تختلف نظرة المواطن المغربي إلى الموثق، حيث إن بعض الذين تحدثنا إليهم يعتبرون أنهم يجهلون مهام الموثق ويعتقدون أنه متخصص في توثيق عقود العقارات التي تتطلب قروضا من البنك، كما أنهم يؤاخِذون على الموثق كتابة العقود باللغة الفرنسية عِوض العربية، غير أن مشروع القانون الجديد سيجعل كتابة العقود تتم باللغة العربية. وتعرف المحاكم العديد من الملفات تهم الموثقين، آخرها الملف الذي أضحى يعرف باسم «شبكة الموثقين»، المعروض على أنظار محكمة الاستئناف في سلا، والذي يتابَع فيه المتهمون بتهمة «تكوين عصابة إجرامية والتزوير والمشاركة فيه والنصب والمشاركة فيه وخيانة الأمانة»، ويهم الموضوع ملفَّ نصبٍ يهمُّ عقارا في ملك الدولة في الدارالبيضاء. وانطلق البحث في الملف في بداية شهر مارس الماضي، بناء على شكاية تقدمت بها إحدى الشركات. وحسب مقربين من الملف، فإن موثقا ذهب ضحية ثقته في الدركي الذي كان يستخلص أموالا من عمليات نصب واحتيال مفترضة. لم يكن هذا الملف الوحيدَ الذي يعرفه المغرب لأول مرة، فحسب المهنيين هناك ما يقارب 300 شكاية سنوية تُسجَّل ضد الموثقين. كما أن الموثق لديه معدل سنوي من التحقيقات التي يخضع لها، ويُرجع المهنيون ذلك إلى أنه كلما تنازع طرفان حول عملية بيع إلا وكان الموثق حاضرا في الملف. وهناك العديد من الشكايات التي تتوصل بها الصحافة حول ملفات تتعلق إما بالتزوير أو الاحتفاظ بالودائع دون وجه حق، ومن بين هذه الملفات ملف أسرة في تمارة تتهم موثقا بإبرام ثلاثة عقود بيع مختلفة لعقار كان في ملكية رب الأسرة، قبل وفاته، لفائدة أكثرَ من شخص في ظرف 10 أيام، والادعاء بأن المالك الأصلي للعقار تلقى مبالغ مالية عن كل عملية بيع. وجاء في شكاية رفعها ورثة حمان لعبيدي أن الموثق «سعد.ل» الموجود حاليا رهن الاعتقال، «قام ببيع عقار بمقتضى ثلاثة عقود لأطراف مختلفة في الفترة ما بين 15 و24 يناير سنة 2007». وأكدت شكاية لأبناء حمان، توصلت «المساء» بنسخة منها وبنسخ من عقود البيع الثلاثة، أن أباهم لم يتوصل قيدَ حياته بأي مبلغ مقابلَ عملية البيع، على عكس ما يدعيه الموثق المشتكى به، الذي يقول إنه (حمان الأب) تسلم من محاسبته، في 15 يناير 2007، ملبغاً ماليا يصل إلى 1.231.485 درهم. وشددت زهراء لعبيدي، التي تنوب عن إخوتها في الشكاية المرفوعة أمام محكمة الاستئناف في الرباط، على عدم توصلها بأي وثائق تفيد باستخلاص أبيها للمبلغ سالف الذكر، خصوصا شيكا بقيمة 925 ألف درهم يقول الموثق المشتكى به إن لعبيدي الأب توصل به قيد حياته بتاريخ 12 فبراير 2007. ويقول ورثة لعبيدي إن الأطراف التي يدعي الموثق أنها اشترت العقار كانت في تواريخ إبرام العقود الثلاثة خارج أرض الوطن، وهو ما يعني أن المبيعَ لهم لم يشهدوا عملية إبرام عقود البيع. ففي العقد الأول، الذي تم إبرامُه بتاريخ 15 يناير 2007، كان وكيل أحد أطراف عقد البيع «يوسف ر.» في الديار الفرنسية، حيث إن وكالته تحمل توقيع عمدة العاصمة الفرنسية باريس في 18 يناير 2007، أي ثلاثة أيام بعد تاريخ انعقاد مجلس البيع. أما بالنسبة إلى العقد الثاني، فتقول أسرة لعبيدي إنه أبرم ما بين 15 و24 يناير 2007 وأطراف مغايرة تدعي أنها أبرمته مع الهالك في مجلس عُقد في الفترة ذاتها، في حين أُنجز العقد الثالث، حسب ورثة العبيدي، من طرف الموثق «سعد ل.» الموجود رهن الاعتقال في الوقت الراهن، بأطراف مغايرة عن العقدين الأول والثاني، أحدها تجمعه به علاقة قرابة، في نفس التاريخ ونفس المبلغ المالي، قبل أن يرفع شكاية لدى المحكمة الابتدائية في تمارة، في فاتح دجنبر 2008، للمطالبة بإتمام إجراءات البيع، بعد ثلاثة أشهر تقريبا من وفاة حمان لعبيدي، المالك الأصلي للعقار، في 4 شتنبر 2008. والمثير في الأمر أن معظم أطراف عقد البيع الثالث، كانوا كذلك خارج أرض الوطن لحظةَ إبرامه، حيث إن «أيمن ل.» غادر المغربَ في 27 غشت 2006 ولم يعد إليه إلا بتاريخ 18 ماي 2008، أي بعد حوالي خمسة أشهر من تاريخ إبرام العقود الثلاثة، بالإضافة إلى أن «يوسف ر.» كان، هو الآخر، خارج أرض الوطن، وتحديدا من أكتوبر 2006 إلى أكتوبر 2007، مما دل على أن «أيمن ل.» و«يوسف.ر» لم يحضرا مجلس عقد البيع في الفترة ما بين 15 و24 يناير 2007.