أينما حل الزائر للهند هذه الأيام، يقابله أشخاص يحملون أواني مليئة بالأصباغ والورود، وهم يصرخون ويرقصون ويجعلون الكل يشارك في احتفالاتهم بعيد الهولي، الذي يمثل بالنسبة للهنديين فرحة بقدوم فصل الربيع، على الجميع أن يشارك فيها كيفما كانت جنسيته أو ديانته أو مستواه الاجتماعي. ورغم أن الاحتفال بهذا العيد الذي يعد أيضا احتفالا دينيا لطرد الشياطين، يجري في المهرجان المُقام في براج، في الأماكن التي ترتبط بالإله كريشنا، وهي، منطقة ماتورا، ومنطقة فريندافان، ومنطقة نانداغاون، ومنطقة بارسانا، إلا أن كل المدن مطالبة بإقامة احتفالات مصغرة لتعم الفرحة والابتهاج بقدوم الخير على الجميع، كما تخصص جميع الفنادق فقرات احتفالية بهذا العيد الذي يعرف أيضا بمهرجان الألوان. يدوم الاحتفال بهذا العيد ثلاثة أيام، ويتهافت الهنديون على تلوين أوجههم بالألوان الزاهية، تعبيرا على فرحتهم بعيد الهولي يوم 13 مارس. ويوم الاحتفال بعيد الهولي يكون عطلة في الهند، تغلق فيه جميع المحلات، كما تعطل جميع الخدمات العمومية كالقطارات والميترو. ويبادر الهنديون إلى تحية الجميع بتحية خاصة بالهولي، وهي "هولي سعيد" مع صراخ ورشق بالأصباغ والورود، دون الاكتراث بأخذ موافقة وما على الآخر إلا رد التحية بمثلها تأكيدا منه على مشاركتهم الفرحة بعيدهم. ويمثل الهولي، الذي يحتفل به كل عام مع نهاية فصل الشتاء أحد الاحتفالات الهندوسية. ولا يرتبط الاحتفال بالهولي بالاحتفاء بقدوم فصل الربيع فقط، بل يعتقد الهندوس أن هذا المهرجان يطرد الشياطين. ويضفي الاحتفال بمهرجان الألوان على شهرة الهند كبلد يزخر بتعدد الألوان وتنوعها جمالا آخر، إذ تصبح جميع مدن الهند كلوحة فنية أو فسيفساء متداخلة الألوان، بتركيبته العرقية والدينية والتاريخية الغنية والفريدة، وحتى بتباين مناطقه وجغرافيته. وترجع جذور الهولي إلى مرحلة قديمة جدا، وهو يخفف من الهوة الاجتماعية بين مختلف فئات المجتمع وأطيافه، إذ يشهد مشاركة الجميع في الاحتفال من دون استثناء أو تمييز. ويختلف موعد الاحتفال بهذا العيد من سنة لأخرى، إذ يحتفل به في ليلة اكتمال القمر. ورغم أن هذا العيد يشكل عيدا دينيا، إلا أن طقوس الاحتفال فيه تكون بطرق شعبية مرحة، يخرج فيها الناس إلى الشوارع منذ الليل، مرتدين ثيابا ملونة، ويرشون على بعضهم بودرة ملونة، أو يلطخون وجوه بعضهم، وسط صراخ ورقص وأغاني خاصة بهذه المناسبة. وتعود قصّة عيد الألوان إلى روايات عدة، تحكي بعضها أنّه يعود إلى الإله كريشنا، إذ يروى أن الغيرة الشديدة أصابته من بشرة رادا، توأم روحه، ذات اللون الأبيض، فذهب إلى والدته واشتكى غيرته وحزنه بسبب لون بشرته الدّاكن، فما كان من والدته إلاَّ أن اقترحت عليه أن يرشّ وجه رادا باللون الذي يغيّر فيه لونها حسبما يودّ. أمّا الروايات الأخرى فتؤكد أن الهولي يعود إلى الأساطير المعروفة عند الهندوس، والتي تحكي عن الإشعاع المنتشر في الوجود، حيث إنّ هذه الإشعاعات تنشر الضوء من خلال موجات، لكافّة أرجاء الأرض، وتُكمل العناصر الأربعة الموجودة في الطبيعة لدى الهندوسيين، وهي الماء، والرياح، والنّار، إضافة إلى التُراب. كما تربط بعض الأساطير الهندوسية الهولي بحرق هوليكا، شقيقة ملك الشياطين، ومن هنا جاء اسم "هولي"، بينما يرجع البعض سبب التسمية إلى الإنجليزية، التي تعني "المقدس".