يعتبر القطاع السياحي الحلقة المهمة في الاقتصاد الوطني، حيث يمثل 7 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، إلا أن جائحة كورونا كان وقعها سلبيا على هذا القطاع الذي عرف تحولات كبيرة بسبب الجائحة. وعاش القطاع السياحي بمدينة مراكش، باعتبارها الوجهة السياحية الأولى بالمملكة، ظرفية صعبة على غرار باقي الأقطاب السياحية بالمملكة بسبب تداعيات جائحة كوفيد 19، التي أحدتت رجة قوية وأترث على العديد من المؤسسات السياحية بالمدينة الحمراء، وبرزت الحاجة إلى حلول تنهض بالقطاع، قبل أن تظهر بارقة أمل حملتها توصيات اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، التي وضعت خارطة طريق لإقلاع السياحة الدولية وإعطاء السياحة الوطنية المكانة التي تستحقها لكسب هذا الرهان. رهانات كبرى تفتح آفاقا واعدا أمام القطاع السياحي لدعم روح المقاولة ومواكبة التحول الرقمي وتعزيز الابتكار وتعبئة الموارد البشرية القادرة على كسب الرهان وجعل السياحة الوطنية تتبوأ المكانة التي تليق بها وطنيا ودوليا وإقليميا. وأكد عدد من المهنيين في اتصال ب"الصحراء المغربية"، أن المؤسسات السياحية بالمدينة الحمراء تسير في نفس التوجه والطريق التي جاءت به توصيات اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد من خلال تشجيع السياحة الداخلية. وشددوا على أن قاطرة النهوض بالقطاع السياحي لابد أن تسير على خط متوازي يراهن على السياحة الدولية ويطور منتوجات جديدة وجذابة تناسب السائح المحلي وتأخد بعين الاعتبار انتظاراته وتساهم في ترسيخ سياحة مستدامة. وعبر توفيق مديح رئيس الجمعية الجهوية لوكالات الأسفار بمراكش، ونائب رئيس المجلس الجهوي للسياحة، عن تفاؤله بعودة الحركة السياحية إلى سابق عهدها بالمدينة الحمراء، ايدانا ببداية التعافي من أضرار فيروس كورونا على القطاع السياحي، وذلك بعد الاستقرار الذي يجري تسجيله في العدد الأسبوعي للوفيات والمرضى في وضعية حرجة بسبب كوفيد 19. من جانبه، أكد الزوبير بوحوت خبير في المجال السياحي وفاعل مهني في القطاع، أنه بات من الضروري إعادة التفكير في القطاع السياحي عبر مقاربة تتجاوز التدابير الظرفية وترتكز على التوجهات العالمية والوضع الجديد الذي أحدثته جائحة كورونا. وأضاف الخبير في المجال السياحي، أنه بالرغم من قربه الجيواستراتيجي من أهم الأسواق المصدرة للسياح وتوفره على العديد من المؤهلات السياحية (التراث الطبيعي والتاريخي المادي واللامادي) التي تمكن من تطوير عروض ذات قيمة متنوعة (السياحة الثقافية، السياحة المستدامة، سياحة الإستجمام والرياضة، السياحة الصحية، سياحة الأعمال)، فإن عدد السياح الذين يستقبلهم المغرب كل سنة يبقى ضعيفا مقارنة مع ما يتوفر عليه من إمكانات، حيث يزور المغرب كل سنة 7 مليون سائح أجنبي فقط، وهو أقل من نصف عدد السياح التي تستقبلهم جزر الكناري مثلا ( 15 مليون سائح). وأشار إلى أنه بالإضافة لضعف أداء القطاع مقارنة مع بعض الجهات المنافسة، أثرت أزمة كوفيد 19 بشكل كبير على قطاع السياحة بالمغرب مما أدى إلى نتائج سلبية على التشغيل والدينامية الاقتصادية، حيث تراجع أداء القطاع بحوالي 80 في المائة من عدد الوافدين وليالي المبيت مقارنة مع سنة 2019 كما تأثرت كل المدن ذات النشاط السياحي المرتفع كمراكش و أكادير و طنجة وفاس وورزازات. وشدد بوحوت على ضرورة إعطاء السياحة نفسا على المدى الطويل لتمكينها من الاستفادة واستغلال جميع الفرص التي يتيحها الطلب الوطني والعالمي، وخلق المزيد من القيمة وفرص العمل ذات جودة ودلك بالتركيز على استكمال عرض الإيواء بعرض تنشيط وتجارب متنوعة ذات جودة، في إطار مقاربة منظوماتية، وتعزيز السياحة الداخلية عبر اتخاذ تدابير لدعم الطلب المحلي لتعزيز ولوج المواطنين المغاربة إلى عرض يتلاءم مع انتظاراتهم وقدرتهم الشرائية، وتعزيز الحملات الترويجية لتشجيع السياح الوطنيين على اكتشاف وجهات محلية جديدة، والتكيف مع أساليب التسويق الجديدة للعرض السياحي، وتعزيز قدرات القطاع على التكيف والإستدامة للتصدي للأزمات المحتملة في المستقبل بتحسين نوعية التشغيل في القطاع خصوصا عن طريق توفير الحماية الاجتماعية لجميع العاملين في مجال السياحة، بما فيهم العمال الموسميين. وخلص إلى القول بأن قطاع السياحة يشهد على الصعيد الدولي تحولات كبرى من خلال تزايد الطلب على التجارب الثقافية وعلى السياحة المسؤولة والمستدامة، والاهتمام بالانغماس الاجتماعي من خلال الإقامة في ضيافة الساكنة والبحث عن تجارب أكثر تكيفا مع طلبات الزبائن.