تتواصل بقصر المؤتمرات في مراكش، أشغال المؤتمر الثالث لرؤساء النيابات العامة والنواب العامين والمدعين العامين ورؤساء هيئات التحقيق والادعاء العام والوكلاء العامين بالوطن العربيمن الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ويتداس اللقاء، الذي نطلقت أشغاله يوم الثلاثاء المنصرم، بمشاركة 22 دولة عربية، مستجدات الساحة الإقليمية والدولية في مجال الجريمة المنظمة العابرة للحدو، وسبل مكافحتها، ليتسنى أخدها بعين الاعتبار عند وضع أي استراتيجية مشتركة للتصدي لها ومواجهتها. ويتطلع المشاركون في المؤتمر، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى الدفع بالعمل العربي المشترك في مجال التعاون القضائي بصفة عامة، وتفعيل مضامين التوصيات، التي انبثقت عن المؤتمرين، الأول بالأردن سنة 2007، والثاني بالعاصمة السعودية الرياض سنة 2008، والتي تصب كلها في إيجاد مساطر موحدة ومشتركة بين النيابات العامة العربية، وملامسة العقبات التي تعترض تنفيذها للعمل على إيجاد الوسائل والآليات الكفيلة بتذليلها. وستتمحور أشغال المؤتمر، الذي سيمتد على مدى ثلاثة أيام، حول مجموعة من المواضيع المهمة، جرى تقسيمها إلى تسعة محاور، تهم بالخصوص، تفعيل العمل بشأن الإنابة القضائية بين الدول على ضوء الأحكام التي تضمنتها الاتفاقيات الدولية والتشريعات الجزائية الداخلية، والإرهاب وكيفية مواجهته وتعقبه، ودور النيابة العامة بالمهن المتعلقة بمراقبة المخالفات البيئية ومراقبة البضائع والسلع، من حيث الجودة والسلامة والأمن الغذائي، في إطار العولمة الاقتصادية، وحرية نقل البضائع، ومحاربة الجرائم الاقتصادية والمخدرات، واستغلال الأطفال والنساء، ودورها كذلك في تفعيل النصوص الجنائية المستجدة في مجال جرائم الإرهاب، وتبييض الأموال واختلاس الأموال العامة، وجرائم الحاسب الآلي والجرائم المنظمة العابرة للحدود، وما سيتتبعها من مواكبة للتشريعات الجنائية لهذه الجرائم. وقال عبد الواحد الراضي، وزير العدل، إن المؤتمر مناسبة سانحة لتبادل التجارب والخبرات الإقليمية والدولية، من أجل إقامة نظام قضائي متين وقوي، قادر على المساهمة الفعالة في بناء الدولة الديمقراطية المبنية على أسس القانون، تقوم فيه النيابة العامة بدور ريادي في حماية حقوق الإنسان، وصيانة الحريات الفردية والجماعية. وأضاف الراضي، في كلمته أثناء افتتاح أشغال المؤتمر، أن أعضاء النيابة العامة مطالبون ببلورة دور النيابة العامة، التي تشكل نصف الجهاز القضائي، من خلال دعم التجانس والتكامل بين وظيفتهم كضامنين لحقوق الإنسان، وبين دورهم في مكافحة الجريمة، عبر ترسيخ الرؤية التوقعية الحقوقية المطمئنة والموضحة للضمانات التي يكفلها القانون. ودعا وزير العدل النيابة العامة إلى دعم عملية العصرنة والتحديث، التي انخرطت فيها العدالة العربية في اتجاه تعزيز الاستقلال الفعلي للقضاء، وتقوية سلطته بوصفه شرطا ضروريا لحماية الحقوق والحريات، وضمان الأمن القانوني. وأكد عبد الواحد الراضي على ضرورة انخراط أعضاء النيابة العامة في النهج الإصلاحي القائم، والإسهام الجاد والفعال في تسريع وتيرته القصوى، ليكون الجهاز القضائي في مستوى الطموحات المشروعة للمتقاضين. وأشار إلى أن دور النيابة العامة في حماية الأفراد والمجتمع في إطار من العدل والمساواة، يشكل حافزا من حوافز التشجيع على الاستثمار، بما يشكله من ضمانة لحماية الممتلكات وحسن التدبير والوقاية من الانحرافات وضمان الأمن الاقتصادي. من جانبه، أكد مصطفى مداح، الوكيل العام لدى المجلس الأعلى، على ضرورة خلق آليات للتعاون بين أجهزة النيابات العامة العربية، لضمان تنسيق الجهود وتبادل المساعدات بشكل سريع، للتصدي للمد الإجرامي المعاصر والعابر للحدود، بالنظر إلى المسؤولية الموكولة لهذه الأجهزة في مجال مكافحة الجرائم وملاحقة مرتكبيها. واعتبر الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى، في مداخلته، أن التعاون المشترك بين الدول العربية المشاركة، جاء من أجل تبسيط الإجراءات، وتبادل المعلومات للتصدي للجريمة بجميع أشكالها، واقتلاعها من جذورها.