كشف الدكتور محمد أحداف، الخبير الدولي في السياسات الجنائية والأمنية، أن الارتفاع المهول والمتزايد لعدد نزلاء سجون المغرب، الذي بلغ أرقاما قياسية تجاوزت 80.000 نزيلا، 47 في المائة منهم معتقلون على وجه الاحتياط، بحسب دراسة أنجزها سنة 2014، موضحا أن تكلفة إقامة هؤلاء النزلاء، التي باتت تؤرق بال الساهرين على القطاع، تتعدى 400 مليون سنتيم في اليوم، على اعتبار متوسط صرف يومي يتراوح بين 50 و70 درهما لكل نزيل، وهو رقم مكلف جدا لميزانية الدولة. وأدلى أحداف بهذه الأرقام خلال دورة تكوينية، نظمت أخيرا بمكناس، حول موضوع "السياسة الجنائية والعقوبات البديلة". ودعا الخبير الدولي في السياسات الجنائية، إلى جانب باقي المشاركين، إلى ضرورة فتح حوار وطني يسرع بسن قوانين جنائية جديدة تعتمد مقاربة العقوبات البديلة، لتقوم مقام العقوبات السالبة للحرية، كإجابة قانونية لرد الفعل الاجتماعي عن بعض الجنح والمخالفات. وأوضح أحداف أن العقوبات البديلة ترمي أساسا إلى تجاوز إشكالات إعادة الإدماج وخفض تكلفة الإقامة، مبرزا في هذا الاتجاه، جملة من التجارب الناجحة بمجموعة من الدول الأوروبية والأمريكية، مؤكدا على ضرورة توسيع التصورات المتعلقة بالعقوبة البديلة، لتشمل التأهيل الاجتماعي والاقتصادي والحقوقي كمداخل أساسية لتنزيل العقوبات البديلة على أرض الواقع. من جانبه ركز عبد الرحمان بندياب، رئيس المكتب الوطني للتحالف المدني لحقوق الإنسان، على الإكراهات والصعوبات التي تعيق تحقيق الأهداف المنشودة من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، التي بقدر ما تسعى إلى أنسنة ظروف اعتقال السجناء عن طريق الخدمات المقدمة للنزلاء والمتمثلة على الخصوص في الصحة والتعليم والتكوين والأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية، بقدر ما تصطدم بواقع يطبع العمل بالمؤسسات السجنية أهمها ظاهرة الاكتظاظ التي يعزى أحد أسباب تفاقهما في عدم مواكبة السياسة الجنائية لتطور الجريمة في المغرب. ودعا المتحدث نفسه إلى ضرورة إعادة النظر في الأوضاع المادية والاجتماعية لموظفي قطاع السجون وإنصافهم بما يتناسب مع طبيعة المهام المسندة إليهم وحجم الأخطار اليومية التي يواجهونها، أخذا بعين الاعتبار ضرورة المماثلة مع باقي القطاعات الأمنية المشابهة ورفع الحيف عن هذه الفئة من موظفي الدولة، التي تخضع لنظام شبه عسكري، وتعتبر من حملة السلاح، بحكم مساهمتهم الفعالة في الحفاظ على الأمن الداخلي لبلادنا. ودعا المشاركون في هذه الندوة، التي نظمها المكتب الوطني للتحالف المدني لحقوق الإنسان بمكناس، بشراكة ودعم من وزارة العدل، إلى الانكباب بشكل جدي لإخراج القوانين تروم مراجعة السياسات العقابية والجنائية للوجود، لما سيكون لها من انعكاس إيجابي على منظومة التشريع الجنائي بشكل عام ومن خلاله التخفيف من وتيرة الاكتظاظ بمجموع سجون المملكة.