أكد حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أن الجزائر لا تبدي أي تعاون في مجال مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن ذلك يساهم في خلق مناخ يلائم التنظيمات المتطرفة من حيث ضعف الرقابة والتنسيق الأمني بالساحل، التي أضحت ملاذا آمنا لهذه التنظيمات، المستفيدة أيضا من تورط جبهة "البوليساريو" الانفصالية في تنامي هذه الآفة ومخاطرها بالمنطقة. وقال حبوب الشرقاوي، في حوار شامل مع "الصحراء المغربية" و"لوماتان" ينشر لاحقا، "الجزائر لم تكن تتعاون أبدا في محاربة الظاهرة. وما أؤكد عليه كأمني أن ضرر ذلك كبير وسيساهم بالإضرار بالجزائر نفسها، لكونه يضعف هذه الآلية لا سيما في ما يتعلق بمنطقة الساحل التي أصبحت بامتياز بؤرة من بؤر التوتر". وأضاف مدير "البسيج"، في هذا الصدد، "المملكة تسعى دائما للرفع من مستوى التعاون، لكن الجارة الجزائر لم تكن تتعاون أبدا في محاربة الإرهاب"، مبرزا أن المغرب واع بهذا الشأن ويتخذ جميع الإجراءات في هذا الباب، سواء تعاونت الجزائر أم لم تتعاون، وذلك من خلال مضاعفة الجهود والتتبع وإيجاد حلول بديلة على مستوى التعاون مع جميع الشركاء". وزاد موضحا "إن تعاونت الجزائر فذلك كان أحسن، وإن لم تتعاون فلن يثنينا هذا عن مواصلة استراتيجينا الوطنية أو يدفعنا للتراجع قيد أنملة للوراء في مسار مكافحة الظاهرة". وأشار حبوب الشرقاوي إلى أن القرب الجغرافي من الساحل، في سياق التوتر الذي تعيشه المنطقة، يشكل تحديا كبيرا على المملكة، بحكم موقعها الاستراتيجي وامتدادها إلى وسط إفريقيا، مبرزا أن الخطر القائم أيضا "تواجد مخيمات (تيندوف)، لا سيما أن العديد من شباب الجبهة الانفصالية تمكنوا من الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، وينشطون إلى جانبها، وقد جرى إحصاء ما يفوق 100 عنصر منهم". وذكر أن تورط جبهة "البوليساريو" الانفصالية في الإرهاب ثابت ومؤكد، مبرزا أن "هناك تقاطعا ومصالح تجمع ما بين زعماء التنظيمات الإرهابية وزعماء مافيات الجريمة المنظمة". وأوضح أنه ثبت تسهيل الطريق أمام هذه العصابات لتمرير شحناتها من المخدرات، مقابل مبالغ مالية توظف في شراء الأسلحة والتجنيد والاستقطاب من قبل التنظيمات المتطرفة، مشيرا إلى أن ذلك "لا يشكل خطرا على المغرب فحسب، بل على كل دول منطقة الساحل، وكذلك الدول المغاربية وباقي دول العالم لأن الإرهاب عدو للجميع لا لون له ولا جنس له ولا يعرف أي رقعة جغرافية". ومضى مفسرا "تواجد من يوفر مجموعات إسناد غير خفية في تلك المناطق يستدعي عملا جبارا للتصدي لهذه المخاطر. والمملكة واعية تمام الوعي بهذه التحديات واليقظة دائما متواصلة وهناك تنسيق أمني مع جميع الشركاء في هذا الجانب". وارتباطا بالتعاون الدولي، الذي يطلع فيه المغرب بمكانة ريادية إقليميا وعالميا، قال إن المملكة والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني تولي أهمية قصوى إلى تفعيل هذه الآلية مع جميع الشركاء، سواء مع الأوروبين أو الغربيين، أو الدول العربية والإفريقية، مضيفا أنه "مهما كان الاختلاف فلابد أن نتعاون لدرء خطر الإرهاب". واستدل في هذا الجانب بدينامية التعاون مع الأجهزة الأمنية الإسبانية، مؤكدا إنجاز 14 عملية مشتركة معها، 10 منها شملت تفكيك خلايا بشكل متواز مع المكتب المركزي للأبحاث القضائية. ليضيف بأن هذه الدينامية توسم "حتى مجال مكافحة الجريمة المنظمة"، مشددا على أن "هناك تنسيقا كبيرا مع إسبانيا في هذا الجانب". وأوضح أن الإشادة الأخيرة من طرف الخارجية الأمريكية، في تقريرها، بالدور الكبير الذي تلعبه المملكة المغربية من أجل مكافحة الإرهاب وانخراطها الدولي في هذه المعركة، ما هو إلا تجسيد لمدى العمل الجبار الذي تبذله المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمكتب المركزي للأبحاث القضائية، وباقي الأجهزة الأمنية، في مجال محاربة الجريمة الإرهابية. وعن الاستراتيجية الوطنية في مجال مكافحة الظاهرة، كشف أنها اعتمدت مباشرة بعد اعتداءات 16 ماي 2003 بالدارالبيضاء، وهي مبنية على مقاربة أمنية متعددة الأبعاد وشمولية، مبرزا إنها ترتكز بالأساس على العمل الاستباقي ومحورها الوقاية، وذلك في إطار احترام تام لسيادة القانون ومبادئ حقوق الإنسان. وأفاد أن هذه الاستراتيجية لم تكن تعتمد فقط على المقاربة الأمنية، بل شملت جوانب أخرى، منها السوسيو اقتصادي، والديني، والقانوني. وقد تجلت مظاهرها في ما يرتبط بالجانب الأمني، حسب حبوب الشرقاوي، في تطوير المنظومة الأمنية بما يتلاءم ومواكبة ما يجب القيام به في مواجهة هذه الآفة، مشيرا إلى أن "تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية ما هو إلا حلقة من حلقات تأهيل هذه المنظومة، ويندرج في إطار هذه الاستراتيجية". وذكر أن "البسيج"، الذي أسس في 20 مارس 2015، يعد لبنة أساسية في محاربة الجريمة الإرهابية والجريمة بشتى أشكالها، مضيفا أن جميع العمليات التي يقوم بها تتم بناء على تنسيق مع المصالح المركزية للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمعلومات التي توفرها والمعطيات التي يجري تحليلها. وبشأن حصيلة التصدي لهذه الظاهرة، أكد أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، ومنذ تأسيسه، وتنفيذا للاستراتيجية الوطنية المعتمدة وبناء على المعطيات الدقيقة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تمكن، وفي إطار التنسيق وتحت إشراف النيابة العامة المختصة لا سيما في جرائم الإرهاب، من تفكيك 86 خلية، منها 80 على ارتباط وصلة وموالية ومنضوية تحت لواء ما يطلق عليه "الدولة الإسلامية" (داعش)، بينما الستة الأخرى تنشط في ما يعرف ب "الاستحلال والفيء". كما جرى تقديم خلال هذه الفترة، يضيف مدير "البسيج"، 1401 شخص أمام العدالة، ضمنهم 35 قاصرا، و14 امرأة، من بينهن الموقوفات في إطار الخلية المفككة سنة 2016. كما يوجد ضمنهم 56 شخصا من ذوي السوابق القضائية في قضايا الإرهاب. وفي ما يخص السنة الجارية، أشار إلى أنه جرى تفكيك 4 خلايا، وتقديم على إثرها 65 شخصا أمام القضاء، ضمنهم قاصرون.