أوضح الوزير أن الخطأ الجسيم لم يكن دائما موجبا لعزل القضاة، وأحيانا كثيرة للإنذار فقط، على أساس أن الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية اعتبر أن الخطأ الجسيم يجب أن يكون ماسا بالحقوق ويصل إلى الضرر المبين. ودعا الرميد، وهو يرد على من يطالبون من داخل الجسم القضائي بمراجعة المادة 69 من القانون الأساسي للقضاة والحد من سلطة القاضي، إلى النظر إلى "المكتسبات"، مذكرا بمكتسب تسوية أجور القضاة، وصرف "تعويضات مجزية، اعتبرها البعض مجرد فتات" حسب الوزير. واستغرب الرميد في افتتاح الندوة، المنظمة بشراكة مع جمعية القضاة والنواب الهولنديين، انتقاد بعض القضاة مشاريع قوانين تنظيم السلطة القضائية بعد نشرها ووجودها على موقع الوزارة لأكثر من سنة ونصف السنة، وأن بعض النصوص الحالية مقتضياتها موجودة منذ 40 سنة، موضحا أن "حوارا عميقا" سبق وضع هذه المشاريع القوانين، وأن النقاش حولها في البرلمان دام أزيد من عشرة أشهر، قبل أن تصادق عليها الغرفة الأولى، في إشارة إلى أن الحوار حول المشاريع كان تشاركيا، وجمع كل المتدخلين في الجسم القضائي، معتبرا أنه لا يمكن الوصول إلى إجماع حول هذه القوانين، وأنه ضروري من الاختلاف. وقال "لسنا بصدد إجماع الناس حول رأي واحد والقوانين مازالت محط نقاش وتعديل، وما قال عنه البعض إنه غير دستوري، سيفصل فيه المجلس الدستوري بعد أن تعرض عليه هذه القوانين". واعتبر الوزير أن القضاة الذين خرجوا، في الآونة الأخيرة، للمطالبة بامتيازات وغيرها، "يريدون إثارة الفتنة والبلبلة"، داعيا إياهم إلى "القليل من الإنصاف"، ومؤكدا أن "القاضي مسؤول وأن من يحاسبه هو المجلس الأعلى للقضاء، وليس الوزير أو شخص آخر". وطمأن قضاة المملكة بوجود "ضمانات تكفل للقضاة ممارسة مهامهم بكل مسؤولية وتجرد وتطبيق للقانون"، معربا عن أمله في أن تقوم الجمعيات المهنية لمهن العدالة بالمزيد من "النقد الذاتي والتخليق، والانخراط في مسلسل التكوين والتكوين المستمر، الذي أطلقته وزارة العدل، والذي ستخصص له ميزانية مهمة"، معلنا عن قرب صرف تعويض دائم، وتعويض آخر عن عمل الديمومة، إضافة إلى مصاريف التنقل والمبيت لحضور الدورات التكوينية. من جانبه، أعلن عبد الحق العياسي، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، عن المقترحات التي أعدها القضاة لتكون هذه القوانين التنظيمية منسجمة مع روح الدستور، والتجارب الرائدة، والممارسات الحقوقية الدولية، مشيرا إلى أنها تصورات قدمت، سواء بصفة فردية، أو في إطار ائتلاف الجمعيات المهنية القضائية، لكل الجهات المسؤولة المعنية بها، من حكومة وبرلمان ومؤسسات وطنية ذات الصلة، ووسائل إعلام مختلفة، وفعاليات المجتمع المدني. وقال العياسي، ردا على تصريحات الوزير، إن "القضاة يريدون الضمانات المهنية والمكانة الاجتماعية التي يستحقونها، بالنظر إلى حجم العمل الكبير، والجهد الذي لا يمكن أن ينكره إلا جاهل أو جاحد، ولثقل الأمانة والمسؤولية التي يتحملونها بإيمان وصبر كبيرين". وأوضح العياسي أن "الإحساس بالاستياء والتخوف من مستقبل ممارسة المهنة، السائد حاليا، إحساس عام لم يستثن أي فئة، إذ أفرزت اللقاءات المباشرة وكل آليات التواصل المتاحة عدم الرضا عن مجموعة من المقتضيات، مثل اختصار السلطة القضائية في مجلس أعلى لا يملك مقومات استقلال حقيقي، ولا القدرة على تدبير المجال القضائي بعيدا عن هيمنة السياسي، وترك منافذ تشريعية من شأنها المساس باستقلال القضاة، وضماناتهم، وأمنهم المهني والاجتماعي، الذي يعد مدخلا أساسيا لترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتعزيز الثقة في العدالة بما يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة لأحكام القضاء، واستمرار الغموض حول طبيعة العلاقة بين وزارة العدل والسلطة القضائية.". واعتبر العياسي أن هذا اللقاء الدولي يحمل "دلالات ويجسد الكثير من القيم والمعاني التي يؤمن بها القضاة ويناضلون من أجل تكريسها، وقيم الأمن والعدل ودلالات الأسرة القضائية الموحدة، التي تساهم بكل إيجابية ومسؤولية في الأوراش الإصلاحية الكبرى بقيادة جلالة الملك، لبناء دولة الحق والمؤسسات، ومغرب الحرية والكرامة والمساواة والمواطنة". وأضاف أن المغرب بلغ مرحلة حاسمة في تاريخ القضاء، من خلال مصادقة مجلس النواب على مشروعي القانونين التنظيمين المتعلقين بالسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، مشيرا إلى أن "الودادية الحسنية لم تدخر أي وسيلة لإيصال صوت القضاة والدفاع عن مطالبهم، بما يتلاءم وقيمنا القضائية"، وأنها شاركت في الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة وفي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كما مثلت قضاة المملكة بالمؤتمرات والندوات الدولية والإقليمية، التي تكون مناسبة لطرح "بدائل جديدة للإصلاح، ومقاربات دولية لتكريس الاستقلال المنشود".