جهة طنجة -تطوان على انتظامه السنوي، إيمانا منها بدوره التنويري وحرصا على تكريس فعل القراءة وإتاحة جديد دور النشر المغربية، في مجالات الآداب والفكر والفنون التعبيرية المختلفة، لجمهور القراء، بما تحمله هذه المقاصد جميعها من سعي إلى الرفع من وتيرة استهلاك الكتاب وصياغة لحظة تواصل منتج بين مختلف المتدخلين في صناعته واقتنائه، مؤلفين وناشرين وصحافيين ومتلقين. وقد تم اختيار اسم المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري عنوانا لهذه الدورة، وفاءً من المنظمين لتراثه الفكري ورمزيته الثقافية. وجعلت مفتتَحَ الفعاليات الثقافية المواكِبة للمعرض، ندوةً حول إعادة قراءة مشروعه الفلسفي، بما يسلط الضوء، من جديد، على اجتهاداته النقدية واستشرافاته النهضوية الرائدة، يسهم فيها ثلة من المفكرين المغاربة ممن زاملوه أو تتلمذوا على يديه أو واكبوا مشروعه، بالقراءة والنقد. بينما انفتحت باقي فقرات البرنامج الثقافي على مجمل الكتابات الفكرية والنقدية والإبداعية المغربية، حيث تتضمن فعاليات هذه السنة تقديم 21 إصدارا جديدا وندوة عن «واقع النشر في المغرب» وجلسة احتفائية بالتجربة التشكيلية لفقيد المغرب ومدينة تطوان، الفنان المكي مغارة، ولقاء مفتوحا مع عالم اللسانيات المغربي، الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري، فضلا عن قراءات شعرية وقصصية وورشات للحكي والتشكيل والمسرح. ولعل الإضافة الأساسية للبرنامج الثقافي لهذه السنة هي سعيه إلى خلق نوع من التوازن في تقديم ومناقشة الإصدارات الجديدة، حيث سيتم تقديم دواوين شعرية وروايات ومجاميع قصصية وكتب نقدية وفكرية وسياسية، جنبا إلى جنب، مع مؤلفات في الموسيقى والسينما، تمثل خريطة الإبداع المغربي في شموليتها، مع احتفاء خاص بإبداعات الجهة التي تحتضن هذا المعرض. ولجعل المعرض فضاء ليس فقط لتقديم الكتب واستحضار المؤلفين وعقد الصلة بينهم وبين القراء، وإنما لحظة لنقاش فكري مولد ينخرط فيه مجمل الفاعلين والمشتغلين في مِهَن الكتاب، ارتأت المديرية الجهوية لوزارة الثقافة في جهة طنجة -تطوان توجيه الدعوة إلى ثلة من أبرز الباحثين والنقاد، لتقديم الإصدارات الجديدة والإسهام في الندوات وشق مسار من التواصل الخصب والنافذ بين منتجي الكتاب ومستهلِكيه، بما يوسع من مدار القراءة ويعمق الوعي بوظائفها الإنمائية. هكذا يكون عيد الكتاب لحظةً للتفكير في مسار الثقافة والتثقيف، في المغرب وفي الجهة، ومحطة سنوية لتقييم إنجاز الكتابة والتلقي، يحتفي بالرصيد المنتج، بقدر ما ينظر إلى أفق المستقبل. وليس صدفة أن يتزامن عيد الكتاب مع نهاية الموسم الدراسي، فهي الفترة المثالية لربط القراءة التعليمية بالقراءة التثقيفية، بما يمنح للمعرض تأثيرا ومردودية أكثر في أوساط التلاميذ والطلاب في المدينة والجهة.