تحظى مدينة مراكش بتزايد كبير لعشاقها سواء المغاربة او الأجانب الذين استهوتهم بسحرها وطيبوبة سكانها بالإضافة إلى خصوصيتها التي تتفرد بها بين المدن الكبرى للمملكة، لتكون بفضل المؤهلات التي تتوفر عليها قبلة لامحيد عنها للاستمتاع بجمال حدائقها والوقوف عند أسوارها ذات الحمولة التاريخية التي تعكس مدى الحضارات المتعاقبة التي جعلت منها قطبا هاما في مسيرة المغرب التنموية. وشهدت مدينة النخيل منذ القدم استيطان العديد من الأسر الأجنبية التي استطاعت الانصهار مع الساكنة المحلية وساهمت بشكل كبير في ازدهار أسواقها والمشاركة في بناءها وكذلك في توسعها العمراني الذي يرعى خصوصية المدينة، التي لم تمنع هؤلاء الأجانب المقيمين بين احضانها من المحافظة على عادات وتقاليد أسرهم في احترام تام للأسر المراكشية المتمسكة بموروثها الثقافي المتنوع والغني بروافده التاريخية. ويتجلى هذا الاحترام والانسجام على الخصوص في شهر رمضان الكريم حيث تسعى الأسر الأجنبية إلى مشاركة المراكشيين أفراحهم وتقاليدهم التي يحرصون كل الحرص على استحضارها خلال هذا الشهر الفضيل من بينها إعداد الأطباق المتنوعة والحلويات المختلفة التي تضفي رونقا على مائدة الإفطار. ولرمضان طابع خاص في هذه المدينة التي وحدت عبر السنين كل الأطياف الأجنبية التي استقرت بها،وتعايشوا مع أهل مراكش في وئام وسلام حتى صاروا قطعة من مراكش. هيرفي روسو، فرنسي متقاعد، يقيم في مدينة مراكش منذ ثماني سنوات، أكد في حديثه ل"الصحراء المغربية" أن مدة إقامته بالمدينة الحمراء مكنته من التعرف عن قرب على سلوكيات وعادات أهل مراكش خاصة في شهر رمضان الذي يعتبر الفترة التي يعيش فيها المراكشيين بجميع مكوناتهم نمطا يختلف عن باقي الشهور. وقال روسو، في بداية إقامتي بهذه المدينة، حاولت التأقلم مع الأجواء التي تعيشها المدينة خلال هذا الشهر، حيث عدد من المتاجر والمطاعم والمقاهي وفضاءات الترفيه تغلق أبوابها في النهار احتراما لمشاعر المسلمين، ولا تدب الحركة الا بعد غروب شمس كل يوم، حيث يحرص المراكشيون على المحافظة على عدد من التقاليد المرتبطة بهذه الفترة وهذا ما أثمنه عاليا بالنظر لى أنه في فرنسا أصبحنا نفتقد لمجموعة من التقاليد وبعض الجزئيات التي كانت تميز الشعب الفرنسي . وأضاف ايرفي روسو، أنه مع استمرار جائحة كوفيد 19 التي تسببت في ضرر كبير في اقتصاديات كل الدول وطالت الجوانب الاجتماعية، فان الأسر المراكشية عانت من هذه الوضعية بحكم ان المدينة تعتمد كثيرا على القطاع السياحي لتحريك اقتصادها . وأوضح أن السياح الأجانب الذي يفضلون زيارة هذه المدينة خلال شهر رمضان بإمكانهم اكتشاف هذه العادات والتقاليد المحلية في التعامل بين الأفراد وأيضا التعامل مع الأجانب المقيمين بالمدينة الحمراء ، خاصة مائدة الإفطار التي تحرص بعض الأسر المراكشية على تقاسم هذه الوجبة مع جيرانهم الأجانب ومن ديانة أخرى . وأشار إلى أن إقامته بهذه المدينة الساحرة، مكنته من الاطلاع جيدا على هذه العادات التي تبقى محصورة فقط في هذا الشهر، الذي تتغير فيه الحياة اليومية للمراكشيين خاصة في طريقة الطبخ باعتماد على مجموعة من الأطباق التي تعد أساسية في تزيين مائدة الإفطار، وهو ما اعشقه كثيرا وأحبذه لغنى المأكولات المقدمة وتنوعها واستمتع بهذه للحظة الجميلة. من جانبها، أوضحت ماريون فوسوريي مدرسة فرنسية مقيمة بمراكش، أن شهر رمضان هو فترة استثنائية لان مراكش في العادة مدينة مفعمة بالحركة ويمكن أن تفعل فيها ماتريد، في المقابل تكون أيام رمضان جد هادئة وأفضل فترة خلال اليوم هي وقت الفطور عندما يلتقي المراكشيون مع بعضهم البعض ويتشاركون مائدة الافطار بعد ساعات من الصيام. وأضافت فوسوريي أن المظاهر المتأصلة التي تؤثث شهر رمضان وتضفي نكهة خاصة على يومياته بمراكش، لعل أبرزها الموائد العائلية والإفطار الجماعي والندوات والأمسيات الثقافية وغيرها، اختفت هذه السنة، في ظل جائحة كوفيد 19 أرغمت المملكة على فرض حالة طوارئ صحية ، التي أدت إلى تقييد حركة المواطنين ومنع التجمعات العامة وإغلاق دور العبادة والمطاعم والمقاهي. بدوره، أكد عمر ديالو طالب سينغالي يتابع دراسته بمدينة مراكش، أنه يتواجد بالمدينة الحمراء منذ أربع سنوات، وهذه السنة يحتفي برمضانه الرابع بين أهل مراكش، مبرزا أن السنتان الأخيرتان كانتا صعبتين على العالم أسره بسبب تفشي الجائحة. وأشار ديالو إلى أنه رغم الظرفية الاستثنائية لا تتردد الأنفس الكريمة بالمدينة الحمراء في إعداد أطباق لذيذة للمسلمين الأجانب بهدف تخفيف قسوة الغربة عليهم.