هناك عقوبة واضحة في القانون المغربي لإهانة موظف أثناء تأدية مهامه، وكلمة الإهانة هنا محصورة على السب والقذف، لكن البعض قد يتجاوز ذلك إلى الصفع دون أن تتحرك الفصول القانونية، كما وقع لدركي بأحد مطاعم مدينة تمارة. الحادث وقع الأسبوع الماضي، وكانت بطلته هذه المرة ابنة وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، بعد خلاف داخل مطعم مطل على الشاطئ، وهو الخلاف الذي كاد أن يتطور إلى الأسوأ بفعل الحالة العصبية التي كانت عليها، ليتم استدعاء الدرك من أجل احتواء المشكل، غير أن الدركي المسكين الذي حاول التدخل وجد في استقباله صفعة قوية أصابت الحاضرين بالذهول. هذا الموقف جعل باقي العناصر تقوم باقتياد ابنة البصري إلى المخفر، غير أن الهواتف النقالة ستستخدم بعض الأرقام التي مكنتها في الأخير من العودة إلى بيتها، تاركة لدى عناصر الدرك صفعة قوية على وجه زميلهم، كتوقيع يعطي صورة واضحة عن الكيفية التي يتعامل بها البعض مع القانون. واقعة أخرى حدثت بالرباط، لازالت التحقيقات متواصلة بشأنها، لكن أبطالها هذه المرة رجال أمن حاولوا تحريف مسار حادث سير أدى إلى مقتل عنصر في الاستعلامات، عن طريق فبركة محضر يصور الحادث على أنه انتحار، لإعفاء المتسبب فيه من قضاء عقوبة حبسية قد تهدد مساره المهني. حيث شرع قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بسلا في الاستماع إلى ضابط شرطة، وعنصر من الصقور، إضافة إلى عنصرين تابعين لمصلحة حوادث السير، في فضيحة تزوير محضر وتحويل حادثة سير مميتة أدت إلى مقتل عنصر أمني، إلى واقعة انتحار. مصادر مطلعة أكدت أن البحث في هذه القضية قد يكشف عن المزيد من الأسماء المتورطة التي مارست عددا من التدخلات من أجل تجنيب سائق السيارة الذي ينتمي إلى عائلة ميسورة، المتابعة القانونية، إثر تسببه في قتل عنصر من الاستعلامات العامة يعمل بمدينة الرباط، بعد أن دهسه بسيارته بأحد شوارع العاصمة قبل أسبوعين. ذات المصادر أضافت أن هذه القضية قد تطيح بعدد من الأشخاص، وكذا ببعض المسؤولين الأمنيين بالرباط، خاصة بعدما تسرب أن الضابط أكد أنه نفذ تعليمات وجهت إليه من أجل القيام بتحريف مسار الملف، ولم تستبعد ذات المصادر أن تتم الاستعانة بشرائح الهاتف النقال الخاص بهؤلاء لضبط المكالمات الهاتفية التي تم إجراؤها بعد الحادث، وتحديد هوية أصحابها لكشف مدى تورطهم في هذه الفضيحة التي أعادت إلى الواجهة قضية المحاضر المطبوخة، خاصة وأن المعطيات الأولية تشير إلى تدخل عدد من الأشخاص في هذا الملف من باب التعاطف مع صاحب السيارة بالنظر إلى العلاقة التي تجمعهم به. قاضي التحقيق سيستمع أيضا لرجل وسيدتين أدلوا بشهادتهم في هذا الملف الذي تكشفت خيوطه بعد أن رفضت زوجة الضحية الرواية التي تضمنها المحضر المزور، والتي تقول إن الضحية تعمد إلقاء نفسه أمام السيارة، مما تسبب في مصرعه، لتبادر بدورها إلى القيام بسلسلة من الاتصالات بعدد من المسؤولين، ليتقرر بعدها إجراء بحث في الموضوع والاستماع إلى العناصر الأمنية التي تكلفت بإنجاز محضر المعاينة، لتتضح عملية التزوير التي مكنت من إخلاء سبيل صاحب السيارة في البداية قبل أن يتم اعتقاله من جديد رفقة العناصر الأمنية، لتنضاف إلى التهم الأولى، التي حاول التهرب منها، تهم أخرى تتعلق بالتزوير والمشاركة. البحث الذي سيباشره قاضي التحقيق من المنتظر أن يكشف أيضا الدوافع الحقيقية التي فرضت على المتورطين اللجوء إلى تزوير المحضر عوض إنجاز معاينة قانونية، وتسجيل الواقعة كحادثة سير، وما إذا كان الأمر مرتبطا بالحالة التي كان عليها السائق لحظة وقوع الحادث.