كانت الحكومة المصرية أمرت، في أكتوبر 2014، السكان بالقرب من الحدود مع قطاع غزة في شمال شرق البلاد بإخلاء منازلهم لإقامة منطقة عازلة على الحدود مع القطاع مع تعويضهم ماديا. وجاء ذلك بعدما كثف متشددون يتمركزون في شمال سيناء هجماتهم ضد قوات الجيش والشرطة. ويصل عرض المنطقة العازلة لنحو كيلومتر وتمتد على طول الحدود مع غزة. والمنطقة جزء من عدة تدابير أمنية اتخذتها مصر في إطار مكافحة المتشددين الذين قتلوا المئات من رجال الجيش والشرطة في شمال سيناء منذ إعلان الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013. وقالت مصر إن الهدف من المنطقة العازلة هو هدم ومنع إقامة الأنفاق غير القانونية التي تربط بين مصر وغزة عبر الحدود. ويقول مسؤولون أمنيون إن هذه الأنفاق تستخدم لدعم المتشددين بالسلاح والأفراد. وتقام فتحات الكثير من هذه الأنفاق داخل المنازل أو بالقرب منها حتى لا يتم كشفها. وذكر تقرير هيومان رايتسووتش الذي جاء في 84 صفحة ويحمل عنوان (ابحثوا عن وطن آخر) أن الجيش المصري قام مدار العامين الماضيين "بتهديم جماعي وإخلاء قسري لمنازل نحو 3200 عائلة في شبه جزيرة سيناء". وأضاف أنه "منذ يوليوز 2013 وبدعوى القضاء على تهديد أنفاق التهريب قام الجيش تعسفيا بهدم آلاف المنازل في منطقة مأهولة لإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة فدمر أحياء بأكملها ومئات الأفدنة من الأراضي الزراعية". وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة "إن تدمير المنازل والأحياء السكنية وأرزاق الناس هو نموذج مثالي لكيفية الخسارة في حملة لمكافحة الإرهاب". وأضافت "على مصر أن تشرح لماذا لم تستغل التقنيات المتاحة للكشف عن الأنفاق وتدميرها ولجأت بدلا من هذا إلى محو أحياء سكنية بأسرها من على الخريطة". واستند التقرير لمقابلات أجرتها المنظمة مع 11 عائلة تم إجلاؤها من المنطقة العازلة، بالإضافة إلى شهادات صحفيين ونشطاء كانوا يعملون في سيناء. واتهمت هيومان رايتشووتش الحكومة بأنها "قدمت للسكان النزر اليسير أو لا شيء على الإطلاق على سبيل الإنذار بالإخلاء ولم توفر لهم الإسكان المؤقت. وقدمت تعويضات كانت غالبا غير كافية عن منازلهم المدمرة ولم تعوضهم على الإطلاق عن الأراضي الزراعية ولم توفر سبلا فعالة للطعن على قرارات الإخلاء أو تهديم المنازل أو مبالغ التعويض". وأضافت "كل هذه الأفعال تنتهك تدابير الحماية المتاحة للسكان الذين يتم إخلاؤهم قسرا والمبينة في اتفاقيات أممية وإفريقية دخلت مصر طرفا فيها وربما تكون قد انتهكت قوانين الحرب أيضا". وخلص التقرير إلى أن "السلطات المصرية... أخفقت في مراعاة تدابير الحماية الواردة في القانون الدولي للسكان الذين يواجهون عمليات إخلاء قسري". ويشكو أهالي سيناء من التهميش ومن إخلال الحكومات المتعاقبة بوعودها بتنمية المنطقة الصحراوية وهو ما دفع بعض السكان للعمل في أنشطة غير مشروعة مثل التهريب وزراعة وتجارة المخدرات أو الانضمام للمتشددين. وردا على هذه الاتهامات قالت الحكومة المصرية إنه "تم صرف كافة التعويضات للسكان المحليين عن ممتلكاتهم الخاصة، إضافة إلى الشروع في بناء مدينة سكنية جديدة (رفح الجديدة).. جاري الانتهاء من البنية التحتية لها لتستوعب كافة المواطنين الراغبين في الانتقال للمناطق الجديدة، علاوة على تقديم إيجار شهري للمساكن التي تم الحصول عليها". وأضافت في بيان أن "كافة الإجراءات المتخذة تم التنسيق والتوافق بشأنها مع سكان المنطقة ومن خلال إدراك واقتناع السكان المحليين بأهمية مشاركتهم في حماية الأمن القومي المصري والمساهمة في القضاء على تهديدات الإرهاب العابر للحدود".