عشية تنصيب ترامب.. "السي آي إي" الأمريكية تُثبت السيادة المغربية على الصحراء    موانئ جنوب إسبانيا تتوحد لمواجهة المنافسة القوية لميناء طنجة المتوسط    ترامب يجمّد الإثنين حظر "تيك توك"    تسليم الأسيرات الإسرائيليات الثلاث للصليب الأحمر الدولي بغزة    إدارة سجن العيون توضح بخصوص ادعاءات تعرض نزيل للضرب    مسيرة وطنية في مراكش تندد بالفساد وتطالب بمحاسبة المتورطين في نهب المال العام    ماذا يعني حادث اختفاء أربعة سائقين مغاربة بين بوركينا فاسو والنيجر في ظل تصاعد الهجمات الإرهابية بمنطقة الساحل    مسيرة وطنية حاشدة في الرباط تطالب بإسقاط مشروع قانون الإضراب    لارتيست يعود بأغنية «بوهالي» تمهيداً لإطلاق ألبومه المرتقب «سوليداد»    «إيقاعات الأطلس المتوسط» تسحر جمهور الرباط بتراث غني وفنانين متميزين    بالصدى : بوحمرون .. وما بعده    فريق كوري يبتكر شبكة عصبية لقراءة نوايا البشر من موجات الدماغ    توقعات أحوال الطقس ليومه الأحد    مشاهد توثق الدمار الهائل في قطاع غزة بعد خمسة عشر شهرا من الحرب    من هم أبرز المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية؟    مهرجان مراكش للكتاب الإنجليزي: حفل تسليم النسخة الأولى من جائزة "كوستا غولدكس"    مراكش تحتضن مهرجان السينما والتاريخ    مزراوي في التشكيلة الأساسية لمانشستر يونايتد ضد برايتون    جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الاضراب "تجتاح" شوارع الرباط في رسالة واضحة للحكومة (صور)    زيادة جديدة في ثمن الغازوال والبنزين بالمغرب..    الاستعراض والسياقة الخطيرة يقودان متورطين للمتابعة القضائية    اختفاء أربعة سائقين مغاربة في ظروف غامضة ببوركينافاسو    وائل جسار يعايد مي حريري ويتمنى لها الشفاء    توقيف متورطين في سياقة دراجات نارية بشكل متهور واستعراضي    بنيعيش: العلاقات بين المغرب وإسبانيا مبنية على المصالح الاستراتيجية المشتركة    فريق بحثي كوري يتمكن من تطوير شبكة عصبية لقراءة موجات الدماغ بدقة    التجاهل الحكومي يدفع النقابات الصحية لشل المستشفيات العمومية.. وصحة المواطنين الخاسر الأكبر    فينيسيوس محور الشائعات.. ريال مدريد يقطع الشك باليقين    زياش يطالب غطلة سراي بمستحقاته المالية بعد اتفاقه مع الفتح السعودي    الإصابة تغيب أوناحي عن الديربي    بالدي يشتكي من إساءات عنصرية    أزمة التباين بين الأقوال والأفعال..    إسدال الستار على فعاليات الدورة ال3 من المهرجان المغربي للموسيقى الأندلسية    تقرير: الطاقة المتجددة ركيزة أساسية للتحول الاقتصادي المغربي    تعزية ومواساة في وفاة والدة السيد ميلود بلفضيل نائب رئيس مجلس جماعة تزطوطين    رسميا.. دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ    سيدي بنور.. سرية الدرك تحجز مخدرات وتوقف 3 مروجين    النيابة العامة بتطوان تقرر متابعة "الثمانيني" المعتدي على امرأة وابنتها في حالة اعتقال    توقيف ثلاثة أشخاص من بينهم سيدة بتهمة السياقة الاستعراضية بسيارتي "فراري" بمراكش    إنشاء مجموعة عمل مغربية – ألمانية حول الأغذية والزراعة    انسحاب اليميني المتطرف بن غفير وحزبه "القوة اليهودية" من ائتلاف نتانياهو احتجاجا على اتفاق غزة    المغرب يدخل غمار تصنيع الشاحنات وتصديرها للأسواق الأوروبية والإفريقية    حفل ضخم في "جوي أووردز" بالرياض    اتحاد طنجة يدخل الميركاتو بقوة لتحسين وضعه في الشطر الثاني من البطولة    أفضل وجهة في العالم لقضاء شهر العسل    د.الحسن عبيابة يتساءل: ماهي الحكومة التي ستشرف على الإنتخابات المقبلة ؟    أيوب مولوع يرفع قيمته التسويقية    محكمة كورية تصدر مذكرة اعتقال رسمية للرئيس المعزول    توقيف المشتبه به في طعن نجم بوليوود سيف علي خان    باحثون يدعون إلى تقوية الحماية القانونية لحراس الأمن الخاص في المغرب    الجزائر.. فيروس ينتشر ويملأ مستشفيات البلاد بالمرضى    "بنك المغرب" يكشف تقلبات الدرهم    "بوحمرون" يجلب قلق ساكنة طنجة.. مسؤولون: الوضع تحت السيطرة    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العربي بنجلون يسرد تفاصيل رحلاته في 'أن تسافر'
يندرج المؤلف الجديد ضمن 'أدب الرحلة'
نشر في الصحراء المغربية يوم 30 - 01 - 2015

يدخل كتاب "أن تسافر" الصادر في 171 صفحة، ضمن جنس أدب الرحلة، حيث يحتضن الكتاب، حسب العربي بنجلون نزرا يسيرا من جملة أسفار ورحلات قام بها نحو الدول العربية والآسيوية والغربية، إذ لم يدرج فيه إلا ما سنحت له الظروف بكتابته، قائلا إنه حاول ما أمكنه ألا يكرر التجارب الماضية في هذا الجنس السردي الأثير، خصوصا تلك التي ارتكزت على دواعي الرحلة وما رآه الرحالة من آثار وحضارة وعمران وتطور في كل المجالات والميادين، وكذا العوائق والعراقيل حتى أصبحت الرحلات توائم بعضها يستنسخ بعضا.
واعتمد بنجلون في هذه الكتابة الرحلية على ما وقف عليه وشاهده بعينه فتحدث عنه ودونه باقتضاب شديد، مركزا على إقامته في ديار الغربة، وما لفت نظره سواء في السلوك البشري أو في طبيعة البلد المختلفة عن بلده، محاولا ألا يفرط في شيء.
ويبرز العربي بنجلون، من خلال تقديمه دواعي رحلاته التي كمنت أولا من خلال ما حكي له عن جده لأبيه، الذي كان مدمنا على السفر في عصر كان فيه السفر قطعة من العذاب، وثانيا أنه في عز شبابه اكتشف متعة الرحلة ولذتها وما يمكنه أن يجنيه من فوائد ومقاصد ثقافية أغنت حياته الحياتية الكتابية، وشكلت تضاريس شخصيته ما جعله دائما على أهبة السفر، متنقلا بين الدول.
ويضيف الكاتب أنه من خلال عشقه للسفر التقى شخصيات أدبية، وشاهد أثارا وحضارات موغلة في التاريخ البشري، مساهما في لقاءات وندوات ثقافية عرف خلالها بالأدب المغربي حينا، والعربي حينا آخر، مبرزا أنه ساهم في تأسيس مجلات للأطفال في بعض البلاد العربية، وفي بعضها الآخر قدم قراءات قصصية وشعرية للأطفال، مشيرا في كتابه إلى أنه خلاله رحلاته هاته لم يعاني يوما مقارنة بجده، الذي تعرض حسب بنجلون من سطو على ماله ومتاعه وتهديد لبدنه ونفسه حجمته عن مواصلة رحلاته.
تنقسم تدوينات أسفار بنجلون في مؤلفه الجديد إلى قسمين، فبعض هذه الأسفار دون حيثياتها في حينه، وهو مازال في المكان عينه قبل أن يفلت منه، والبعض الآخر حين عودته إلى أرض الوطن منقبا بين ثنايا ذاكرته، لكن وحسب الكاتب، وإن كانت الذاكرة تخدعنا أحيانا فلا تذكرنا إلا بما تريد، وتضن علينا بما لا تبغيه، إلا أنه يقر بكامل قواه العقلية أن كل ما كتبه لا يبتعد كثيرا أو قليلا عن الحقيقة والموضوعية.
من جهة أخرى، يتحدث العربي بنجلون في تقديمه عن جنس أدب الرحلة، الذي يعتبر جديدا نسبيا مقارنة بالأجناس الأدبية الأخرى، رغم أن الرحلة عرفها الإنسان منذ ظهوره على سطح الأرض، مبرزا أن الإنسان الأول كان يتنقل بحثا عن الماء والمرعى والألفة، أو ليروج سلعا وبضائع مثل رحلة القريشيين إلى اليمن شتاء وإلى الشام صيفا، أو لطلب العلم أو التماسا للأمن، إلا أن هذه الرحلات تبقى عادية ولا تشدنا إلا كتابة ترصد صاحبها ومشاهداته وما مر به من وقائع، أي حين تتحول إلى "خطاب الرحلة"، حسب الناقد سعيد ياقطين.
وفي السياق نفسه، قدم "أن تسافر" نماذج في أدب الرحلة في مرحلة ماضية مثل رحلة التاجر السيرافي بحرا إلى المحيط الهندي، ورحلة سلام الترجمان إلى القوقاز، بحثا عن "ياجوج وماجوج"، وقدامة بن جعفر في كتابه "كتاب البلدان" والمسعودي في "مروج الذهب"، وابن حوقل في "صورة الأرض" والإدريسي في نزهة المشتاق"...الخ، وفي العصر الحاضر رحلة رفاعة الطهطاوي في " تخليص الابريز"، ومحمد فريد الذي سافر إلى فرنسا وبعض بلدان المغرب العربي، واحمد زكي في"السفر إلى المؤتمر... متوقفا لحظة ليميز بين الرحلة الواقعية المتجلية في الرحلات السالفة الذاكر، وبين الرحلة الخيالية مثل"رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري، و"رسالة التوابع والزوابع" لابن شهيد، و"التوهم"للحارس المحاسبي و"رحلة البطل في الأساطير اليونانية، الذي يسعى إلى تحقيق غاية ما، وقبلها يلتقي بأبطال آخرين، البشر، ومنهم الحيوانات المتوحشة، ومنهم المخلوقات الغريبة، مثل اوديسيوس في ملحمة هوميروس.
ولم يفت الكاتب أن يدلو بدلوه في تعريف الرحلة، التي يصفها بفن سردي يتخذ السفر موضوعا له وليس تدوينا تاريخيا وجغرافيا صرفا، بعيدا عن الأدبية، كما يبلور رؤية الرحالة التي تلتقط بدقة ما يميز البلد المقصود بأسلوب غني، له خصائصه التي تقرن السرد القصصي السيري، وبالاجتماعي والمعرفي والجغرافي والتاريخي، صيغ أسلوبية متنوعة ومختلفة جعلت الكاتب يحس بمتعة لا تعدلها متعة .
وفي هذه الرحلات التي يتضمنها الكتاب، اختار العربي بنجلون عنوان "أن تسافر"، بمعنى ستشاهد ما لم تراه عيناك، أو تسمعه أذناك من قبل، سيلمس القارئ عناصر مشتركة بينها هي المكونة لمفهوم الرحلة. وأول هذه العناصر يبرز العربي السير الذاتي، أي أن رحلة بنجلون سرد حقيقي لمرحلة زمنية عاشها في بلد ما...وثانيها تجليات الواقعية في أسماء الأماكن، وثالثها توظيف لموضوعات متنوعة منها الدين والثقافة في رحلته لمصر، والسياسي في رحلته إلى فرنسا ولبيا وتونس، والاجتماعي بالنسبة لهولاندا، وألمانيا واليابان، فضلا عن توسله بأشكال سردية، غير السير الذاتي، كالقصة والرسالة والخطابة.
يصف العربي في "أن تسافر" رحلاته إلى كل من مصر، وليبيا، والأردن، والكويت، والبحرين، وتونس، وقطر، واليابان، وهولندا، وألمانيا، وتتخلل وصفه مشاهد ولحظات وطرائف من حياة المسافر، مثل حكايته عن اللحية في الديار التونسية.
وتعتبر مدينة أو رحلة الإسكندرية أولى الرحلات التي افتتح بها الكاتب سلسلة رحلاته ضمن مؤلفه، بعدها رحلته من الإسكندرية الى مدينة القاهرة، التي عنونها ب "من البحر إلى النهر"، ثم رحلات أخرى نترك مجالا لاكتشافها.
وتعد مدينة الإسكندرية أول مدينة مشرقية يزورها الكاتب في فجر شبابه سنة 1970 ، معتبرا إياها حبه الأول، "وما الحب إلا لها وحدها"، ويرجع لها الفضل في رحلات المتتالية لمصر ولدول مشرقية أخرى، "كانت فألا حسنا علي، مهدت سبيلي للعديد من الرحلات ما كنت يوما أحلم بها".
وفي هذا السياق يقول إن فرحته عظيمة لبلوغ أرض الكنانة برا في وسائل نقل بدائية، قاطعا طرقا مهترئة وفيافي قفراء، من الصعب أن تجد فيها ماء أو غذاء، إلا بعد مسافة طويلة. "ما أحلى اللقاء بعد العياء والعناء، ولا يحس بالحب إلا من كابد سبل الوصال، كما يقال..".
ويذكر العربي بنجلون يومها عندما ترجل من الحافلة وهو يطأ أرض الاسكندرية، سمع صوتا ينادي الراغبين في السفر إلى مصر فأصابته دهشة، وقال في نفسه متعجبا: "وأين أوجد الآن؟؟؟ أليست الإسكندرية قطعة من مصر؟ ...".
فتقدم من المنادى مستفهما "اسمح لي، يا سيدي، أن أسألك إلى أي دولة تنتمي الإسكندرية؟
أطلق ضحكة عالية، ورد كأنه فهمني يا أستاذ، نطلق مصر على القاهرة، لنميز الإسكندرية عنها، لأنها نافذتنا البرية على المغرب العربي، وشرفتنا البحرية على العالم....".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.