«كيف يعقل أن تمر قنوات شبكة الماء الشروب على مشارف عتبات منازلنا ونموت عطشا في جماعة «مستكمار»، ودون أن نتمكن من الاستفادة من ذلك إلا إذا أدى الواحد منا ما بين 12 ألف و15 ألف درهم، تكاليف الربط المفروضة علينا من طرف المكتب الوطني للماء الصالح للشرب؟..» يستنكر أحد ساكنة الجماعة، بكلّ حزن وأسى، قبل أن يسترسل في شرح الوضع المزري للسكان الفقراء والضعفاء الذين يقاومون من أجل العيش في البادية في ظروف قاسية وقاهرة... وتساءل إن لم يكن من حقّ مواطني جماعة «مستكمار» الذين ما زالوا يشربون ماء ملوثا، مثل الدوابّ، طيلة عقود من الزمان، أن يسعدوا بكأس ماء صالح للشرب، كباقي الناس؟... ثم يدعمه أحد جيرانه بقوله: «أنا ما عْمري شْفت مليون في حياتي... حنا موالفين بتامارة...مْوالفين نسقيو من الواد ومْن لْحواسي... الشكاية لله والرحمة في الله...». وقد استبشر سكان العالم القروي خيرا عندما انطلقت عملية إيصال الماء الصالح للشرب إلى البيوت في البوادي المغربية الفقيرة التي عانت وتعاني من العطش، كما تعاني مواشيها وحيواناتها، وتقرر سنة 2005 ربط دواوير جماعة «مستكمار» بشبكة توزيع الماء الصالح للشرب، على أن يتم الانتهاء من المشروع في غضون سنة واحدة... لم تدم فرحتهم طويلا، حيث انتهت الأشغال بعد أربع سنوات وتملص المكتب الوطني من وعوده وعجز السكان عن الاستجابة للشروط المادية الجديدة التي فرضها عليهم. «فبعد تحديد المكتب لمبلغ 2500 درهم، في بداية الأمر، كحدّ أقصى لرسوم الاشتراك في شبكة توزيع الماء، بناء على دراسة قام بإعدادها حول قدرة ومدى استعداد السكان للاستفادة من هذه المادة الحيوية وتوفير المصاريف الخاصة، في وقت تعاني فيه غالبية الأسر من ضعف المدخول أصلا، تراجع المكتب عن وعوده». وكانت أولى بوادر التراجع التي تحَمَّل تبعاتِها السكان، تأخُّر الأشغال لأكثر من أربع سنوات، حيث بدأت الأشغال في سنة 2005 ولم تنتهِ إلا في سنة 2009، لأسباب عديدة لا دخل للسكان فيها، وتخصُّ المكتب الوطني لوحده، لكن هذا الأخير ارتأى فرض زيادة تقدَّر بحوالي 9500 درهم لكل مواطن من الجماعة، ليصل المبلغ الإجمالي إلى 12 ألف درهم...«الأفضل لي أن أشتري بالمبلغ ذاته دابة أجلب عليها الماء، ولو من عشرات الكيلومترات وأتنقل عليها وتساعدني في الأشغال الأخرى...»، يقول أحد القرويين من ساكنة البلدة. لقد سبق لسكان جماعة «مستكمار» أن وجهوا رسالة /شكاية إلى المدير العام للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب في الرباط ونسخة منها إلى عامل إقليم تاوريرت، مؤرخة في ال19 دجنبر الماضي، تحمل 46 توقيعا، يلتمسون فيها مراجعة مصاريف الاشتراك في شكبة توزيع الماء الصالح للشرب في جماعة «مستكمار»، الواقعة تحت نفوذ إقليم تاوريرت، خاصة وأنهم ينتظرون صيفا حارا وقاسيا ومعاناة شديدة مع العطش، مع العلم بأن درجة الحرارة تفوق 45 ويصعب إيجاد الماء في المنطقة... «هذا ونحيطكم علما بأن أشغال مشروع تزويد جماعتنا بالماء الشروب انطلقت سنة 2005، وعند انتهائها صيف 2009، شرع المكتب فعليا في ربط المنازل بالشبكة، غير أنه وبدلا من تطبيق ما تم الاتفاق عليه مسبقا، فوجئنا أثناء تقديم طلباتنا قصد التزود بالماء الصالح للشرب، بقرار المصالح المعنية الرفعَ من كلفة الخدمة بشكل يفوق بكثير إمكانياتنا المادية الضعيفة أصلا، نتيجة توالي سنوات الجفاف وتفشي البطالة»، تقول الرسالة.