قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أمس الخميس، إن افتتاح مكتب برنامج الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا بالرباط، ينسجم مع توجه المغرب والتزامه، في ظل القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تجاه قارته. وأضاف بوريطة في كلمة خلال حفل افتتاح مقر هذا المكتب، الأول من نوعه في إفريقيا، أن هذا الحدث "ينسجم بشكل طبيعي مع توجه المغرب والتزامه تجاه إفريقيا، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، كما يؤكد دور المملكة كقطب إقليمي، مشيع للاستقرار والأمن في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل بشكل خاص، وعلى صعيد القارة برمتها". وتابع بوريطة قائلا، إن الأمر يتعلق ب"مثال ساطع" للتنسيق الممكن بين دولة عضو والأمانة العامة للأمم المتحدة لتنفيذ استراتيجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، وتعبير ملموس عن كون "النهج العملي في التدريب وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى لا يقل أهمية عن الالتزام السياسي". وأكد الوزير أن "التنسيق هو في حقيقة الأمر، أساس مكين لمحاربة ظاهرة عابرة للحدود مثل الإرهاب"، مشيرا إلى أن المغرب سينهض "بشرف والتزام" بهذه المسؤولية "كمحتضن طبيعي" لمكتب برنامج الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب في إفريقيا. وتوقف الوزير في هذا السياق، عند التحديات الأمنية الرئيسية التي تواجه القارة، مبرزا "المنحى المنذر بالخطر للتهديد الإرهابي المتعاظم في إفريقيا". وأشار إلى أنه "منذ أزيد من عقد من الزمن، كان يُنظر إلى الإرهاب على أنه تهديد خارجي إفريقيا. واليوم، وجد الإرهاب موطئ قدم له في القارة"، مشيرا إلى أنه "في الوقت الذي تركزت فيه جهود مكافحة الإرهاب على أجزاء أخرى من العالم، اعتقد البعض أن معظم أنحاء إفريقيا كانت في مأمن من انتشار هذه الآفة". وحذر بوريطة من أن أربع مجموعات إرهابية رئيسية موجودة في إفريقيا، مع عشرات الجماعات الموالية لها، والتي تنشط في أكثر من 25 دولة إفريقية، مضيفا أن القارة لم تعد مجرد بؤرة للمقاتلين الإرهابيين الأجانب، ولكنها أصبحت ملجأ للإرهابيين الذين نفذوا، في عام 2020 وحده، نحو 7108 اعتداء قتل فيه 12519 ضحية. وسجل أن منطقة الساحل والصحراء في طريقها لتصبح ثاني أكثر المناطق تضررا من الإرهاب في العالم، مشيرا إلى أن عام 2020 كان "الأكثر دموية من حيث العنف الإرهابي" في المنطقة، حيث بلغ عدد القتلى 4250، بزيادة قدرها 60 بالمائة مقارنة بعام 2019. وأشار بوريطة إلى أن الانعكاس الاقتصادي للإرهاب في إفريقيا خلال السنوات العشر الماضية بلغ 171 مليار دولار، بما في ذلك 13 مليار دولار في عام 2019، موضحا أن التكلفة الاقتصادية للعنف الإرهابي تضاعفت بتسع مرات منذ عام 2007. وبحسب الوزير، فإن التنامي المقلق للإرهاب في إفريقيا يتطلب "تملكا وطنيا وبناء قدرات وتنسيقا ممنهجا بين الدول الإفريقية وكذا دعما كبيرا من المجتمع الدولي"، مشددا على أن "القارة تستحق أكثر من أي وقت مضى تعبئة أكبر ودعما يتناسب مع احتياجاتها الخاصة". وأكد أن طموح مكتب برنامج الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا بالرباط، يكمن في "توطيد الجهود لمواجهة تهديد إرهابي معقد ومتطور"، منوها إلى أن المكتب يروم تعزيز قدرات الدول الأعضاء من خلال تطوير برامج التكوين الوطنية والمناهج التدريبية في مجال مكافحة الإرهاب، فضلا عن مساهمته بشكل كبير في دعم الدول الإفريقية في معركتها ضد الإرهاب. وأشار الوزير إلى أن المهمة الرئيسية للمكتب تكمن في التوفير الفوري للمعلومات والمهارات والأدوات في المجالات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وتحديدا أمن الحدود وإدارة السجون والوقاية ومحاربة التطرف وإعادة الإدماج، مضيفا أن الأولوية هي ضمان مسايرة أنشطة مكتب البرنامج لاحتياجات الدول الإفريقية والتكامل مع مختلف المبادرات التي أطلقتها بلدان القارة. كما أبرز أن افتتاح مكتب البرنامج يأتي في سياق خاص يتسم بتظافر الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب مشددا على أن المغرب، بصفته شريكا في أمن القارة الإفريقية وتنمية البلدان الشقيقة، لن يألو جهدا في دعم تحقيق أهداف المكتب. وخلص الوزير إلى التأكيد على التزام المغرب بمشاطرة البلدان الإفريقية خبراته المتفردة التي راكمها على مدى أزيد من عقدين في إطار استراتيجيته لمحاربة الإرهاب، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس.