اعتمد المخرج هشام الركراكي بالدرجة الأولى على الكوميديا والأداء التمثيلي لكسب الرهان في باكورة أعماله السينمائية "قرعة دميريكان" الذي قدمه في عرض ما قبل الأول، ليلة أمس الاثنين، بالمركب السينمائي "ميغاراما" وسط حضور إعلامي وفني كبير. فرغم ما أثاره العمل السينمائي من نقاش بعض العرض من قبل بعض الحضور، حول مدى اعتماد المنطق في تسلسل الأحداث، وبعض المعلومات الخاطئة التي تضمنها سيناريو الفيلم، إلا أن الإجماع كان حول الأداء التمثيلي المتمكن لممثلي العمل، خاصة الفنان فيصل عزيزي، الذي تفوق في أداء الشخصيتين اللتين جسدهما في "قرعة دميريكان"، سواء تعلق الأمر بدور "حبيب"، ابن جيله المهووس بموسيقى الراب، والحالم بالهجرة التي يعتبرها الملاذ الوحيد للهروب من واقعه الاجتماعي الصعب، أو من خلال شخصية "فاطمة الزهراء" أو "فاتي فلور"، التي تنكر فيها لتكون الحل الذي سينقله للضفة الأخرى. فيصل عزيزي كان وراء الضحكات التي تعالت في قاعة العرض، والتي كانت دليلا على اندهاش البعض من قدرة هذا الأخير على التمكن من تفاصيل الشخصية بحركاتها وسكناتها، والأداء الصوتي الذي خدمها بقوة. ولا يختلف اثنان على احترافية الممثل عزيز الحطاب، المتمكن من أدواته في كل مرة يقف فيها أمام الكاميرا، لدرجة أنه، وبشهادة النقاد، يضيف للعمل الذي يشارك فيه أكثر مما يضيف هذا الأخير لمساره الفني، ولو أن البعض يرى أن مساحة الشخصية التي قدمها في "قرعة دميريكان" لم تنصفه بالشكل الكافي. صور المخرج هشام ركراكي، الذي درس الأدب والمسرح في المغرب وإنجلترا، أحداث فيلمه السينمائي الأول عام 2019، ليتأخر عرضه سنتين بسبب تداعيات جائحة كورونا، حسب تصريح له، مؤكدا سعادته بتمكنه أخيرا من اختبار رأي الجمهور، والالتقاء بزملاء المهنة الذين تعامل مع أغلبه منذ بداية مساره المهني كمساعد إنتاج. ويحكي "قرعة دميريكان"، قصة صديقين حميمين، لبيب وحبيب، يوحدهما حلم مشترك هو التطلع إلى حياة أفضل، لتحقيق حلمهما، فيقرران الهجرة معا، لكن الحظ سيحالف (لبيب)، بينما يصاب (حبيب) بخيبة أمل كبيرة بعض رفض طلب القرعة الذي تقدم به، ما سيدفع صديقه إلى اقتراح فكرة تنكر هذا الأخير بزي امرأة ليصطحبه "كزوجته". يوافق حبيب على التنكر للهروب من مجتمع مخالف لتطلعاته، وتحقيق حلمه في أن يصبح نجما غنائيا، لكنه في الوقت نفسه، يدرك بعض "معاناة" الجنس الآخر الذي يعيش في مجتمع ذكوري، ويتعرض لمضايقات منتظمة، بل والإيذاء من قبل الآخر، سواء في الشارع أو في وسائل النقل ومقرات العمل، ويقود تسلسل الأحداث بطلا الفيلم إلى مغامرات مثيرة ومواقف كوميدية ستقلب حياتهما رأسا على عقب. يطرح فيلم "GreenCard" أو "قرعة دمريكان" قضايا عديدة تمس فئة الشباب الذي قد يراوده الشعور بالإحباط والإقصاء في حالات كثيرة خاصة عندما يصطدم بقلة فرص الشغل ومواجهة المستقبل المجهول. ويسلط الضوء على الدافع السردي للمخرج بخصوص التشبه بالجنس الآخر قصد التنكر، بل يشكل الحبكة المركزية للسيناريو والتي ستولد مجموعة متنوعة من المواقف المضحكة. الفيلم من بطولة فيصل عزيزي، عزيز الحطاب، هاشم بسطاوي، وحسناء مومني وحميد النيدر ومحمد حميمصة وآخرين.