دعا الحسين الوردي، وزير الصحة، في افتتاحه للقاء وطني حول الإجهاض، من حيث التأطير القانوني ومتطلبات السلامة الصحية أمس الأربعاء بالرباط، إلى رفع الحواجز عن إجراء الإجهاض، للحفاظ على الصحة البدنية والنفسية للأم، وفي حالات الاغتصاب وزنى المحارم والتشوهات الخلقية. واعتبر أن على الحكومة وضع تأطير قانوني للإجهاض، يكون مرتبطا بمتطلبات السلامة الصحية للحامل، وهو الموقف الذي ساندته عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسوي. وشددت وزارة العدل، في كلمة تلتها أمينة أفروخي، من مديرية الشؤون الجنائية والعفو، على ضرورة احترام الحق في الحياة بشكل عام، دون أن تقدم الوزارة موقفا محددا في تعاطيها مع إمكانية تبرير حالات من الإجهاض، وهو الموقف الذي فصل فيه مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي بوجدة، الذي ساءل الأطباء الحاضرين حول وجود الحياة في المضغة، التي ستتحول إلى جنين في الرحم في ما بعد من عدمه، وقال "أنتم أطباء وعليكم الإجابة عن هذا السؤال، هل المضغة الأولى للجنين فيها الحياة أم لا؟"، وأضاف "إذا كانت فيها الحياة، فإن الحق في الحياة مكفول في الدين الإسلامي". ورغم الاختلاف بين المتدخلين، نوهوا جميعهم بمبادرة وزارة الصحة التي سلطت الضوء على إشكالية الحمل غير المرغوب فيه، أو غير المبرمج، بعد أن تمكنت من جمع قطاعات حكومية، ومؤسسات عمومية، وعلماء، ومنظمات المجتمع المدني، وحقوقيين، ومنظمات دولية، لمناقشة موضوع الإجهاض السري وآثاره السلبية. واستدل وزير الصحة بأن عددا من الدول الإسلامية، منها تونس، وتركيا، وكازاخستان، وأذربيجان، رفعت جميع الحواجز على الإجهاض، وكذلك 65 في المائة من الدول المتقدمة، وأن الاختلاف الوحيد يبقى حول المرحلة من الحمل التي يمكن الإجهاض فيها. كما سمحت إيران بالإجهاض في حالة الاغتصاب، أو زنى المحارم، أو التشوهات الخلقية للجنين، موضحا أن الإجهاض السري يجري في ظروف غير صحية، لا تحترم أبسط قواعد السلامة، وتلجأ إليه الفتيات والنساء خوفا من تبعات القانون الجنائي الحالي المتعلق بالإجهاض، الذي يعاقب مرتكبيه، أو الوسيط، أو المستفيدة منه، بعقوبات حبسية بين سنة وخمس سنوات. ويهدف الوردي، من وراء جمع كل الأطراف المتدخلة في الموضوع، إلى مناقشة إشكالية الإجهاض السري بالمغرب، الذي له عواقب وخيمة على النساء المجهضات، كما يتسبب في وفيات الأمهات، مبرزا أن الدستور أكد على مجموعة من الحقوق، من بينها الحق في الحياة، باعتباره أول الحقوق لكل إنسان. ودعا كل المتدخلين إلى تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير استفادة المواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج، والعناية الصحية، والحماية الاجتماعية. وقال إن "الإجهاض السري وغير المأمون، ووضعية النساء اللواتي يتعرضن له، تسائلنا جميعا حول إشكالية الحمل غير المرغوب فيه أو غير المبرمج، الذي يشكل فاجعة بالنسبة للمرأة غير المستعدة لتحمل تبعاته، خاصة في حالة الاغتصاب، أو زنى المحارم، أو الأم العازبة، ما يؤدي إلى سلوكيات تترتب عنها مضاعفات خطيرة ومميتة أحيانا، تساهم في الرفع من نسبة وفيات الأمهات مع ما يترتب عن ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية سلبية". وقدم محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في مقاربة حقوقية من منظور حق النساء في الصحة ومحاربة التمييز، مقدما العديد من التوصيات الحقوقية، والنماذج الدولية، التي تعاملت مع موضوع الإجهاض.