سيحل، قريبا، إينيكو لاندبورو محل برونو دي طوما على رأس المفوضية الأوروبية بالرباط. برونو دي طوما وتجمع الرجلين علاقة خاصة بالمغرب، إذ يعتبره الأول بلدا مهما على صعيد السياسة الدولية، ما جعله يفضله على وجهات أخرى، ويؤكد على متانة العلاقات بين الطرفين، وعلى استعداده للعمل على تعميق هذه الروابط. أما دي طوما، فخبر المغرب لأربع سنوات، ما جعله يكون نظرة عن التحولات خلال العشرية الأخيرة. وفي حديث سابق مع "لوماتان"، اعتبر دي طوما، السفير رئيس مندوبية اللجنة الأوروبية بالرباط، أن "أوراش الإصلاح مكنت المغرب من الانخراط في تطور ديمقراطي، وانفتاح اقتصادي، جعله يحظى بالوضع المتقدم، الذي يحرص الاتحاد الأوروبي على صيانته بمواكبة هذه الإصلاحات". ويرى أن التطور الديمقراطي، الذي انخرط فيه المغرب، يشمل وضعية المرأة، التي حققت طفرة نوعية، وأصبحت مثالا لعدد من الدول العربية، ويتعلق الأمر بمجموعة من القوانين، ساهمت في ثورة اجتماعية هادئة، مثل مدونة الأسرة. ولإيمان الاتحاد الأوروبي بأن المرأة تشكل نصف المجتمع وعماده، فهو يولي أهمية خاصة لقضاياها، في مشروع مجتمعي حقيقي بالمغرب، يضم كل المكونات، ويمتد الدعم الأوروبي لهذا المشروع إلى 15 أو 20 سنة أخرى. ويقول دي طوما إن "المغرب بلد ستنقذه نساؤه، لأنهن يعملن أكثر من رجاله، وهن أكثر تحملا للمسؤولية، وأقل عرضة للرشوة". إينيكو لاندبورو، الذي ينتظر أن يحل على رأس مفوضية اللجنة الأوروبية بالرباط، في أكتوبر، لم يخرج عن هذا السياق، حين قال أمام صحفيين مغاربة ببروكسيل، في مارس الماضي، إن "المغرب بلد مرجعي في العالم العربي، اعتبارا لجهوده لتطوير مشروعه الاستراتيجي والتنموي المتكامل". وتحدث المندوب المقبل عن الوضع المتقدم بتفاؤل، مؤكدا أن المغرب كان واثقا من الاستجابة لطلبه، لوفائه بكل التزاماته بشأن الإصلاحات في مجالات عدة، وتنفيذه كل الاتفاقيات والمشاريع المبرمة مع الاتحاد، "ما يجعلنا نعتبر العملية إيجابية في حد ذاتها، ومثمرة للطرفين". وأبرز لاندبورو أن "الاتحاد يعتبر أول مانح للتنمية عبر العالم، بنسبة 55 في المائة، فضلا عن مسؤوليته في الدفاع عن عدد من المبادئ والقيم الإنسانية، التي تمكنه من أن يكون فاعلا في ترسيخ حقوق الإنسان والديمقراطية، وتحقيق السلام، بوسائل غير السلاح". وأضاف أن "موقفنا كان دائما حازما في الانفتاح والتعامل مع قضايا تعتبر الدعامة الأساسية لتطور المجتمعات وتقدمها، وتحقيق الرفاهية والعيش الآمن لمختلف المكونات، بما فيها الشباب والمرأة". ويضع الاتحاد الأوروبي، في مخطط عمله الحالي، مجموعة من الأولويات، منها إرساء سياسة جوار تضمن فضاء للاستقرار والحرية والازدهار، وتترجم بعدد من الاتفاقيات الدولية، كان أهمها الوضع المتقدم، الذي يجري التفاوض بشأن الشروع في تطبيقه مع المغرب. وذكر دي طوما، في الحوار مع "لوماتان" بالطموح إلى "أكثر من الشراكة وأقل من الانضمام"، كما عبر عنه جلالة الملك، ما دفع المغرب إلى أن يكون أول الدول المستجيبة لسياسة الجوار الأوروبية، بوضعه خطة عمل لمواصلة مسيرة إصلاحاته. وقال المسؤول الأوروبي إن "الاتحاد يجد نفسه منخرطا في دعم مختلف المجالات، من تعليم، وصحة، ومحو الأمية، وقضاء على مدن الصفيح، وتكوين مهني، ومراكز التقنية الصناعية. ونحن، في المغرب، نعتبر المندوبية الأكثر نشاطا وفعالية، ليس لأننا الأفضل، بل لأننا استطعنا، بتعاون مع وزارة المالية، إرساء نظام جعلنا نرفع المبالغ المخصصة للمغرب ب134 في المائة"، مشيرا إلى أن النتائج المهمة المحققة هي التي مكنت من الاستجابة لطلب جلالة الملك حول الوضع المتقدم. وأضاف أن "الطرفين وضعا خارطة طريق توضح معالم برنامج إصلاحات، ينجز حسب الوتيرة التي يريدها المغرب، الذي لديه مشروع مجتمعي حقيقي يقود نحو الانضمام إلى السوق الداخلية الأوروبية، وعلى المغرب أن يتزود بمجموعة من التشريعات الأوروبية، التي تحكم هذه السوق. وسجل أن الرؤية الاستراتيجية الطويلة الأمد لجلالة الملك تبقى مهمة جدا، لأنه يعرف جيدا أنه لا يمكن تغيير المجتمع دون تبعات أو خسائر، أي لا يمكن التقدم بسرعة، وفي الوقت نفسه لا يمكن التباطؤ "وإلا، لن نصل إلى نسبة 7 في المائة من النمو، المطلوبة لخلق 700 ألف منصب شغل في السنة، وهي النتيجة التي يحتاجها المغرب بالنسبة إلى ال15 سنة المقبلة".