من أهم الملاحظات، التي جرى تسجيلها عقب تعميم وزارة الصحة والحماية الاجتماعية نشرة المتابعة اليومية لانتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» والحملة الوطنية للتلقيح، تجاوز بلدنا عتبة المليون إصابة بالفيروس. هذا الرقم اللافت يتزامن مع دخول الموجة الثالثة، التي لم تبلغ ذروتها بعد، وهذا الأمر يثير قلقا بالنظر إلى أنه كان من الممكن ألا نبلغه بالنظر إلى الجهود التي بذلت، ومازالت تبذل، والتي عددناها في افتتاحية عدد أمس الاثنين، لكن التراخي فعل فينا فعلته. يجمع المهتمون والعاملون في قطاع الصحة على أنه لو جرى الحفاظ من طرف المواطنين على إيقاع الالتزام بالتدابير الصحية، التي لم تعد خافية على العموم، لكان عدد الإصابات المعلن أقل بكثير. المؤسف أن الكثيرين فهموا التعايش مع الفيروس الموصى به حماية للاقتصاد الوطني فهما خاطئا، أو على الأصح أولوه بما يتجاوب مع رغباتهم، وبالتالي أطلقوا العنان لأنفسهم وصار الاختلاط وما يليه من مظاهر التراخي سيد الموقف. إن ارتفاع عدد الحالات بشكل عام، وفي الأسابيع الأخيرة على الخصوص يعكس ظاهريا موجة التراخي التي انتشرت في أوساط المواطنين منذ الإعلان عن رفع الحجر الصحي، وهي ظاهرة آخذة في التنامي، رغم التحذيرات التي تتواصل عبر مختلف وسائل الإعلام، والقوانين الرادعة، خصوصا أننا ما زلنا في مرحلة الطوارئ الصحية. لا شك أن التراخي يسهم بشكل كبير في ارتفاع عدد حالات الإصابة خصوصا حين نكون بصدد موجة جديدة أو ظهور متحور، كما حدث في الموجة الثانية في الصيف الماضي مع متحور دلتا، ويحدث في المرحلة الراهنة التي تشهد الموجة الثالثة الناجمة عن متحور أوميكرون سريع الانتشار والذي يشكل 70 في المائة من حالات الإصابة المسجلة حسب تصريح وزير الصحة ل»الصحراء المغربية» في الحوار الذي خصه بها. إن التنامي هي السمة الطاغية في الوقت الراهن، إذ جرى خلال الفترة ما بين 3 و9 يناير إحصاء 37307 حالات إصابة في بلادنا، كما سجلت 56 وفاة بسبب الوباء، وساهم ارتفاع حالات الإصابة وتجاوزها لحالات الشفاء بشكل كبير في رفع عدد الحالات النشطة، إذ انتقلت من 10877 حسب نشرة يوم 3 يناير إلى 357678 حسب نشرة الأحد 9 يناير. ما سلف الإشارة إليه يعني أننا نسير بسرعة فائقة نحو ارتفاع منحنى عدد حالات الإصابة المعلن، ويوحي بأن الأرقام التي سيعلن عنها عند بلوغ الذروة ستكون مخيفة. لكن علينا ألا نغيب أن الأرقام المعلن عنها تهم من خضعوا للكشف عن الفيروس في المختبرات والمراكز الصحية، مقابل ذلك يكتفي عدد من المواطنين بالكشف الذاتي السريع ويشرعون في اتباع بروتكول العلاج دون اللجوء إلى الطبيب، أو يصرون على اعتبار أن ما يعانونه وما يظهر عليهم من أعراض ناجم عن نزلة برد حادة ليس إلا. إن تجاوز مليون حالة إصابة مقلق، لأن الهدف من كل الجهود المبذولة هو تحقيق الأمن الصحي عبر تقليص أعداد الإصابات، والوفيات، أيضا، إضافة إلى ذلك فإن هذا الارتفاع يعود إلى أعداد التحاليل، التي ارتفعت بشكل ملحوظ في الأسبوع الماضي إذ بلغت، حسب ما أعلنت عنه وزارة الصحة، في الثامن من يناير 30362، علما أنها تجاوزت حاجز العشرين ألفا منذ الرابع من يناير. إن ارتفاع أعداد التحاليل مهم، لأنه يقي المصاب من الأسوأ، لأن التأخر في العلاج قد يفتك بالمصاب ويساهم في مضاعفة انتشار العدوى. درجنا على القول ما لا يدرك كله لا يترك جله ومازال أمامنا الوقت لنراجع السلوكات ونسهم في تجاوز الأسوأ، وأن نسهم في تثمين ما يبذل في بلدنا من جهود، لأنه ليس سهلا أن يحتل المغرب المركز الثاني قاريا وال30 عالميا في ما يخص إجراء التحاليل، وتجاوز الأسوأ، فالرقم الذي تجاوزناه (مليون حالة إصابة) يقابله عدد محدود من حالات الوفيات، فرغم أننا فقدنا أكثر من 15 ألف مواطن ومواطنة، كان من الممكن أن يكون الرقم أكبر لولا الكشف والتعاطي الجيد للأطر الصحية الوطنية.