مازال الغموض يلف اختفاء أدوية التخدير من مستشفى ابن رشد في البيضاء، منذ أزيد من سنتين، وكذا مصيرَها والجهةَ التي كانت ستستقبلها، خاصة أن الممرض الذي ضُبطت بحوزته كمية الأدوية، حسب مصادر طبية، لم يتمَّ إيقافه أو اتخاذ إجراء رادع في حقه. واعتبرت المصادر نفسها أن فتح تحقيق في الحادث كان بإمكانه أن يفضح بعض الممارسات التي تجري في الخفاء، والتي تحرم مواطنين يلجؤون إلى المؤسسات الاستشفائية العمومية من الأدوية، حتى تستفيد منها جهات أخرى تعمل في الظل، أو قد تحدث في هذه المستشفيات خصاصا كبيرا. وطالبت المصادر الطبية بفتح تحقيق مستعجل لمعرفة مصير تلك الأدوية، علما بأنها كانت غير موجودة في السوق ساعة سرقتها، وهو ما كان من شأن التحقيق أن يبين الجهة التي كانت ستستقبل هذه الأدوية، خاصة وأن الممرض الذي ضُبطت بحوزته يعمل في مؤسسة أخرى خاصة، وهو ما يفسر فرضية ترويجها في جهة ثانية... وتعود فصول الحادث إلى 20 يوليوز 2007، عندما تم ضبط شخص في المركب الجراحي المركزي لابن رشد، متلبسا وبحوزته أدوية التخدير المستعمَلة داخل المركبات الجراحية، وقيمتها تناهز، حسب المصادر نفسها، 11 مليون سنتيم، وذلك بعد تلقي الحارسين العامين اللذين كانا يقومان بالمداومة ليلا مكالمةً هاتفية مجهولة تخبرهما بتفاصيل السرقة التي كانت تتكرر باستمرار. وضُبطت كمية الأدوية في صندوق سيارة الممرض، غير أنه تم إخلاء سبيل الممرض دون تقديم أي تبريرات، حسب المصادر ذاتها. وتساءل مهنيون من داخل المستشفى عن الأسباب الحقيقية التي جعلت إدارة ابن رشد تَصرِف النظر عن فتح تحقيق في هذه النازلة التي تتعلق بسرقة موصوفة ومحاولة إخفاء معالمها، في الوقت الذي سبق أن توبعت فيه سيدة تعمل في مطبخ المستشفى وفي حوزتها كمية من البطاطس لا تتجاوز خمسة كيلوغرامات. واستنكر بعض المرضى في ابن رشد تمديد مواعيد الفحوصات إلى فترات وصفوها ب»غير المعقولة»، حيث إن إحدى السيدات كانت نقلت إلى المستشفى في شهر فبراير الماضي في حالة صحية صعبة كانت تستدعي إجراء فحص إشعاعي عاجل لها، حُدِّد لها موعد من أجل إجراء هذا الفحص في شهر يوليوز المقبل، وهو تاريخ قد تكون فيه المريضة قد فارقت الحياة، في حال عجزها عن اللجوء إلى المصحات الاستشفائية، خاصة وأن أغلب المرضى الذين ينتمون إلى الفئات الهشة يتوجهون إلى ابن رشد بسبب عجزهم المادي، ويجبَرون، بسبب ذلك، على الانتظار لعدة شهور. واتصلت «المساء» بالمدير العام للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، لأخذ تصريحه بخصوص قضية اختفاء أدوية التخدير وكيفية برمجة مواعيد العلاج بسبب الضغط المسجَّل على المستشفى الذي يستقبل مرضى من جميع المناطق المغربية، غير أنه تعذر عليها ذلك.