برحيل الفنان محمد بوشناق، تفقد عاصمة الشرق، أحد فنانيها الكبار، الذين أبدعوا في الموسيقى العصرية المجموعاتية، وطوروها بالمنطقة الشرقية وبالمغرب عامة، برئاسة الأخ الأكبر للمجموعة عمر بوشناق والأخوين رضى وحميد، قبل أن يسلك كل منهم مسارا فنيا خاصا به في بداية التسعينيات، ومع ذلك، ظل حلم العودة، وجمع الشمل، هاجسا يؤرق الفنانين الأشقاء، الذين نشأوا في بيئة موسيقية، إذ كان والدهم، الراحل بنيونس بوشناق أفندي، أحد كبار رواد الفن الغرناطي بالجهة الشرقية والمغرب، وكذا المغرب العربي، ومنه ورث الشباب الأربعة الحس الفني المرهف والاشتغال على تطويع التراث الموسيقي المحلي في قوالب فنية عصرية راقية. وبعد رحلة فنية طويلة، نقلت أداء وإبداع فرقة الإخوان بوشناق من المحلي نحو العالمي، بعد اجتهاد مشترك تطلب النهل من منابع الطرب الغرناطي المعروف بوجدة، وكذا الأداء الشعبي لمطربي الجهة الشرقية، الذين ظل أداؤهم محدودا، في إطار المدينة في غياب وسائل عصرية تساهم في الانتشار، كان الراحل محمد بوشناق حاضرا خلالها كأحد أبرز عناصر المجموعة، ورافقها في مسيرة نجاحها اللافت، منذ أواخر السبعينيات وحتى مطلع التسعينيات، حيث حققت المجموعة الموسيقية نجاحا باهرا في الساحة الفنية المحلية والوطنية بل والعالمية، قبل ظهور التطويرات الأولى التي أنجبت الصيغة الثانية العصرية لفن الراي بالجهة الشرقية وانتشاره بالمغرب وخارجه، في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات. وأضفى الإخوان بوشناق نكهة خاصة على أغنية الراي عبر الاجتهاد والعمل على استغلال التراث الموسيقي المحلي، لاسيما الطبوع الغرناطي، وهو ما جعل المجموعة الموسيقية الرباعية إحدى الظواهر الموسيقية المغربية النادرة، إلى جانب مجموعات موسيقية أخرى من قبيل "الإخوان ميكري" الرباعية كذلك، التي ذاع صيتها بالجهة الشرقية، بفضل أدائها الراقي وتوظيفها للآلات الموسيقية الغربية، وبفضل الصوت الملائكي لشقيقة المجموعة السدة الجيلالية ميكري، التي رافقت المجموعة إلى غاية خفت نشاطها في الثمانينيات. وساهم الراحل محمد بوشناق، إلى جانب أشقائه الثلاثة، في إبداع أغان ماتزال تحظى بمكان في الأذن الموسيقية المغربية، ومنها "سيدي يحي"، و"مزينها ليلة"، و"هي هي"، و"لالة ميمونة"، وكان خلالها الراحل مختصا بعزف آلة القيثار الكهربائي، ضمن فرقة الإخوان بوشناق، قبل أن يتفرغ للتلحين وتسجيل وإنتاج الأغاني في مرحلة لاحقة، إلى أن غادر الدنيا، الاثنين الماضي، عن سن الخمسين، بعد رحلة حافلة بالإبداع الموسيقي.