أرجع المشاركون في اللقاء، المنظم بشراكة مع مركز البحث والدراسات الاجتماعية بتونس والمجلس الوطني لتقييم السياسات العمومية للتنمية الاجتماعية بالمكسيك، ووكالات الأممالمتحدة بالمغرب، هذه النتيجة إلى الافتقار إلى الخبرة، أو غياب الطلب على التقييم، مفيدين أن الاستراتيجيات والبرامج توالت، دون أن تخضع للتقييم ولا لقياس مستوى أدائها ووقعها على السكان المستهدفين. وقال رشيد بلمختار، رئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية، إن إحداث هياكل للتقييم في المدة الأخيرة يؤكد أن المغرب يدرك أهمية هذا النشاط، لكن "في غياب تموقع استراتيجي قادر على تثمين توصياتها ودمجها في عملية اتخاذ القرار، ستظل عمليات التقييم، التي أجريت من قبل هذه الهياكل، دون تأثير يذكر في الغالب الأعم". وأعلن بلمختار أن المرصد تمكن من توفير آليات إحصائية، رغم وجود قطاع وزاري مكلف بالإحصائيات، بالنظر للأهمية التي ستوفرها لخلق قاعدة بيانات إلى جانب هذه القطاعات في مجال التنمية البشرية وكيفية استغلالها، من خلال وضع مؤشرات تهم تقييم ما يجري في المغرب، مضيفا أن المرصد يعمل على مقارنة المؤشرات الوطنية بالمؤشرات الدولية، ووضع ملاحظات لدى كل القطاعات الوزارية المعنية لمعرفة الأولويات، التي ينبغي الانتباه لها وفي الوقت المناسب. ودعا إلى الخروج من "منطق المعدل إلى منطق الأفراد"، للوقوف بشكل دقيق على مدى تطوير المؤشرات المرتبطة بالتنمية على حياة الأفراد، موضحا أن "نتائج عمل المرصد خلال سنة 2012 كانت جيدة، بتطوير خبرة معتبرة في هذا المجال، واعتماد 320 مؤشرا لرصد هذه السياسات، وتنظيم لقاءات وندوات دراسية لتحسيس واضعي السياسات حول أهمية التقييم وتقاسم نتائج الأبحاث المنجزة". وأبرز أن المرصد الوطني للتنمية البشرية يستطيع أن يلعب دورا رئيسيا في قيادة وتنسيق عملية تعزيز مأسسة تقييم السياسات، وكذا تطوير التعاون في هذا المجال. من جهته، أوضح نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن المغرب تمكن من إدراك التأخر الحاصل في العديد من القطاعات، كمحاربة الفقر، والقضاء على الفوارق الاجتماعية، وتقييم السياسات، داعيا إلى تكريس مبدأ المساواة. واضاف أن انعدام أساس قانوني لتنظيم وممارسة التقييم، ونقص المعلومات والبيانات حول البرامج والمشاريع، من العوامل التي ساهمت في الحد من عملية مأسسة التقييم، مشددا على أن تقدم المغرب في مجال اللامركزية واللاتمركز وآثارهما على تنفيذ برامج ومشاريع التنمية يقتضي تمكين مختلف الفاعلين، في مختلف مستويات القرار، من المزيد من المسؤولية والاستقلالية، وبالتالي طلبا أكبر في ميدان التقييم تبعا للخصوصيات المجالية. وبعد أن ذكر بالدور المنوط بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي في تقييم السياسات العمومية، أبرز رئيسه أن "نموذج الاقتصاد المغربي جيد، إذ طور وسائل جديدة لتقييم السياسات المالية عبر تبني القانون التنظيمي للمالية. ويتوخى المؤتمر الدولي، الذي تشارك فيه العديد من البلدان والخبراء، التبادل حول تقدم مسارات مأسسة التقييم في بلدان الجنوب، وتوضيح المفاهيم وإقناع الفاعلين بشأن أهمية هذه الممارسة من أجل تحفيزهم على اللجوء للتقييم. كما يهدف إلى ترشيد الوسائل والنفقات لتحقيق تدبير وتأثير أكثر نجاعة لبرامج ومشاريع التنمية البشرية، التي تتمحور حول التقدم المحرز على المستوى النظري والمنهجي والمهني في مجال التقييم، وحصيلة مأسسة تقييم السياسات العمومية، وتجارب البلدان في مجال تقييم السياسات والبرامج والمشاريع. وسيشكل المؤتمر، أيضا، مناسبة لتأكيد دور المغرب في النهوض بالتعاون جنوب-جنوب في هذا الميدان. كما شكل اللقاء مناسبة للمغرب للمساهمة في الإنارة الرمزية لمشعل التقييم، إذ تتنقل هذه الشعلة عبر العالم على إيقاع تظاهرات تنظم في جميع القارات طيلة سنة 2015، بعد أن أنارها الأمين العام للأمم المتحدة في نيويورك، ووزير التخطيط الهندي ووزير المالية بنيوزيلندا، في شتنبر الماضي، فيما سينيرها الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بباريس.