بعد أن شرعت الهيئة القضائية بقاعة الجلسات رقم 4، التي تحتضن أطوار الملف، وسط حشد غفير من عائلات المتهمين والمتقاضين، في الاستماع إلى المتهمين 12 في هذا الملف، المتابعين من أجل "قرصنة وتحويل مكالمات دولية" لأزيد من ساعتين، عجلت وفاة شقيقة المحامي عبد الكبير طبيح، برفع الجلسة، وتأخير مناقشتها. وقبل الاستماع إلى المتهمين، الذين حضروا جميعهم إلى الجلسة، بمن فيه كريم الزاز، الذي كان في كامل أناقته، ويتحدث إلى باقي المتهمين، عقبت الهيئة القضائية على الدفوعات الشكلية لهيئة الدفاع عن المتهمين، التي بلغت أزيد من 14 دفعا، وقررت رفض بعضها وضم البعض الآخر إلى جوهر القضية. وقالت الهيئة القضائية، برئاسة القاضي لحميدي بخصوص الدفوعات الشكلية المتمثلة في رفع حالة الاعتقال، التي وصفها الدفاع ب"التعسفية"، ولم تكن بناء على طلب من النيابة العامة، إن التمديد احترمت فيه المدد القانونية، مادام لم يحصل الطعن فيه خلال المدة التي جرى فيها، إذ جرى إيداع الأظناء في 6 أبريل 2012، بناء على طلب قاضي التحقيق، وتبليغهم داخل المؤسسة السجنية بتاريخ تمديد الحراسة النظرية، لأن قاضي التحقيق لم يكن أكمل هذا الإجراء، وبالتالي، لا يمكن الطعن فيه، كما جرى اشعارهم بذلك وبالمنسوب إليهم، وأجابوا عنه في محاضر استماع قانونية، مضيفة، بخصوص قانون الصرف، أن هذا الأمر سابق لأوانه، وضمته إلى جوهر القضية. وأكدت هيئة الحكم أن الدفع الخاص بإحضار المحجوزات قانوني من طرف الضابطة القضائية، وعرضت على المتهمين، وبالتالي، لا يمكن إعادة عرضها على المحكمة. وبخصوص الدفع الرامي إلى الاطلاع على الحسابات البنكية للمتهمين، عللت المحكمة الرفض بأن الإجراء سبق أن قامت به الضابطة القضائية من خلال الاطلاع على الكشوفات الحسابية، وبالتالي، يبقى الدفع غير قانوني ولا أساس له من الصحة. واعتبرت هيئة الحكم في تعقيبها على الدفوعات الشكلية أنه لم يقع خرق قانوني لمقتضيات المادة 180 من قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بوسائل الاتصال عن بعد، أما الدفع بانعدام حالة التلبس، فأكدت أن الحالة الضبطية لاعتقال المتهمين كانت موجودة، وأن حالة التلبس ليس لها تأثير على الدعوة العمومية، مشددة على أن هذا الدفع ليس مرتكزا على سند قانوني، كما أن التفتيش مر في إطار القانون، وأن وضع الأظناء في الحراسة النظرية كان بشكل قانوني أيضا، إذ جرى إشعارهم بذلك وبالتهم الموجهة إليهم، كما روعيت في ذلك مدة التمديد. وعن علاقة الملف بشكايتي "اتصالات المغرب" و"مديتيل"، عللت الهيئة القضائية بأن الملف له علاقة بالشكايتين، وبالتالي، فإن انتصاب الشركتين كطرف مدني في الملف له الصفة القانونية. أما الدفع الخاص بالتقاط المكالمات وتسجيلات الرسائل النصية، الذي اعترض عليه الدفاع، واعتبره "غير مشروع وفق القانون"، فأكدت هيئة الحكم أن الرسائل النصية وسيلة اثبات "مادية"، وقع الاعتماد عليها من قبل الشرطة القضائية، وبالتالي، وجبت شرعنتها واعتمادها. أما شركة "وانا" ومسألة انتصابه، فإن هذا الأمر قرر فيه قاضي التحقيق، حسب هيئة الحكم. وحين شرع القاضي في الاستماع إلى المتهم الأول، هشام التويجر، طالب الدفاع بإحضار المحجوزات على ألا تسائل هيئة الحكم المتهم في غيابها، وهو ما رفضته المحكمة، وطالبت الدفاع بتأخير تعقيبه إلى مرحلة المواجهة بين المتهمين. ونفى المتهم الأول هشام التويجر أي علاقة له بالجهاز، الذي كان من خلاله يجري تحويل المكالمات الدولية، الذي كان مثبتا فوق سطح منزل والده بحي مولاي رشيد، إذ أوضح أنه سائق طاكسي، وتربطه علاقة مصاهرة مع المتهم ربيع نور، الذي طلب منه الاشتغال معه في شركته للاتصالات، مقابل راتب شهري بلغ 10 آلاف درهم، على أن يعطيه منزل والده بحي مولاي رشيد رقم 3، من أجل وضع أجهزة لاقطة ستضع معداتها شركة "وانا". وصرح أنه اشتغل مدة شهرين في شركة صهره، وأنه أوصل وثائق إلى المحاسب، منها أوراق الضريبة ووثائق أخرى، وكيس بلاستيكي محمل ببطائق التعبئة إلى أحد التجار، فكان نصيبه مبلغ 20 ألف درهم في مدة شهرين، وحين سأل القاضي عن ضخامة الأجر، اعتبر المتهم أن صهره أخبره أن العمل جيد بالشركة ويذر مدخولا كبيرا. أما الاستماع إلى التقني السابق في شركة "وانا"، وأحد مؤسسي الشركة الوهمية، المدعو ربيع نور، فحمل معه مفاجآت كثيرة، انطلقت بتصريحه أنه غادر مؤسسة "وانا" بعد نزاع مع المسؤول فيها، وقرر تأسيس شركته الخاصة للخدمات والاتصالات، بحكم تخصصه في عمليات "الشبكة". وأفاد المتهم أن جميع تعليماته كان يأخذها من كريم الزاز، وأنه كانت تربطهما علاقة وطيدة منذ كان يشغل منصب المدير العام بشركة "وانا كوروبرايت"، إلى أن أسس شركة أخرى. وأضاف المتهم أنهم كانوا يأخذون "أسواق العروض" من إحدى الشركات الفرنسية، كانت مكلفة بالوساطة بينهم وبين زبائنهم الأجانب، التي كان يشرف عليها كريم الزاز. وأخبره القاضي أن مداخيل الشركة قدرت ب 16 مليونا و56 ألف درهم، فأجاب المتهم أن هذا المبلغ ليس إلا مصاريف التعبئة والاتصال بالزبون، مجددا أن الربح ضئيل في هذا المجال، إلا أن كريم الزاز كان يمول عملية اقتناء بطائق التعبئة، حسب المتهم.