صادق المشاركون في أشغال المؤتمر الثالث لرؤساء النيابات العامة والنواب العموم والمدعين العامين ورؤساء هيئات التحقيق والإدعاء العام والوكلاء العامين بالوطن العربي، على إنشاء الأمانة الفنية للنيابات العامة بدولة قطر، التي ستحظى بشرف تنظيم المؤتمر الرابع، خلال السنة المقبلةمن أشغال المؤتمر الثالث لرؤساء النيابات العامة بالدول العربية (خاص) بالإضافة إلى تشكيل لجنة تضم ممثلي رؤساء النيابات العامة، لدراسة مشروع إستراتيجية التعاون المباشر بين أجهزة النيابات العامة بالدول العربية بمقر المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية ببيروت، خلال سنة 2010. وأكد رؤساء الوفود العربية المشاركة في المؤتمر، الذي اختتمت أشغاله، أول أمس الخميس بمراكش، أهمية وجود مرجعية واحدة من خلال إعداد اتفاقية عربية موحدة تقوم مقام المعاهدات الثنائية والإقليمية في ما يخص تسليم الأسرى والمجرمين والإنابة القضائية وحضور الشهود والخبراء، وإحداث فرق تحقيق مشتركة لتنفيذ بعض الأحكام الزجرية الأجنبية. وأجمع المشاركون، الذين ينتمون إلى 17 دولة عربية، على ضرورة تفعيل التوصيات السابقة المنبثقة عن المؤتمر الأول والثاني في كل من الأردن والسعودية، حول أهمية تبادل الخبرات بين أجهزة النيابة العامة العربية، مع تكليف المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية بجمع الاتفاقات الدولية المتعلقة بالتعاون المباشر بين الأجهزة القضائية، وجمع وتلقي مقترحات وملاحظات النواب العموم، وعرضها على لجنة لعقد اجتماعها بالعاصمة القطرية الدوحة، قبل انطلاق أشغال المؤتمر الرابع. وشدد المتدخلون، في الجلسة الختامية، التي ترأسها مصطفى مداح، الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى، على ضرورة إنشاء موسوعة بيئية إلكترونية تضم تشريعات وطنية ودولية، ووضع القواعد اللازمة، بالاستعانة بكافة الأجهزة الأمنية لحماية البيئة، ومحاربة الجرائم الاقتصادية، ومكافحة المخدرات، واستغلال الأطفال والنساء. ومن بين المواضيع التي وقع عليها الاختيار من طرف المشاركين لمناقشتها في المؤتمر الرابع بالدوحة السنة المقبلة، تلك المتعلقة بالجرائم المعلوماتية وتسهيل التعاون الفعال بين الدول لمعالجتها، وإقرار مشروع استراتيجية عربية لمكافحة الجرائم المرتبطة بالإرهاب، والجرائم المتعلقة بالبطاقات البنكية، وإقرار استراتيجية التعاون بين النيابات العامة العربية، وتفعيل الآليات الدولية في مجال مكافحة الإرهاب. وكان رؤساء الوفود العربية المشاركة في أشغال المؤتمر الثالث لرؤساء النيابات العامة، والنواب العموم، والمدعين العامين، ورؤساء هيئات التحقيق، والادعاء العام، والوكلاء العامين بالعالم العربي،أكدوا، ضرورة إيجاد آليات موحدة، بين جميع الدول العربية، لمكافحة جرائم الإرهاب، وغسل الموال، والحساب الآلي، والجرائم المنظمة العابرة للحدود، من خلال تعقب آثار المجرمين، نظرا للخطورة الاجتماعية والاقتصادية لهذده الجرائم. ودعا المتدخلون في جلسة العمل الثانية، على هامش المؤتمر، المنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، الذي انطلقت أشغاله، الثلاثاء الماضي، بقصر المؤتمرات بمراكش، إلى توحيد العمل القضائي بين الدول العربية لمحاربة هذه الجرائم، نظرا لما ينتج عنها من خسارة اقتصادية، يمكن أن تؤثر على النمو بالعالم العربي، خصوصا بعد استعراض إحصائيات صندوق النقد الدولي المتعلقة بحجم غسل الأموال، التي تصل إلى 590 مليار سنتيم سنويا، أي ما يعادل 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وكشفت إحصائيات صندوق النقد الدولي عن مبلغ 688 مليارا سنويا، إجمالي الدخل المتحقق من عملية المخدرات غير القانونية، منها 23 مليارا لأوروبا، و150 مليارا للولايات المتحدة، و5 ملايير لبريطانيا، و500 مليار دولار لباقي بقاع العالم. وتمحورت المناقشات حول دور النيابات العامة في تفعيل النصوص الجنائية، المستجدة في جرائم الإرهاب، وتبييض الأموال، واختلاس الأموال العامة، وكيفية مواجهة وتعقب مرتكبي هذه الجرائم من طرف النيابات العامة، بالإضافة إلى تقديم الاستراتيجيات العربية في هذا الإطار من طرف الوفود المشاركة، كما شملت المداخلات بعض النماذج المشتركة لدى النيابة العامة، في إطار التعامل مع هذه الظواهر. وفي ما يخص مسألة السلطات التشريعية للمؤتمر العربي الثالث، اعتبر المتدخلون أن الصلاحيات التشريعية يجب أن تطرح من أعضاء المؤتمر إلى الدول التي ينتمون إليها، وإلى السلطات التشريعية، لكي تقر في أن يكون هناك تشريع مشترك لتوحيد القوانين الجنائية، وقوانين الإجراءات المسطرية، لكل دولة على حدة. ويتطلع المشاركون في المؤتمر، الذي تحضره 17 دولة عربية، من أصل 22 ، إلى الدفع بالعمل العربي المشترك في مجال التعاون القضائي، بصفة عامة، وتفعيل مضامين توصيات المؤتمرين، الأول بعمّان، سنة 2007، والثاني بالرياض، سنة 2008، التي تصب في إيجاد مساطر موحدة ومشتركة بين النيابات العامة العربية، وملامسة العقبات، التي تعترض تنفيذها، للعمل على إيجاد الوسائل والآليات الكفيلة بتدليلها. وتركزت المداخلات حول مجموعة من المواضيع، جرى تقسيمها إلى تسعة محاور، تهم تفعيل العمل بشأن الإنابة القضائية بين الدول، على ضوء الأحكام التي تضمنتها الاتفاقيات الدولية والتشريعات الجزائية الداخلية، والإرهاب وكيفية مواجهته وتعقبه، ودور النيابة العامة بالمهن المتعلقة بمراقبة المخالفات البيئية، ومراقبة البضائع والسلع، من حيث الجودة والسلامة، والأمن الغذائي، في إطار العولمة الاقتصادية، وحرية نقل البضائع، ومحاربة الجرائم الاقتصادية والمخدرات، واستغلال الأطفال والنساء، ودورها في تفعيل النصوص الجنائية المستجدة في مجال جرائم الإرهاب، وتبييض الأموال، واختلاس الأموال العامة، وجرائم الحاسب الآلي، والجرائم المنظمة العابرة للحدود، وما سيتتبعها من مواكبة للتشريعات الجنائية لهذه الجرائم. وكان عبد الواحد الراضي، وزير العدل، اعتبر أن المؤتمر مناسبة سانحة لتبادل التجارب والخبرات الإقليمية والدولية، لإقامة نظام قضائي متين وقوي، قادر على المساهمة الفعالة في بناء الدولة الديمقراطية، المبنية على أسس القانون، تؤدي فيه النيابة العامة دورا رياديا في حماية حقوق الإنسان، وصيانة الحريات الفردية والجماعية. وأضاف الراضي، في كلمته، خلال افتتاح أشغال المؤتمر، أن أعضاء النيابة العامة مطالبون ببلورة دور النيابة العامة، التي تشكل نصف الجهاز القضائي، من خلال دعم التجانس والتكامل بين وظيفتهم كضامنين لحقوق الإنسان، وبين دورهم في مكافحة الجريمة، عبر ترسيخ الرؤية التوقعية الحقوقية المطمئنة والموضحة للضمانات، التي يكفلها القانون. ودعا وزير العدل النيابة العامة إلى دعم عملية العصرنة والتحديث، التي انخرطت فيها العدالة العربية، في اتجاه تعزيز الاستقلال الفعلي للقضاء، وتقوية سلطته، بوصفه شرطا ضروريا لحماية الحقوق والحريات، وضمان الأمن القانوني. وأشار إلى أن دور النيابة العامة في حماية الأفراد والمجتمع، في إطار من العدل والمساواة، يشكل حافزا من حوافز التشجيع على الاستثمار، بما يشكله من ضمانة لحماية الممتلكات، وحسن التدبير، والوقاية من الانحرافات، وضمان الأمن الاقتصادي. من جانبه، أكد مصطفى مداح، الوكيل العام لدى المجلس الأعلى، ضرورة خلق آليات للتعاون بين أجهزة النيابات العامة العربية، لضمان تنسيق الجهود، وتبادل المساعدات بشكل سريع، للتصدي للمد الإجرامي المعاصر والعابر للحدود، بالنظر إلى المسؤولية الموكولة لهذه الأجهزة في مجال مكافحة الجرائم، وملاحقة مرتكبيها.