العمل على ترسيخ مبادئ التحول الرقمي بالنسبة للأفراد من أجل بلوغ مستوى المجتمع الرقمي، وتخطي مجرد الاستهلاك على هذا الصعيد يبقى مهما، ومن الضروري تكريس الثقة الرقمية باعتبار أن الرقمنة مشروع مجتمع، تشكل فيه ثقة الفرد حجر الزاوية. ولا تعني السيادة الرقمية في معناها الواسع أبدا مفهوم الانعزالية، ولا يتعلق الأمرفقط بالتوفر على الحوسبة السحابية "الكلاود" ومراكز البيانات والبرمجيات بل على تطبيقات سيادية، إلى جانب أخذ بعين الاعتبار مسألة التحالفات.
جاء ذلك خلال فعاليات اللقاء الثالث المنظم اليوم الجمعة في إطار سلسلة ندوات مجموعة لوماتان حول "الرهانات الجديدة للرقمنة"، التي افتتحها محمد الهيتمي، الرئيس المدير العام لمجموعة لوماتان بكلمة قال فيها إن تحديات السيادة الرقمية تحيل مباشرة إلى الثقة في التكنولوجيا الرقمية، مايعني "الثقة في وجود منظم يتمتع بالسلطات والاستقلالية وأيضا الثقة في مصداقية الشبكات والمنصات، الأمر الذي يقودنا جميعا مباشرة إلى الأمن السيبراني". أضاف الهيتمي في كلمته الافتتاحية خلال فعاليات اللقاء، أن القوة التي أضحت لدى "غافام" (غوغل آبل، فايسبوك وأمازون ومايكروسفت) وNATU (نيتفليكس، وإيربي إن بي، وتيسلا وأوبير) مكنتهم من التموقع كمنافسين حقيقيين للدول، مشيرا إلى تغير أنماط الحكومة لتصبح البيانات نفط القرن الحادي والعشرين. واعتبر الهيتمي أن الحديث عن السيادة الرقمية يحيل إلى مفهوم قوة الدولة. ومع ذلك، فإن "الأنشطة البشرية تحكمها الآن التكنولوجيا، ما يجعل الدول في واجهة مباشرة مع الفاعلين الرئيسيين الذين يسيطرون على هذه التكنولوجيات". وأردف قائلا "ببساطة، تعتمد مجتمعاتنا على هذه التكنولوجيات، ويتم التحكم في هذه التكنولوجيات من قبل هذه الشركات المتعددة الجنسيات، وليس الدول، فضلا عن الأشياء المرتبطة، والروبوتات والخوارزميات والذكاء الاصطناعي والتي تحكمها أكواد الكمبيوتر، والقواعد التقنية التي طورها مهندسو الكمبيوتر، بدلا من النصوص القانونية التي تضعها البرلمانات". وأضاف أنه بالكاد بدأت البلدان تدرك هذا الأمر، كما هو الحال في أوروبا التي اعتمدت RGPD (القانون العام لحماية البيانات الشخصية)، الذي كرس حقوقا معينة (الحق في النسيان-الحق في إلغاء الإدراج في القائمة لقابلية نقل البيانات الشخصية-الحق في المعلومات والحق في التعديل). وأبرز المتدخلون أن التموقع الجيو استراتيجي في إطار السيادة الرقمية، يفرض تحقيق درجة النضج في اكتساب المهارات، موضحين أن ذلك يتأتى أيضا وعلى الخصوص من خلال النصوص التنظيمية لهذا المجال، مستعرضين في الآن ذات القوانين المصادق عليها في المغرب ومن بينها القانون رقم 09 08، المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، والذي يتيح إمكانية إقامة تحالفات موسعة مع أوروبا وإفريقيا في هذا الإطار. وأبرز المشاركون أن خطر التهديدات يبقى متواصلا "فالتهديدات تتغير كل يوم ويبقى أكثر القطاعات متضررة بإشكالية الأمن السيبراني القطاع المالي"، موضحين أن عدد المهندسين في المغرب في الاعلاميات يبلغ عددهم 15000، منهم فقط 500 يشتغلون في الأمن السيبراني.