منذ الجمعة باتت صور محمد ابن الأحد عشر عاما متداولة بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ونقلت مختلف وسائل الإعلام المحلية والأجنبية شريط الفيديو الذي يظهر فيه الجندي وهو يلحق بمحمد رغم يده المكسورة الموضوعة في الجبس ويحاول بعنف السيطرة عليه قبل أن تأتي عائلته وسكان القرية لتخليصه. وتشهد قرية النبي صالح الصغيرة التي تضم 600 نسمة كل يوم جمعة مواجهات بين سكانها والجيش الذي بات يعمد إلى التمويه والتخفي لاعتقال المتظاهرين الذين يحتجون على مصادرة أراضيهم لصالح المستوطنات المقامة على 60% من أراضي القرية. قال محمد لمراسل فرانس برس الذي التقاه في منزله "كنت أتفرج على المواجهات بين الشباب والجيش. تفاجأنا بوجود جيش ثان متخف بين الحقول. هربت بعيدا عنهم، لكن جنديا يرتدي ملابس مموهة ويغطي وجهه، جرى خلفي بين الصخور وأمسك بي". تابع محمد الذي يلقبه أهل قريته باسم "أبو يزن" "لم أشعر بالخوف حينما أمسك بي الجندي، لكني بدأت بالصراخ وناديت على أهلي كي يأتوا ليخلصوني منه". ويظهر شريط فيديو بثه نشطاء من القرية، كيف لحق الجندي الملثم بمحمد وهو يقف وحيدا وهاجمه وأمسك به رغم أن يده اليسرى مكسورة. وأوضح والد الطفل باسم التميمي أن يد محمد كسرت قبل أيام عندما سقط أرضا اثناء محاولته الهروب من دورية عسكرية إسرائيلية دخلت القرية. وقالت والدة محمد ناريمان التي كانت بين الذين سارعوا لنجدته "كان همي هو تخليص ابني. لم أفكر بالسلاح الذي كان مع الجندي". وقال محمد الذي عاد إلى المدرسة أمس الأحد "فرحت حين هجمت نساء القرية على الجندي، فتركني وهرب". تضاف قصة محمد مع الجندي إلى قصص كثيرة عاشتها عائلته المكونة من ستة أفراد في مواجهاتها مع الجيش، حيث إن لكل واحد منهم "قصته الخاصة مع الاحتلال". والده باسم (48 عاما) اعتقله الجيش تسع مرات وأصيب بشلل مؤقت في 1993 خلال التحقيق معه من قبل المخابرات الإسرائيلية. والأم ناريمان اعتقلت أربع مرات وأصيبت برصاصة مطاطية في الفخذ قبل سنة وتخضع للإقامة الجبرية في منزلها. والابن الاكبر وعد (19عاما) اعتقل وهو في الرابعة عشرة والطفلة عهد (13 عاما) أفلتت من عدة محاولات اعتقال على أيدي الجنود. أما أصغر أفراد العائلة سلام ابن التسع سنوات فأصيب الجمعة الماضي برصاصة مطاطية في قدمه اليمنى، خلال المواجهات في القرية. يقول الأب باسم متنهدا "هذه هي حالنا، شعرنا بفخر معنوي حينما حررنا محمد من يد الجندي، لكننا لم ننتصر بعد". منذ سنة 2012 ينظم ناشطون كل يوم جمعة تظاهرات في قرية النبي صالح ضد النشاط في مستوطنتي حلميش ونيفي تسوف المقامتين على أراضي القرية، وقرية دير نظام القريبة. وتبلغ مساحة القرية الإجمالية حوالي 5600 دونم 3% منها فقط مصنفة منطقة (ب) تخضع للسيطرة الإدارية الفلسطينية، و97% منطقة (ج) تحت السيطرة الإسرائيلية التامة. و60% من المنطقة (ج) يسيطر عليها المستوطنون. (الدونم يساوي 1000 متر مربع). وتفيد إحصائيات يحتفظ بها ناشطون في القرية أن 185 متظاهرا غالبيتهم من أبناء القرية اعتقلوا في المواجهات مع الجنود خلال السنوات الثلاث الماضية لفترات متفاوتة. وقتل شابان وأصيب 375 متظاهرا بإصابات مختلفة خلال التظاهرات الأسبوعية. وبين المصابين 40% دون سن الثامنة عشرة. وتجري أسبوعيا تظاهرات مشابهة في عدة قرى في الضفة الغربية احتجاجا على الاستيطان والاحتلال والجدار الفاصل في نعلين وبلعين وكفر قدوم وبيت أمر بمشاركة ناشطين فلسطينيين وحتى إسرائيليين وأجانب. الأراضي الفلسطينية (أ ف ب)