في ندوة تكريمية، التي خصصت للفنان الراحل بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، جرى استحضار روحه بتلاوة شهادات حية للأصدقاء والباحثين والنقاد، حيث رسم المتدخلون لوحة لفريد بلكاهية، الإنسان والفنان والمفكر والمبدع، كما حاول المتدخلون الإحاطة جغرافيا بأطراف "إمبراطوريته" الفنية، التي امتدت أرجاؤها بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، فالرجل أينما حل وارتحل ترك بصمات تشهد له على مروره من هنا أو هناك، بل سبقته أعماله إلى مناطق لم يتسن له الوصول إليها بجسده، فاقتحمها بأعماله الفنية الرائعة. في كلمة له، رسم محمد بن عيسى، الأمين العام مؤسسة منتدى أصيلة، بقعة الضوء الخاصة بعلاقة الراحل بموسم أصيلة الثقافي الدولي، وقال "إنه من الأوائل الذين لبوا الدعوة، وانضموا إلى بناء هذا الموسم لبنة بعد أخرى". وأضاف أن بلكاهية كان ملتزما بالمشاركة بنظام وانتظام في دوراته التي تعاقبت حتى أنه "أحب أصيلة وصار واحدا من أهلها". وقال بن عيسى، محاولا اختصار مسيرة حياة رجل ومدينة في كلمات لملم فيها عشق الفنان لأصيلة، أنه اشترى فيها بيتا، وأحب أهلها، ورسم على جدرانها، ورافق صياديها بجانب البحر، واصطاد معهم ليلا، وأطعم الأصدقاء مما كسبت يداه. يتذكر بن عيسى أول أيام لقائه بفريد عام 1968، عندما كان مديرا لمدرسة الفنون الجميلة بالدارالبيضاء، ويصف الطريقة الفريدة التي كان يدير بها المؤسسة العمومية الإدارية، وقال "بلكاهية رجل الحدس، الفنان الذي أحدث ثورة في الإبداع الفني، من الصباغة على الثوب بالمواد الكيماوية، إلى الصباغة على الجلد، إلى الجداريات، إلى ترويض النحاس واستعمال الحناء والصمغ". وفي محاولة لرد الجميل للفنان الراحل الذي جعل اسم مدينة أصيلة يقترن بالفنون قال بن عيسى إنه "قيمة ثابتة في جميع مشاغل الفن بأصيلة"، مضيفا أن المدينة بأهلها ستفتتح متحفا سيضم أعماله في القريب من الأيام.