قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إن العدالة لا تعد شأنا قضائيا صرفا وإنما هي أيضا شأن مجتمعي ومجال خصب لعدة متدخلين، ما يجعل أزمة الثقة فيها تتقاسمها كل الأطراف المتدخلة في العملية القضائية". وأضاف الداكي، في معرض كلمته، اليوم الأربعاء، بالرباط، في ندوة "مرفق العدالة على ضوء تقرير النموذج التنموي الجديد" أن ذلك "يجعل تحمل المسؤولية فيها (العدالة) بصفة جماعية لرفع التحدي وكسب رهان تحقيق النموذج التنموي الذي يتطلع إليه جلالة الملك". وأوضح الداكي، خلال الندوة المنظمة من طرف المكتب المركزي لودادية موظفي العدل، بتنسيق مع وزارة العدل، بالمعهد العالي للقضاء، أن "الأمر يتعلق بعدالة قادرة على كسب رهان التنمية لتكون في مستوى انتظارات المغاربة، قائلا "عدالة تحظى بالمصداقية والثقة، عدالة مستقلة وفعالة، تربط تحقيق النتائج بالأهداف في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، عدالة قادرة على أن تكون قاطرة لتحقيق التنمية بمختلف تجلياتها". وفي هذا الصدد، أبرز الداكي أن مكونات السلطة القضائية بما فيها رئاسة النيابة العامة، منكبة على دراسة وتحليل الخلاصات التي وردت في التقرير العام للجنة النموذج التنموي الجديد، مشددا على أن الهدف هو "تعميق تشخيص الواقع الحالي لمنظومة العدالة بالمملكة، والبحث عن مختلف الصيغ المناسبة والآليات الممكنة لتجاوز كل الاختلالات، حتى تكون السلطة القضائية في الموعد من أجل كسب رهان التنمية بالمغرب. وعرج رئيس النيابة العامة على مضامين الندوة، مؤكدا أنها تأتي في سياق التفاعل مع مخرجات التقرير العام الذي قدمه رئيس لجنة النموذج التنموي الجديد بين يدي صاحب الجلالة، قائلا إنه "خلص إلى أن بنية العدالة بالرغم من الإصلاحات التي عرفتها إلا أنها مع ذلك ما زالت تعاني من بعض الأعطاب، مثل طول أمد البت في الملفات القضائية، والنقص في الكفاءات، وضعف الشفافية وغيرها". وأشار في هذا الصدد إلى أن "ذلك يفرض على كل مكونات العدالة من قضاة وموظفي كتابة الضبط ومحامين وخبراء وعدول وتراجمة ومفوضين قضائيين، وشرطة قضائية وغيرهم من مساعدي العدالة، المشاركة في ورش إصلاح القطاع عبر الانخراط الجاد والمسؤول في إرساء دعائم التخليق وتكريس قيم الحياد والنزاهة وخدمة الصالح العام، وتعزيز ثقة المواطن والمستثمر في عدالتنا". وأكد أن "الرغبة الأكيدة للمغرب في بناء عدالة نزيهة وفعالة قريبة من انشغالات المواطن، تجسد من خلال الإرتقاء بالقضاء إلى سلطة في ظل دستور 2011، والذي أقر استقلال هذه السلطة القضائية عن باقي السلط، ثم تلا ذلك استقلال النيابة العامة عن السلطة الحكومية". ومن جانبه، قال محمد العمراني بوخبزة، عضو اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، إن تنظيم هذه الندوة يأتي ضمن التوجه الذي اختاره جلالة الملك للنموذج التنموي، مضيفا أن جلالته طالب أعضاء اللجنة بالقيام بلقاءات تواصلية من أجل شرح مضامين التقرير، وتمكين جميع مكونات المجتمع من فهم مضامينه، والانخراط الكامل في تنزيل وتفعيل مضامين النموذج التنموي. وأوضح عضو اللجنة الخاصة، خلال الندوة ذاتها، أن ما ميز المداخلات خلال الندوة هو وجود اللتقائية بين جميع المكونات حول مضامين التقرير الذي جرت صياغته بمنطق التشاركية، حيث سمح لجميع مكونات العدالة بأن تدلي بدلوها. واعتبر المتحدث أن هذه الالتقائية بالمهمة والإيجابية التي تكشف استعداد مكونات منظومة العدالة للتفاعل الإيجابي مع مضمون التقرير فيما يخص مرفق العدالة، الذي أشار إلى نقطة محوية وهي ربط منظومة العدالة بتحرير الطاقات، وإقامة دولة الحق والقانون، مبرزا أن ذلك يشكل رسالة قوية لتشكيل مجتمع قوي له الثقة في مؤسساته خاصة مؤسسة العدالة. وقال بوخبزة "نعتبر أننا في السياق السليم لإنجاح وتفعيل كل مضامين التقرير بشكل تشاركي وفق منهجية خطها جلالة الملك على أساس أن تكون الأمور واضحة دون لغة خشب وأن يتملك جميع المغاربة هذا التقرير". محمد عبد الصادق السيعيدي، الكاتب العام لودادية موظفي العدل، المنظمة للندوة، قال إن التقرير أشار إلى قضايا قوية تهم مكونات العدالة بشكل كبير، واصفا إياها ب "القضايا المؤلمة والقاسية ولابد أن نتحملها جميعا خاصة انخفاض منسوب ثقة المواطن في العدالة". واعتبر السعيدي أن "انخفاض هذا المنسوب لا يتحمله القاضي أو كاتب الضبط لوحدهما بل يتحمل مسؤوليته الجميع"، موضحا أن "هذا يتطلب من الجميع المزيدا من العطاء ومعرفة الأسباب التي تجعل المواطن المغربي اليوم متخاصما مع عدالته، وتجعله يفكر في أن العدالة فيها الفساد والرشوة ومن الصعب الولوج إليها"، مؤكدا أن الجواب عن هذه الأسئلة هو محور الندوة المنظمة واللقاء مع ممثل اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي .