قدم المهرجان الدولي التاسع للفيلم بمراكش، للمرة الثانية، أشرطة سينمائية، استعملت فيها تقنية "الوصف السمعي"، بطريقة تتيح للمكفوفين وضعاف البصر الاستمتاع بمتابعة الأفلام السينمائية داخل قاعة مخصصة لذلك. الإعلامي رشيد الصباحي (يمين) رفقة سعيد أوماسو وتمكن عدد من المكفوفين، ابتداء من اليوم الخامس من المهرجان، من مشاهدة خمسة أفلام، هي "عطلة السيد هيلو"، للمخرج جاك طاتي، و"الفطور عند تيفاني"، للمخرج بلاك إدواردس، و"الخدعة الكبرى"، للمخرج بيلي ويلدر، و"وداعا لينين"، للمخرج وولفكونك بيكر، ثم فيلم "البحث عن زوج امرأتي" للمخرج المغربي، محمد عبد الرحمان التازي، الذي منح مؤسسة المهرجان حقوق فيلمه الطويل بالمجان، لإعداده بتقنية الوصف السمعي بالعامية المغربية، لفائدة عشاق السينما من المكفوفين وضغاف البصر من المغاربة، إذ وفرت القناة الثانية الوسائل التقنية اللازمة لإعداد هذا الفيلم بهذه التقنية، بتسجيل النصوص بصوتي الإذاعيين، أمينة مجلال، ومحمد عمورة. وفي تصريح ل "المغربية"، قال الإعلامي المغربي رشيد الصباحي (مكفوف) المشرف على المشروع، إن هذه التجربة "رائدة على الصعيد العربي والإفريقي"، وهذه الفكرة بدأت في المغرب في بداية الستينيات من القرن الماضي، في إطار تكريم عابر فحسب، وليس تجربة قارة". وأوضح الصباحي أن المغرب حقق، من خلال مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، السبق في هذا المجال المثير للاهتمام، بتبنيه للتجربة كفاعلية دائمة في برنامج هذه التظاهرة العالمية، مشيرا إلى أن هناك مهرجانات أخرى عربية ودولية ترغب في استلهام هذه التجربة. وقال الصباحي إن تقنية "الوصف السمعي تروم تقديم وصف سمعي للحوارات والمشاهد الرئيسية المصورة في الفيلم، أثناء فترات الفراغ بين الحوارات أو المشاهد، لكي يتمكن المكفوفون وضعاف البصر من متابعة هذه الأفلام". وأوضح أن تجربة السنة الماضية عرفت "نجاحا باهرا"، إذ حضرها حوالي 113 مكفوفا من مختلف المدن المغربية، لكن هذه السنة عرفت تراجعا في عدد الأفلام المعروضة، التي تقلصت من ثمانية إلى خمسة، وقال إن ذلك يرجع بالأساس لاعتبارات تنظيمية. ونظمت ندوة للموسيقار المصري الكفيف، عمار الشريعي، الذي استعرض تجربته الخاصة في مجال السينما، من خلال الموسيقى التصويرية، التي ينجزها للأفلام، كما نظم معرض للصور للمكفوفين، بشعار"اللمس بالعين والمشاهدة باليد"، يضم 12 صورة التقطها سبعة مكفوفين، مغاربة وفرنسيون، حاولوا فيها إبراز مشاعرهم من خلال التصوير باستعمال حواسهم الأخرى، خاصة السمع، والتقاط صور جميلة يحكون فيها بالكتابة والصوت تجاربهم مع التصوير، وقدموا البرهان على أن بصائرهم لم تكف، وإن كفت أبصارهم. وتمكن الأشخاص المكفوفون وضعاف البصر من الاستفادة من المعرض بفضل مختلف وسائل الاتصال ذات المعاني غير المباشرة، أو التي تعتمد الإشارات، وتصور عمل المصور الفوتوغرافي، إذ وجدوا رهن إشارتهم جهازا يقدم معلومات ملموسة حول صورة، مطبوعة ومكتوبة بطريقة براي، مترجمة إلى مختلف اللغات. وتعود تجربة تنظيم معرض للمكفوفين إلى الطالب الفرنسي، جيروم بوكيون، الذي أنجز بمفرده، منذ سنة 2007، سلسلة من الصور الفوتوغرافية، من خلال تشجيع أشخاص يعانون عمى كليا أو جزئيا، على إنجاز صور فوتوغرافية، في إطار وجهة نظر اللمس بالعين، والمشاهدة باليد.