أعلن مارتن نيسيركي، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أول أمس الاثنين، أن بان كي مون ما زال يشعر بالقلق جراء وضع أميناتو حيدر..وأضاف أن بان كي مون كرر دعوة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي وجهها، الأسبوع المنصرم، إلى إسبانيا والمغرب من أجل "اتخاذ كل تدبير يمكن أن يسهل التوصل إلى حل المشكلة، وينهي المأزق الراهن". من حق بان كي مون أن يكون منشغلا. بيد أنه، بصفته أمينا عاما للأمم المتحدة، يفترض أن يكون انشغاله محسوبا بدقة، بالنقطة والفاصلة. وهذا ما لم يحدث في انشغاله الأخير، وهذا مؤسف جدا، لأن المطلوب من الأمين العام الأممي أن تكون انشغالاته حقيقية، وليست تافهة ولا مجانية، مادامت قضية أميناتو حيدر مفتعلة، تعكس أجندة سياسية لأسيادها في تندوف والجزائر، كان الأجدى بأمين عام أممي ألا تنطلي عليه الخدعة والتضليلات. كان يفترض في الأمين العام الأممي أن ينشغل، بشكل حقيقي وعميق، بالأوضاع المأساوية الموجودة في المخيمات، وعوض أن يكرر دعوة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي أطلقها من زاوية إنسانية محضة، كان عليه أن يتصرف وفق مقتضيات مهمته السياسية، ويسأل، أولا، هذا المفوض نفسه عن حقيقة الأوضاع في المنطقة برمتها، ويعرف منه ماذا يجري في أقاليمنا الجنوبية، التي تحبل بالأوراش التنموية، لتمكين السكان من أسباب العيش الكريم، في أجواء الحرية والديمقراطية، ثم يعرف منه حقيقة الأوضاع في المخيمات، التي أضحت ممنوعة على المفوضية، إذ لا يقبل حضورها إلا عندما يتعلق الأمر بالمساعدات الإنسانية، التي يتاجر فيها قادة البوليساريو، وعناصر معروفة من الأمن العسكري الجزائري، في حين، تمنع المفوضية، منعا مطلقا، من قبل الجزائر والبوليساريو، من ممارسة مهمتها الأممية، بإجراء إحصاء للسكان، لمعرفة العدد الحقيقي من الصحراويين الحقيقيين الموجودين فعلا في هذه المخيمات، لتمكين المفوضية من إحداث آلية أممية لمباشرة توزيع ومراقبة المساعدات الإنسانية، التي باتت مصدر ثراء فاحش لحفنة من المتنفذين الجزائريين والانفصاليين. هذا هو الانشغال الحقيقي، الذي يفترض أن يقلق الأمين العام الأممي، أما قضية أميناتو حيدر، فهو أعلم أنها أنكرت جنسيتها المغربية، وتخلت، طوعا، عن وثائقها الوطنية، فكيف يريد من المغرب أن يقبلها فوق ترابه المقدس، الذي لا يمكن، ليس للسلطات وحدها، بل لكل الوطنيين المغاربة، أن يقبلوا أن تدنسه دمية مسخرة لتنفيذ مؤامرة مفضوحة. كان أحرى بالأمين العام الأممي أن ينشغل بأبعاد هذه المؤامرة، لأنها لا تمس المغرب وحده، وإنما تمس الأممالمتحدة نفسها، لأنها مؤامرة على مسلسل المفاوضات، الذي تشرف عليه، ولأن هدفها هو نسف قرارات مجلس الأمن، التي تزكي وتدعو إلى حل توافقي، وحل سياسي متفاوض بشأنه. الأمين العام الأممي يفترض أن يكون محصنا من السقوط في تضليلات الحملة الدعائية ضد المغرب، الموضوعة في الجزائر وتندوف، باعتبار أن لديه، كأمين عام أممي، كل الوسائل والإمكانيات للتثبت من حقيقة ما يجري. ألم تروج الحملة إياها أن المدعوة أميناتو تعرضت للمضايقة والاختطاف والاحتجاز؟ ثم ظهر، بعد ذلك، بطلان هذه الادعاءات المجانية! الأمين العام الأممي يعرف، قبل غيره، أن جواز السفر يعني سيادة الدولة، وأن رفض هذه الوثيقة الوطنية هو تخل عن الهوية المغربية، وبالتالي، انعدمت في المعنية كل الشروط العادية للدخول إلى المغرب، لأن هذا الدخول، في هذه الحالة، يتحول إلى انتهاك سافر للسيادة الوطنية لدولة كاملة العضوية في الأممالمتحدة. ألا يدرك الأمين العام الأممي أن الحل لم يعد المغرب معنيا به، وإنما يعني المدعوة أميناتو نفسها، فإما أن تبقى في إسبانيا، أو تلتحق بأسيادها في تندوف، فهي حرة في أن تفعل بنفسها ما تشاء، حتى إذا أرادت أن ترمي روحها في البحر، فهي حرة؟! الأمين العام الأممي يعلم جيدا أن الحكومة الإسبانية أرادت تسوية حالة هذه الأميناتو، واقترحت منحها اللجوء السياسي بصفة استعجالية، فرفضته، ثم اقترحت عليها، بعد ذلك، وبصفة استثنائية، الجنسية الإسبانية وجواز سفر إسباني، فرفضته. وهنا بالذات، كان على بان كي مون أن يعرب عن الانشغال والقلق، وألا يخطئ في العنوان عندما يعلن القلق، فالمعني ليس المغرب، ولا حتى إسبانيا، وإنما الجزائر والبوليساريو، فهم المحرضون، وهم أصحاب المخطط، وهم الممولون، وواضعو آليات تنفيذ المناورة، أما أميناتو حيدر، فمجرد واحدة تافهة، ارتضت لنفسها أن تكون دمية مسخرة... ولا نظن أن هذه الحقيقة يمكن أن تخفى على نباهة الأمين العام للأمم المتحدة.