تخيم مجموعة من الأحلام الوردية على علاقة المقبلين على الزواج، حيث تشرع الفتاة رفقة خطيبها في التخطيط لترتيبات ما قبل الدخول إلى القفص الذهبي وطريقة تأثيث عش الزوجية، لكن تلك الأحلام سرعان ما تصبح كوابيس، خاصة بالنسبة للفتاة حينما يبدأ الخطيب في التنصل من وعوده ليصبح المهر الكبير والهدايا وليلة الزفاف في مهب الريح. فإلى أي مدى يؤثر عدم تحقيق هذه المطالب على نفسية العروس. زفاف «حسي مسي» رغم مرور أكثر من أربع سنوات على عقد قرانها لازالت فاطمة تشعر بالدونية كلما حضرت أحد الأفراح العائلية، والسبب عدم إقامتها حفلا كبيرا بعد أن عجز زوجها عن تأمين تكاليف العرس، واكتفاءها بحمل حقيبتها والتوجه إلى منزل الزوجية «حسي مسي». تحكي فاطمة قائلة: «بعد أن عشت قصة حب كبيرة مع زوجي، توجت بخطبة بسيطة، بدأت الأحلام الوردية لتفاصيل الزواج وعش الزوجية تدغدغ أحلامنا معا، قبل أن تجهض الواحدة تلو الأخرى. لقد وعدني بتقديم مهر 10 آلاف درهم وهدية من الذهب الخالص وهدايا أخرى، بالإضافة إلى المساهمة في تكاليف الزفاف، لكنه سرعان ما بدأ يتراجع عن وعوده الواحد تلو الآخر، حيث تقلص المهر إلى النصف وتبخرت الهدايا في الهواء، وأصبح الزفاف في خبر كان، وأقنعني بإنفاق الميزانية المخصصة لتلك الشكليات، كما سماها، في تأثيث عش الزوجية». تسكت فاطمة قبل أن تستطرد قائلة وهي تطلق زفرة قوية: «كانت صدمتي كبيرة عندما قام زوجي بشراء غرفة نوم بسيطة، أما غرفة الصالون فكانت مستعملة ومهداة من شقيقته. ورغم مرور أربع سنوات، مازلت أشعر أنني لم أكلف زوجي شيئا كلما حضرت عرس قريبة أو صديقة، ولمست مقدار ما ينفقه الزوج عليها قبل أن يخطوا معا بثبات نحو عالم الزوجية، دارتها القراية التي لم أكملها، لو أتممت تعليمي وحظيت بوظيفة محترمة لاستطعت أن أفرض شروطي». أميرة غير متوجة لم تتردد حكيمة في الموافقة على الارتباط بمصطفى، بعد أن رأت فيه فارس أحلامها الذي سيجعل منها أميرة متوجة، لكن تلك الأماني انهارت بمجرد عقد قرانها. تقول حكيمة: «خلال أيام الخطبة القصيرة أغدق علي الكلام المعسول ورسم لي الأحلام الوردية ووعدني بإقامة عرس ضخم سيكون محور حديث القريب والبعيد، وبإهدائي مجموعة من الهدايا، من ضمنها طاقم من الذهب الخالص، لكن (مع تنهيدة عميقة)، بمجرد عقد القران بدأ يتراجع عن جملة من وعوده، حيث تحول الحفل الضخم إلى حفل على نطاق ضيق جدا يضم المقربين، واقتصرت الهدية الثمينة على خاتم خطبة وإسورة، وهو ما جعلني أشعر بالانزعاج من تصرفه، فحضوري لأي عرس يجعلني متوترة و«يقلب علي المواجع»، لأن زوجي الميسور حرمني بتقتيره من تحقيق حلم ليلة العمر كما كنت أرسمها في خيالي، لأنه يعتبر نفسه «عريس همزة» تمكن من الزواج من فتاة تنتمي إلى أسرة بسيطة كل رأس مالها جمال ابنتها». لا شيء «يغلى» على ليلة العمر الاختلاف في وجهات النظر بخصوص النفقات المرصودة لإقامة حفل زفاف بدأت تتحول إلى نقاشات حادة تهدد استمرار الخطبة بين رضوان وإيمان. فهذه الأخيرة تريد أن تحتفل بإقامة عرس كما تخطط له رافعة شعار «لا شيء يغلى على ليلة العمر»، وترى أن تلبية العريس لمطالبها سترفع من شأنها أمام أفراد العائلة الذين يتنافسون بإقامة أعراس فخمة للتباهي. تقول إيمان (صاحبة مقاولة) بحزم: «لا يمكنني مجاراة خطيبي بالرضوخ لشرطه بين الحصول على مهر وهدايا ثمينة وبين التخلي عن جزء منهما مقابل إقامة عرس فخم، لأنني أريد الاثنين معا، ولن أكون أقل من شقيقاتي وبنات أعمامي وأخوالي. في بعض الأحيان أفكر في الاستجابة لشروطه، لكن أخاف أن ينكسر خاطري، فأنا أعتبر أن تحقيق رغباتي دليل على محبته لي وتقديره لي كزوجة مستقبلا». «تحميرة» الوجه أو لا شعار ترفعه آسية (إطار بنكي) في وجه خطيبها، خلال زيارتهما المتكررة لمحلات الصاغة، ممون الحفلات، الخياطة ووكالة الأسفار، فهي لن تقبل أن تكون أقل من صديقتها فلانة أو ابنة عمتها علانة، لأنه في نظرها كما يقول المثل المصري «مفيش حد أحسن من حد». تقول آسية:»صحيح أن تكاليف الفرح سأتقاسمها مع خطيبي، إلا أن الصداق والملابس والمجوهرات وتكاليف شهر العسل، سيتحملها وحده ولن أتنازل عنها، رغم ترديده على مسامعي بأن إنفاق كل تلك الأموال مجرد مظاهر لإرضاء المحيط الاجتماعي، وأنا أرى فيها «تحميرة للوجه» لي ولعائلتي التي لن تحتفل بعرسي سوى مرة واحدة في العمر رأي علم النفس على الزوجين التعامل مع الأمور بواقعية أكبر لضمان حياة زوجية سعيدة يشير محمد بوشنتوف، أخصائي في علم النفس، إلى أن الانتظارات تختلف من امرأة إلى أخرى، فانتظارات المرأة العاملة ذات المستوى التعليمي العالي من فارس أحلامها من مهر، وهدايا وغيرها تختلف عن انتظارات التي لا تعمل وتلك التي لم تكمل تعليمها. فهذه الأخيرة هي أكبر ضحية لتلك الانتظارات والوعود التي يغدقها عليها فارس أحلامها، وتكون صدمتها كبيرة حين تلامس أرض الواقع لتجد أن وعود أميرها قد تبددت في الهواء، مضيفا أن عدم الوفاء بالوعود، يجعل المرأة تعيش في حالة عصبية غير مستقرة، حيث تصبح حياتها الزوجية قابلة للانفجار لأقل وأتفه الأسباب مما يؤثر على استقرارها. وحدد الأعراض النفسية التي قد تصيب المرأة جراء ذلك، في: القلق، الأرق، اعتلال المزاج، فقدان الثقة، السمنة ، فقدان الشهية، والاكتئاب الذي يعتبر أخطر عارض نفسي يصيب المرأة. وينصح الدكتور محمد بوشنتوف المقبلين على الزواج بضرورة التعامل مع الأمور بواقعية أكبر لضمان حياة زوجية سعيدة، مؤكدا على أن الزواج رابط مقدس ليس محصورا في ليلة زفاف ومهر ومجموعة هدايا، بل على الزوجين التركيز على جوانب أخرى من حياتهما مثل الاستقرار والمودة المتبادلة واهتمام المرأة بالبحث عن جوهر الرجل المتمثل في الأخلاق والتدين وحسن المعاملة. أخصائي في علم النفس