يتواصل في مختلف بقاع العالم القلق، الذي تثيره جائحة "كوفيد 19"، في المقابل نعيش في بلادنا أجواء التفاؤل، وارتفعت نسبتها مع التراجع المتواصل لحالات الإصابة منذ أسابيع، والقرار الحكومي الذي سيدخل بعد غد أسبوعه الثاني، إذ جرى اتخاذه يوم الثلاثاء الماضي وتفعيله في اليوم الموالي. استند القرار الذي نحن بصدد الحديث عنه إلى "توصيات اللجنة العلمية والتقنية، وتثمينا للنتائج الإيجابية التي تحققها الحملة الوطنية للتلقيح"، ولا شك أن رفع الحظر ساهم في رفع المعنويات خاصة لدى النشيطين في القطاعات الأكثر تضررا من الجائحة، لكن لا ينبغي أن ينسينا هذا الأمر أهمية التسلح بالحيطة والحذر، لأن الوباء مازال بيننا ويواصل تسجيل الضربات، ورغم أنها محدودة، فإن حدوثها دليل قاطع على أننا لم نخرج بعد من زمن كورونا. نحن لا نهول الأمور، بل نواصل التنبيه إلى المخاطر المحدقة والتي تكون أكثر خطورة في حال بالغنا في التراخي، ولم نكتف بما أصبح مسموحا لنا به. إن انتشار الوباء بشكل ملحوظ في الكثير من الدول يبعث رسائل غير مطمئنة، ويبدو من خلال السلوك اليومي أن الناس، وهذه ليست خاصية مغربية، فرطوا في الإجراءات الاحترازية، وهم في الغالب ينهجون بسبب القنوط سياسة النعامة ويقدمون أنفسهم فرسية سهلة للوباء. في هذه الفترة، وبلغة الأرقام تعد بلادنا أحسن حظا من الكثير من الدول، فأعداد الإصابات في تراجع، وأيضا أعداد الحالات النشيطة، ويعود الفضل في ذلك إلى فعالية الحملة الوطنية للتلقيح، والاقتراب من تحقيق المناعة الجماعية. رب قائل طالما أن الوضع شبه مستقر فلماذا تتواصل عدة إجراءات؟ ولعل آخرها إعلان اللجنة بين وزارية لتتبع "كوفيد 19" أول أمس السبت، "أن السلطات المغربية قررت تعزيز نظام المراقبة للولوج إلى التراب الوطني". خلاصة القول رفع الحظر لا يلغي الحذر فالقرار، وكما أكد البلاغ الصادر بخصوصه "يأتي بهدف الحفاظ على المكاسب المهمة، التي حققها المغرب في إطار مكافحة وباء كوفيد 19، وكذا في إطار تدابير صحية وقائية يفرضها سياق يتسم بتزايد حالات الإصابة في الجوار الأوروبي للمغرب". نحن في عصر أضحت خلاله الأوبئة عابرة للقارات، وما يحدث في أي رقعة من العالم يعنينا، خصوصا حين يتعلق الأمر بأوروبا حيث حركة النقل بين بلدانها والمملكة أكثر نشاطا، وبالتالي ينبغي أن نأخذ ما يحدث في القارة العجوز على محمل الجد، فقد أعلن المركز الأوروبي لمراقبة الأمراض عن تواصل تدهور الوضع الوبائي ل"كوفيد 19" مع توقع استفحال المخاطر في عدد من دول الاتحاد، وجرى وصفه بأنه "مقلق جدا" في كل من بلجيكا وبولونيا وهولندا وبلغاريا وهنغاريا وكرواتيا وجمهورية تشيكيا واستونيا واليونان وسلوفينيا، في حين وصف الوضع في كل من ألمانيا والنمسا والدنمارك وفنلندا وإيرلندا ولاتفيا وليتوانيا ولوكسمبورغ ورومانيا وسلوفاكيا ب"المقلق"، ويبقى الوضع أقل قلقا في فرنسا والبرتغال وقبرص مع تميز إيطاليا وإسبانيا والسويد ومالطا. كما سبق أن أكدنا فإن رفع الحظر لا يلغي الحذر، وبالتالي ينبغي أن نأخذ التحذيرات على محمل الجد، وأن نتقبل كل الإجراءات الوقائية، وإن كان فيها تضييقا على أقارب أو أصدقاء مقبلين من الخارج، فإن هذا لا يساوي شيئا أمام سلامة الوطن والمواطنين، فمن أثبتت الفحوصات إصابته بالوباء لن يتمكن من الدخول إلى الوطن، حماية للجميع، وهذا إجراء استباقي آخر يحسب للمغرب المتميز في زمن كورونا.