واستهل الخطيب خطبتي الجمعة، بالتذكير بفضائل الاسلام دين الوحدة و الاتحاد، والتعاون والاجتهاد، والتضامن والتآزر، لا دين فرقة وشتات، وتنافر وتضاد، دين يصلح بين المتخاصمين، ويقرب بين المتنافرين، ويدعو إلى تزاور المتباعدين، مبرزا أن صلة الرحم وذي القربى فريضة دينية، وضرورة اجتماعية تتطلبها الحياة اليومية. وأشار إلى أن الإنسان ضعيف بنفسه، قوي بأهله وإخوانه وجيرانه، والرحم هي الأقارب من آباء وأمهات، وأبناء وبنات وإخوة وأخوات، وأعمام وعمات، وأخوال وخالات، وما تناسل من هؤلاء وأولئك، مضيفا أن صلة الرحم تكون بالزيارة، والبحث عن أحوال ذوي القربى، وإيصال ما أمكن من خير إليهم، ودفع ما أمكن من شر عنهم، ومشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم، وإظهار البشر والسرور عند لقائهم، ومساعدتهم بقدر الإمكان، وحمايتهم من الأذى والأضرار. وأبرز الخطيب أن الإحسان إلى ذوي القربى من أعظم الوسائل في تثبيت المحبة وتوثيق روابط الأسرة، وجعلها متضامنة متماسكة، وكلما كانت الأسرة كذلك كانت الأمة كلها بخير، يقول الله عز وجل: "وأولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله"، ويقول تعالى: "واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام، إن الله كان عليكم رقيبا". وذكر الخطيب بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبنا في صلة الرحم، ودعانا إليها وبين لنا أنها من أهم وسائل الزيادة في الرزق والبركة في العمر. وسجل أن للرحم عند الله تعالى منزلة عظيمة، وإنها في حمايته مصونة مكرمة، لذلك وجب رعايتها والمحافظة على صلتها بالود والإحسان، والعطف والحنان، مشددا على أن النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا تحذيرا شديدا من قطع الرحم لما يترتب عن ذلك من الحرمان من نعيم الآخرة، فقال صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة قاطع رحم). وأشار الخطيب إلى أن العلماء يقررون أن المؤمنين، كما أنهم أولياء في الأرحام، هم أولياء في الإيمان، وأن لولاية الإسلام حقوقا مبينة بالكتاب والسنة، وهي ولاية لم تكن معروفة في الجاهلية، وأن أواصر العقيدة والرأي أقوى من أواصر الجسد. وفي هذا الصدد، ذكر الخطيب بأن المملكة الشريفة الضاربة جذورها في أعماق التاريخ والحضارة وعالم القيم، لا تحرص على تقوية صلة الرحم بين مواطنيها وداخل حدودها فحسب، بل تذهب بهذه الصلة إلى أبعد مدى، إلى أقطار إفريقيا التي تعتقد، عن صدق وإيمان راسخين، أن لها بالمملكة المغربية صلات متينة متعددة الأبعاد، صلات العقيدة مع التي تدين بالإسلام منها، وصلات الجوار والحضارة والتاريخ و وحدة المصير معها جميعها. وأضاف أن الرؤية الإفريقية لأمير المومنين أعز الله أمره، وزياراته لهذه البلدان بين الفينة والأخرى لتوثيق الأواصر، وتجديد العهود والمواثيق، وإرساء قواعد التعاون المثمر في شتى المجالات، ما هي إلا تعبير صادق عن هذه الصلات والروابط، التي يسعى سيدنا المنصور بالله إلى إحيائها، وتجديدها، وتطويرها بما يخدم مصلحة الجميع حاضرا ومستقبلا. وفي الختام، ابتهل الخطيب، إلى الله عز وجل بأن يحفظ أمير المؤمنين وحامي حمى الوطن والدين، جلالة الملك محمد السادس، بما حفظ به الذكر الحكيم، وينصره نصرا عزيزا يعز به الدين ويرفع به راية المسلمين، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وبباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد بواسع رحمته فقيدي العروبة والإسلام جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويطيب ثراهما ويكرم مثواهما ويسكنهما فسيح جناته.