لم يحرك فينا هذه المرة وتر الموسيقى، التي كانت تطربنا ونحن نحفظ أغانيه عن ظهر قلب، حتى نتنافس بالصدح بها في الملتقيات التضامنية، أو التجمعات الاحتجاجية.. حينها لم نكن نعلم أن ما جذبنا إليها، رغم قوة حضور القضية، هو تلك النبرة الموسيقية المفعمة بالحب لتعطي نغمات رقيقة مغلفة بالثورية. اليوم، يحضر مارسيل إلى المغرب لا ليغني ويطرب بل ليحرك فينا ما يعتبره أسمى ما في الوجود: الحب. وأعتقد أن ما زاد إصراره على الحديث عن الحب، ولا شيء غير الحب وحرية الحب، هو ذلك الحب والعطاء الذي عاينه هناك، عند نساء المغرب العميق. فقد لمس الحب لكن بدا له مقموعا متخفيا وراء نوع من التقاليد والأعراف الكابتة له، كما بدا له في إصرار وتحدي وقوة المرأة، وتلك الرغبة في الانعتاق والخروج إلى عالم المعرفة وعالم المشاركة. لهذا أصر مارسيل، مغني الثورة والحب، على أن تكون كلمته وتدخله وهو يلتقي المرأة في يومها الوطني عن الحب وعن الحرية. طلب منها أن تنسى كل مبتغاها في الحكم والوصول إلى أعلى المراتب والسلطة لتتكرس للحب، للانتفاض ضد كل أشكال القمع لحريتها في الحب، في السعادة، "حرية لا شرط لها إلا نفسها ولا حدود إلا حدودها". هي "بطولة" من رجل علمته المرأة "سر الكون وسر السعادة"، وتعرف معها على اللذة، "ليس بمعناها الجنسي، بل لذة الحياة، ومشاركة الحوار"، رجل عرف كيف يطور الأنثى، التي توجد بداخل كل رجل، بداخله، حتى تكون الزوجة والحبيبة والأم والأخت والصديقة. بطولة ينكرها الفنان الإنسان ليعترف "لست ببطل يا من يسمعون لي ويصفقون لي، أنا أبكي وأخاف، وأحيانا أكون جبانا وأحيانا قويا، لكني تعلمت أن اطور تلك الأنوثة في داخلي".