التئم، أمس الثلاثاء بمدينة مراكش، ممثلو المؤسسات الوطنية الأعضاء بالشبكة العربية، وممثلي المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى جانب مجموعة من منظمات المجتمع المدني الإقليمية والدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، خلال اللقاء الإقليمي عالي المستوى حول " نشر ثقافة حقوق الإنسان في إطار أهداف التنمية المستدامة"، لمناقشة العلاقة القائمة بين التنمية المستدامة وحقوق الإنسان، وتدارس سبل تعزيز تعاون المؤسسات العربية فيما بينها وتوطيد علاقات الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بشركائها الدوليين والإقليميين وجميع الفاعلين المعنيين. وفي هدا الصدد، قالت أمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، إن هدا اللقاء الإقليمي يتوخى تقاسم التجارب والتحديات التي نواجهها، وكذا تدارس السبل الكفيلة بمعالجة النواقص والثغرات المسجلة وبتعزيز الاهتمام بمسألة نشر ثقافة حقوق الإنسان. وأضافت بوعياش في كلمة ألقتها بالمناسبة، أن هدا الاجتماع يأتي كفرصة جديدة لتأكيد الالتزام بتعزيز أدوارنا في مسارات تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتفكير في الحلول الناجعة والمقاربات الكفيلة بتقوية مساهماتنا لضمان الحقوق والقطع مع مقاربة تلبية الحاجيات التي لم تتمكن منذ عقود من جعل الفئات الأكثر. وأكدت بوعياش أن عملية نشر ثقافة حقوق الإنسان هي عمل وقائي بالدرجة الأولى، مع الحرص على عدم الاكتفاء بالمقاربات التبسيطية بل الانكباب بالأساس على إرساء تحول تدريجي مفاهيمي من شأنه تأمين استدامة النتائج المحصلة على المدى الطويل. وأشارت في هذا السياق، إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وضع مسألة التربية على المواطنة وحقوق الإنسان ضمن أولوياته، لا سيما عن طريق إستراتيجية ثلاثية الأبعاد (الوقاية والحماية والنهوض)، تعتمد على مقاربة أساسها المواطن كموضوع وكفاعل وكمستفيد، وهي إستراتيجية أطلقها المجلس الوطني سنة 2019 تنفذ بشكل متوازٍ ومتوازن على المستوى الترابي عن طريق لجان المجلس الجهوية وبأدوات ووسائل جديدة. وخلصت إلى أن مقاربة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقوم على فعلية الحقوق والحريات في علاقتها بالحق في التنمية، من خلال ثلاثة مداخل رئيسية: مدخل حقوق الإنسان ومدخل الديمقراطية ومدخل التنمية، باعتبارها تربط بين الإنسان موضوع الحريات والحقوق، والإنسان كمشارك وفاعل في مسار بلورة خطط التنمية، ومستفيد من التنمية عبر ولوجه للخدمات العمومية الرئيسية. من جانبه، نوه عصام يونس رئيس الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، بالدور المحوري الذي تقوم به الشبكة العربية في دعم المؤسسات الوطنية في حماية وتعزيز حقوق الإنسان في الدول العربية، وذلك من خلال التعاون المشترك وتبادل الخبرات وبناء القدرات. ودعا عصام يونس المفوض العام للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان في فلسطين، إلى تكتيف الجهود في مجال تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياقات البلدان العربية والتشريعات الوطنية، مشيرا إلى أنه لايمكن إعمال حقوق الإنسان إلا في إطار تنمية مستدامة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وخلص إلى أن أحد مخرجات التنمية وأهداف التنمية المستدامة هو احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مشيرا إلى أنه لااستدامة لأي جهود تنموية دون بيئة تحترم الحقوق والحريات ومبادئ العدالة والإنصاف. بدوره، أكد سلطان بن حسن الجمالي، المدير التنفيذي للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، أن الإستراتيجية الجديدة للشبكة تطمح لتهيئة الأدوات لنشر ثقافة حقوق الإنسان ضمن المجتمعات العربية ودعم المؤسسات الأعضاء بهذا السياق، من خلال بناء ورفع وصقل القدرات والمهارات عن طريق البرامج التدريبية والتثقيفية بمبادئ ومفاهيم حقوق الإنسان، وذلك بإطار سعيها لإيجاد بيئة اجتماعية صحية ضمن المجتمعات العربية قوامها قبول الآخر وتعزيز حرية الرأي والتعبير والممارسات الديمقراطية. وأشار إلى الشبكة تسعى لإيجاد تعاونات جديدة وفعالة مع منظمات المجتمع المدني والهيئات الحكومية والبرلمانية والجامعة العربية، وتأطير التعاون وتوسعته مع فرق ووكالات ومفوضيات وهيئات ومجالس الأممالمتحدة، ما سيمكن الشبكة من دعم قدرات المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان الأعضاء بالشبكة العربية وتعزيز قدراتها بتنفيذ مهامها وبرامجها. ويندرج هذا اللقاء، المنظم بمبادرة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، في إطار تعزيز الأدوار التي تضطلع بها المؤسسات العربية لحقوق الإنسان في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خصوصا في الجانب المتعلق بنشر ثقافة حقوق الإنسان. ويشكل هذا اللقاء، الذي تميز بمشاركة ممثلي برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، ولجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، والمعهد العربي لحقوق الانسان، فرصة لتقاسم التجارب والممارسات الفضلى وتدارس سبل رفع التحديات المطروحة في هذا المجال، إضافة إلى تعزيز النقاش حول الطرق الكفيلة بتقوية الخبرات وتعزيز القدرات. ويتوخى من هذا اللقاء الخروج بمقترح خارطة طريق في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان في سياق أهداف التنمية المستدامة، وبرؤية ومنهجية أكثر وضوحا من شأنها توسيع المساهمة في الجهوذ المبذولة لتحقيق الأهداف المسطرة من قبل المنتظم الدولي. ويتضمن برنامج اللقاء، المنظم على مدى يومين، مجموعة من الجلسات تهم أساسا "الإطار الدولي العام لأهداف التنمية المستدامة ونشر ثقافة حقوق الإنسان"، "دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان: تجارب، ممارسات فضلى، دروس مستفادة"، "أطر تعاون الشركاء مع الشبكة العربية لتنفيذ برامج المؤسسات الأعضاء على المستوى القُطري"، "عرض التحديات والاحتياجات المرتبطة بنشر ثقافة حقوق الإنسان وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة ورصد هذا التنفيذ". تجدر الإشارة إلى أن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تضطلع بأدوار هامة في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما فيها الأهداف المتعلقة بالمساواة والتربية والتعلِيم، وذلك من خلال مساهماتها في رصد السياسات العمومية والتشريعات المتعلقة بالنهوض بالحقوق خاصة في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين وتعزيز ثقافة السلام ونبذ العنف، وتشجيع التنوع الثقافي.كما أكد على ذلك إعلان ميريدا الذي تطرق لأدوار المؤسسات الوطنية فيما يتعلق بتنفيذ خطة التنمية المستدامة لسنة 2030 ورصد مدى تفعيل الدول لهذه الأهداف، وإعداد التقارير حول التقدم المحرز في إعمالها.