أعربت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، امباركة بوعيدة، في كلمة ألقتها، أول أمس الاثنين، بالقاهرة، خلال الدورة 143 لمجلس وزراء الخارجية العرب، عن القلق الكبير للمغرب إزاء "المنحى الخطير الذي آلت إليه الأوضاع في الوطن العربي". وقالت إن القضايا المصيرية للبلدان العربية "ستظل على حالها ما لم يتغير أسلوبها في التعامل معها"، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي "لا يمكن أن يتعامل معنا بالجدية المطلوبة ما لم يلمس إصرار الأمة العربية على الدفاع عن هذه القضايا وسعيها الحثيث لنيل حقوقها المسلوبة". وأشارت، في هذا الصدد، إلى أن القضية الفلسطينية ما زالت تراوح مكانها دون حل رغم الجهود والمساعي الرامية لدعم الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وأكدت أن المأزق الذي وصلت إليه عملية السلام في الشرق الأوسط وتداعياته على الوضع الإقليمي والدولي، وسياسة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، تستوجب من البلدان العربية إطلاق دينامية جديدة داعمة ومحفزة، وفقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. ودعت، في هذا الصدد، إلى حث المجتمع الدولي، والأطراف الفاعلة ليس فقط على رعاية عملية السلام، وإنما على وضع إطار قانوني للتفاوض أفضل مما كان عليه خلال 24 سنة الماضية، بمحددات وجدول زمني واضح يفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والتوصل إلى سلام عادل ودائم بالمنطقة، يضمن الاستقرار لكافة شعوب ودول المنطقة. وقالت بوعيدة، من جهة أخرى، إن "تعبيرنا عن الاقتناع الراسخ بضرورة تقوية ووحدة الصف الفلسطيني ونبذ الخلاف، من أجل الوصول إلى المصالحة الوطنية الشاملة بين جميع الفرقاء الفلسطينيين، لا ينسينا واجبنا كعرب ومسلمين، بدعم صمود الفلسطينيين وتقديم ما يلزم من المساعدات لهم، ومواكبة جهودهم في مختلف المحافل الدولية والإقليمية، وفق أولويات وثوابت القضية الفلسطينية". وأكدت أن المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يجدد تجنده للدفاع عن القضية الفلسطينية والحفاظ على الوضع القانوني للقدس الشريف وحمايتها من سياسة التهويد بكل الوسائل القانونية والسياسية والدبلوماسية والإنسانية والمادية المتاحة. ومن جهة أخرى، أعربت بوعيدة عن الانشغال الكبير للمغرب إزاء التصعيد الخطير للوضع في سوريا جراء أعمال العنف والقتل، مشيرة إلى أن المغرب "يشدد على أهمية إيجاد حل سياسي للأزمة الدائرة في هذا البلد، من خلال تمكين الشعب السوري من قيادة مرحلة الانتقال السياسي وفق الضوابط المتفق عليها في بيان مؤتمر جنيف بتاريخ 30 يونيو 2012، لتمكينه من تحقيق طموحاته نحو الديمقراطية والأمن والتنمية، وبما يحفظ وحدة هذا البلد العربي العريق وسيادته الترابية والوطنية". وأضافت أن المغرب يدعو كذلك إلى اتخاذ خطوات عملية وعاجلة تسمح بتأمين الحماية المناسبة للمدنيين وبدخول المساعدات الإنسانية، إلى جانب مساعدة دول الجوار على تحمل أعباء اللاجئين السوريين الوافدين عليها. كما تتابع المملكة المغربية، تضيف الوزيرة، بقلق بالغ، المنحى الخطير الذي أخذته الأحداث المتسارعة في اليمن، باللجوء إلى خيار العنف والقوة والتحايل على الشرعية، "مما ينذر بنسف محددات المسار السياسي التي انبثقت عن الحوار الوطني اليمني الشامل والمبادرة الخليجية ومساعي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن". وقالت إن المغرب يحذر من أية محاولة لتحويل اليمن إلى ساحة صراع إقليمي أو دولي تحت مبررات واهية، ويناشد جميع الفرقاء اليمنيين إلى نبذ العنف والتطرف والتمسك بالمصالحة الوطنية وبمكتسبات الحوار الوطني ومخرجاته، وعدم فرض حلول مخالفة لمبدأ الإجماع الوطني، حفاظا على أمن واستقرار اليمن ووحدته الترابية. ودعت إلى تنفيذ توصيات جامعة الدول العربية بشأن الأوضاع في اليمن، ومساعدة الشعب اليمني على تجاوز أزمته الأمنية والسياسية، والأخذ بالاعتبار دعم حاجات المجتمع اليمني في التنمية المستدامة التي تفوق إمكانات الدولة. وبخصوص العراق، أكدت بوعيدة مساندة المغرب لمجهودات الحكومة العراقية في القضاء على الإرهاب وتعزيز اللحمة الوطنية بين جميع مكونات الشعب العراقي، على أساس المواطنة والمصير المشترك، بعيدا عن النزوع الطائفي الذي يشكل بنية جذابة للتطرف والإرهاب. وفي الشأن الليبي، أعربت الوزيرة عن ترحيب المملكة المغربية بجولة الحوار التي انطلقت بين الفرقاء الليبيين هذا الأسبوع بمدينة الصخيرات في المغرب، تحت رعاية مبعوث الأممالمتحدة، ودعوتها لهاته الأطراف لاستغلال هذه الفرصة، من أجل إيجاد حل سياسي يسمح ببناء مؤسسات الدولة الليبية، مع الحفاظ على وحدة البلاد، ووضع حد لأعمال العنف والتقتيل وتمكين الشعب الليبي من حقه في الاستقرار والتنمية. وعلى صعيد آخر، أعربت بوعيدة عن إدانة المملكة المغربية الشديدة لظاهرة الإرهاب، وأكدت الأهمية القصوى لتطوير آليات وقدرات المجتمع الدولي على مكافحة الفكر المتطرف والإرهاب، وفق مقاربة شمولية تدمج الأبعاد الأمنية والتنموية والروحية، مع التركيز على ضرورة اضطلاع البلدان العربية بمسؤوليتها في هذا المضمار، بالنظر إلى ما يقتضيه تفشي هذه الآفة الخطيرة في بعض المناطق العربية من استعجال في اتخاذ ما يمليه الواجب للقضاء على المصادر التي تهدد أمن البلدان العربية وسلامة أراضيها ووحدتها الترابية. ومن هذا المنطلق - تضيف الوزيرة - يجدد المغرب عزمه على تعزيز التنسيق والتعاون، بشكل فعال وشامل ومستمر، مع كافة الدول المعنية من أجل مكافحة خطر الإرهاب والجرائم الأخرى المرتبطة به والعابرة للحدود الدولية مثل غسيل الأموال وتهريب الأسلحة والمخدرات والاتجار بالبشر.