فاطنة أفيد القيادية في الحزب الاشتراكي تعترف لمحكمة "المغربية" بأنها "مقصرة في حقوق وزجها وأبنائها"، وتقول "إنني غالبا ما أغادر بيتي صباحا ولا أعود إليه إلا ليلا".فاطنة أفيد، أنت متهمة بالتشكيك في مصداقية أغلب الاحزاب السياسية المساهمة في تشكيل المناخ السياسي العام، من خلال هذا الاتهام ما هي أقوالك بخصوص الأجواء السياسية التي مرت فيها الانتخابات الجماعية الأخيرة؟ لقد عرف المناخ السياسي العام بالمغرب منذ أول انتخابات بانعدام الثقة في العملية السياسية ككل، وهذا ما يجد تعبيره في المقاطعة الكبيرة للاستحقاقات الانتخابية التشريعية منها والجماعية والمهنية. وفي ظل غياب الإرادة السياسية لجعل الانتخابات فعلا لحظة سياسية بالآليات الديمقراطية المتعارف عليها، لازال المغرب يعاني من وجود عمليات انتخابية تفتقد لشروط المصداقية والنزاهة المطلوبين. فبعد الانتخابات التشريعية لسنة 2007 اتضح بشكل كبير أن جل الأحزاب بشعاراتها وتموقعاتها المختلفة، يمين، يسار، وسط وإسلاميين، أصبحت غير قادرة على التموقع بالشكل الذي يسمح لها بالدفاع عن برامجها واختياراتها. كما أن غياب الفعل السياسي والمشروع المجتمعي عن إستراتيجيات المتبعة لهاته الأحزاب دفع بالمواطنين إلى هجرتها بعدما فقدوا الأمل فيها في إمكانية الدفاع عن مصالحهم، حيث باستثناء بعض أحزاب اليسار المعارضة ومن بينها الحزب الذي أنتمي له، أي الحزب الاشتراكي فإن برامج باقي العناوين الحزبية متشابهة وهي مستقاة من استراتيجيات واختيارات الدولة. بعد كل هذا التشكيك في مصداقية أغلب الأحزاب السياسية، ماذا قدم الحزب الاشتراكي للمواطنين؟ فقد سعينا في الحزب الاشتراكي للمساهمة في توفير شروط مناخ سياسي مؤسس وديمقراطي يرتكز على احترام إدارة المواطنين وعلى الشرعية الديمقراطية، لكن ولشديد الأسف مازال بلدنا يخلف موعده مع التاريخ بحيث مازلنا أمام قرارات تسلطية تعمل على صنع الخرائط والحفاظ على الأوضاع كما هي مما ينبئ بانفجارات وتوترات لا تحمد عقباها. الحكومة الحالية بعد التعديل ستنكب على الملف الاجتماعي، حيث يعتبر من أولى أولوياتها، فهل تعارضين هذا الرأي كذلك؟ فلا أرى أي أهمية لتعديل حكومي من عدمه، لأن حكوماتنا لشديد الأسف هي حكومات محكومة بخيارات الدولة ومعينة من خارج صناديق الاقتراع، ومن هنا نرى أهمية وضرورية القيام بإصلاحات سياسية ودستورية تنطلق من إقرار دستور ديمقراطي يضمن فصل حقيقي للسلط وإرساء القواعد الضامنة لجعل الشعب المغربي مصدرا لكل السلطات. وحينها ستتكون لهذا الشعب قناعة المشاركة الواعية في صناعة القرار السياسي عبر التصويت في المحطات الانتخابية على برامج حقيقية وعلى رهان حقيقي وسيتوجه لصناديق الاقتراع من أجل اختيار ممثليه الحقيقيين، من دون استعمال المال والنفوذ وشراء الذمم الذي نعيشه اليوم، وكما وقع في الانتخابات الجماعية الأخيرة. وكيف تتوقعين مشاركة الأحزاب السياسية في الدخول السياسي المقبل؟ وهل ترين بأنها ستحسن من صورتها في التحضير لاستحقاق 2012 المقبلة؟ أم أن الأمر عند فاطنة أفيد سواد في سواد؟ في ظل وجود مؤسسة ملكية تحظى بدور الفاعل المركزي والمتحكم في اللعبة السياسية فلا أتوقع تغييرا جذريا في أداء الأحزاب، فمن الناحية الواقعية فأحزابنا تنقسم إلى ثلاث تيارات كبرى، رغم أن عددها يتجاوز 30 حزبا ، وأن التيار الغالب هو تيار الأحزاب المدعمة لنظام الدولة ولخياراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في حين التيار الثاني هو تيار المطالبة بالإصلاح مع المشاركة في اللعبة من داخل المؤسسات ويتكون من أكثر من تسعة أحزاب، أما التيار الثالث والمتبني للمطالب الجذرية والعمل خارج المؤسسات يتكون من حركتين سياسيتين واحدة تنتمي لليسار والأخرى لليمين الإسلامي. وانطلاقا مما سبق لا أرى أن أحزابنا ستأتي بجديد في الاستحقاقات المقبلة وعلى الخصوص الانتخابات التشريعية لسنة 2012، إذا استمرت الدولة في التحكم المطلق في الحقل السياسي. وآخر أقوالي في هذا الباب، إن المعارضة الحقيقية بالمغرب أدت الثمن باهظا من أجل إرساء الدولة بقواعد ديمقراطية وبآليات الحكامة الجيدة المبنية على الاستجابة لحاجيات المجتمع، لكن الدولة المغربية لم تسمح لهذه الأحزاب بالوجود كما تنازعها في شرعيتها التاريخية، إضافة إلى عملها على تدجين جزء من أحزاب الحركة الاتحادية، ليبقى في الأخير الأمل قائما على الحركات الاجتماعية والسياسية الصاعدة لكسب معركة الديمقراطية.