يعد محمد تقي الدين الهلالي، المكنى أبا شكيب بسبب تسمية ولده على اسم شكيب أرسلان، أول من أدخل الدعوة السلفية إلى المغرب بعد تلقيه العلم في المملكة العربية السعودية وتأثره بالسلفية العلمية الوهابية بها، لذلك فهو أبو السلفية المغربية. ولد الهلالي في قرية «الفرخ» من بادية سجلماسة في المغرب عام 1311ه، التي هاجر إليها أجداده من القيروان في تونس في القرن التاسع الهجري، حيث كان والده وجده من العلماء الفقهاء المعروفين. سافر الهلالي إلى الجزائر، حيث تلقى العلم على يد محمد حبيب الله الشنقيطي، وفي عام 1340 عاد إلى المغرب حيث حضر تتلمذ على العلماء في مدينة فاس، وكان من شيوخه الذين تلقى العلم على أيديهم الشيخ الفاطمي الشراوي، والشيخ محمد العربي العلوي، والشيخ أحمد سكيرج، كما حصل على شهادة من جامع القرويين. وبعد ذلك سافر إلى القاهرة حيث التقى محمد رشيد رضا وبعض العلماء السلفيين، ومن مصر توجه إلى الحج، ثم إلى الهند، حيث اجتمع بعلماء أهل الحديث وأخذ العلم عن الشيخ عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري، وهو أفضل علماء الهند في ذلك الوقت. ومن الهند توجه إلى «الزبير» في العراق، حيث التقى العالم الموريتاني محمد الأمين الشنقيطي، مؤسس مدرسة النجاة الأهلية بالزبير، وتزوج ابنته، ومن الزبير سافر إلى مصر، ثم إلى المملكة العربية السعودية، حيث أعطاه محمد رشيد رضا توصية إلى الملك عبد العزيز آل سعود قال فيها: «إن محمد تقي الدين الهلالي المغربي أفضل من جاءكم من علماء الآفاق، فأرجو أن تستفيدوا من علمه في ضيافة الملك عبد العزيز». أقام فترة في العراق، وبعد الانقلاب عام 1959 غادرها عائدا إلى المغرب، حيث عمل أستاذا في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، وفي 1968م تلقى دعوة من الشيخ عبد العزيز بن باز رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة للعمل أستاذاً بالجامعة منتدبا من المغرب، وبقي يعمل إلى 1974م حيث ترك الجامعة وتفرغ للدعوة بالمغرب. وبين تلك الفترة ووفاته في يونيو 1987 ظل يتنقل في أرجاء المغرب لنشر الدعوة السلفية، وقال في بعض كتاباته عن تلك المرحلة: «والذي يظهر لي أن الشباب في المغرب وخصوصا المتعلمين في الجامعة دائبون على التباعد عن الإسلام، وبعضهم لا يكتفي بالتباعد بل يعادي الإسلام . وقد دعوت إلى الإسلام بوجهه الأول الذي لم يبدل ولم تشوهه البدع المحدثة، فاستجاب لي بحمد الله خلق كثير وفيهم شباب كثير من متعلمين وغير متعلمين، ولكن هؤلاء إذا قيسوا بغيرهم كنقطة من بحر أو كشعرة بيضاء من حيوان أسود. ولا أراهم إلا سائرين في طريق الكفر سيرا حثيثا، إلا إذا يسر الله انتشار الدعوة السلفية المحمدية الحنيفية حتى تعم المغرب كله، وما ذلك على الله بعزيز، والبلدان الأخرى ليست أحسن من بلادنا بل قد تكون أقبح، لأن المغاربة لم يطرأ عليهم التباعد عن الإسلام إلا منذ تسع وخمسين سنة، أي منذ دخول الفرنسيين مستعبدين، ولا يزال المغاربة أكثر قبولا».