"نسهر الليل لعل الصنبور يجود بحفنة ماء أو قد لا يجود". بهذه العبارة لخص كريم الحدان، وهو فاعل جمعوي، معاناة سكان "فم زكيد"، جنوب شرقي طاطا مع الماء الشروب لشهور عديدة، دون أن يتم إيجاد حل لمعضلتهم. وعلى الرغم من الشكاوى التي باشرها المتضررون عبر مراسلاتهم ووقفاتهم الاحتجاجية الرمزية أمام مقر المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، لم تشفع معها الشعارات ولا اليافطات التي رفعوها غير ما مرة وسط ما أسموه "الوضع الحياتي اليومي الصعب" الناتج عن عدم التزود بهذه المادة الحيوية إلا وفق جدولة زمنية في إطار نظام المحاصصة الذي يمتد لبضع ساعات يومية تختلف من حي إلى آخر بمركز جماعة فم زكيد. ويروي الحدان معاناة ساكنة بلدته فيقول "حين لا أجد ماء للوضوء أو للاستحمام ولا أُطيق رائحة بدني، بسبب هذا الشكل"، مضيفا أن يتألم لحال العشرات من النسوة والشباب والرجال الذين يصطفون أمام سقاية الحي يتناوبون على ملء كل مقعر يحفظ الماء وبجانبهم الدواب والشاحنات الصهريجية". وتشير أصابع الاتهام إلى زراعة البطيخ الأحمر، التي تستنزف الفرشة المائية بالمنطقة منذ دخولها إلى المنطقة، وما سببته من خصاص مائي، رغم التطمينات التي قدمها مسؤولون في عام 2017 إلى اليوم، ليبقى مشكل الخصاص المائي بدون حل، يؤرق الساكنة ليل نهار، وفق تعبير من تحدثوا ل"الصحراء المغربية" من سكان بلدة فم زكيد. وتزداد معاناة ساكنة فم زكيد بانتظارهم لأيام وصول الصهاريح المجرورة بجرار لتبتاع منها مياه الشرب. يقول محمد بن عينان للجريدة "أمام معاناة الخصاص في الماء الشروب تزداد مصاريف جلب الماء عبر شاحنات صهريجية تنفذ بسبب الخصاص الكبير، فضلا عما تخلفه من استنزاف مالي من جيوب ساكنة تعاني العوز، وفي الوقت نفسه نحن ملزمون بأداء فاتورة استهلاك الماء الشروب الشهرية لمصالح مكتب الماء الصالح للشرب".
قنينات الماء المعدنية.. تجارة تستنزف جيوب الأسر ومما يزيد من معاناة الأهالي، تحملهم لمصاريف زائدة عن اللزوم في الاستنجاد بقنينات الماء المعدنية التي صارت تجارة تستنزف هي الأخرى جيوب الأسر، ومعها معاناتهم مما يخلفه الخصاص المائي في تلوث البيئة والأزقة، أما بخصوص اتساخ الأبدان والأفرشة والملابس وأرضيات المنازل، فحدث ولا حرج، وفق ما شرحه ل"الصحراء المغربية" كريم الحدان، أحد أهالي المنطقة في حديثه، في حسرة وتعسر. ويتعمق الجراح أكثر بالانتظارات ساعات طويلة من أجل الحصول على لترات ماء، فيما الأطفال في المدارس لا يجدون ما يقضون به حاجاتهم اليومية، حيث تزكم المراحيض في المؤسسات التعليمية بالمنطقة الأنوف، ولا يجد المتعلمون والمعلمون ما يشربون، فما بالك ما يغشلون به أيديهم كلما اتسخت أو وجوههم لنفض عرق بعد تعب العمل والاجهاد ولدراسة والتجارب. أما النسوة فيكون دورهن طيلة اليوم مراقبة قدوم الشاحنات الصهريجية علهن يظفرن بلترات من أجل قضاء ضروريات المطبخ، يحملن ما غنمنه من ماء وظهورهن مقوسات بثقل الحمل والماء يزيد منه عبأ البيت. أما نظافة الملابس والتصبين فالأمر يحتاج لبرمجة أسبوعية إن لم نقل مرة كل 15 يوما من أجل القيام بما يلزم بعد توفير الماء وتجميعه لأيام في صهاريج وبقنينات تفي بالمطلوب. ويطالب أهالي فم زكيد من المصالح المختصة تأمين هاته المادة الحيوية لفائدة ساكنة البلدة أسوة بباقي جماعات إقليم طاطا من أجل حقهم في الماء، ولتلبية حاجاتهم واحتياجاتهم اليومية التي لا يمكن لأي إنسان أن يستغني عنها في معيشة اليومي، صباح مساء، على حد تعبيرهم.