حول طلب إحاطة تقدمت به فرق المعارضة بمجلس النواب، يتعلق باعتداء الجيش الجزائري على مواطنين مغاربة بالشريط الحدودي، السبت الماضي، قبة مجلس النواب إلى فضاء لتبادل الاتهامات والسجالات بين الأغلبية، التي تكلفت بالدفاع عن الحكومة، وبين فرق المعارضة. البرلمان المغربي أعلنت رشيدة بنمسعود، رئيسة جلسة الأسئلة الشفوية أول أمس الثلاثاء، أن "المادة 104 من النظام الداخلي لمجلس النواب تقنن طلبات الإحاطة، إذ تشترط، لتحدث النواب عن موضوع طارئ وعام، موافقة الحكومة على إدراج تلك الإحاطة في بداية جلسة الأسئلة الشفوية، شريطة إخبار الحكومة بموضوع الإحاطة قبل 24 ساعة، وهو ما فعلته فرق المعارضة، التي استغربت لامتناع الحكومة عن الموافقة على طلب الإحاطة". من جهته، قال إدريس لشكر، رئيس الفريق الاشتراكي، إن "الأمر غير المفهوم هو ألا تقع الاستجابة لشيء مس الشعور المغربي، ولن نقبل في القضايا الوطنية أن نخاطب بالقانون الداخلي والشكليات"، مبرزا أن موضوع الإحاطة يتعلق "بقضية مركزية من الحجم الكبير، يستدعي الإجابة عليه من طرف الحكومة"، وأضاف "طرحنا الإحاطة للحكومة، ونقطة نظام، كان الهدف منها هو إشعار الرأي العام بأن الحكومة لم تستجب لطلبنا". كما أبدى عمر احجيرة، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، استغرابه لعدم استجابة الحكومة لطلب الإحاطة، وقال "نستغرب أكثر لبعض نواب الأغلبية، التي تدافع عن أخطاء الحكومة"، في إشارة إلى عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية، الذي كان يحتج على رئاسة الجلسة بسبب موافقتها على تناول النواب نقط نظام في الموضوع. وتدخلت ميلودة حازب، رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة، وقالت "لا نريد مزايدات على شيء يدخل في اهتمام الرأي العام الوطني، ونتساءل عن سبب رفض الحكومة"، وأضافت أن "الحكومة لا تتفاعل مع الإحاطات، ولا تتفاعل مع الأسئلة الآنية، ونتساءل ما هو دور هذه الحكومة، وكيف سنقوم بأدوارنا كبرلمان؟". وفي غمرة الاحتجاج والاتهامات المتبادلة بين فرق الأغلبية والمعارضة، ذكّرت خديجة الرويسي، النائبة البرلمانية من فريق الأصالة والمعاصرة، بالخطاب الملكي الأخير، الذي حث فيه جلالة الملك على احترام تدخلات النواب في ما بينهم، وقالت "نستغرب لتصرف أحد النواب، الذي يقاطع تدخلات زملائه للدفاع عن الحكومة، كما نستغرب بشدة من أن بعض الفرق أصبح هو الذي يسير الجلسة". وذكر عادل بنحمزة، عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، البرلمان بأن الحكومة "قدمت مرافعات للدفاع عن طلبات الإحاطة وذهبت إلى المحكمة الدستورية، واعتبرنا أن شرط إخبار الحكومة قبل طرح الإحاطة تحليل منطقي، لكن اليوم تتهرب الحكومة من تقديم إجابة عن موضوع يشغل البرلمان بكل أطيافه، ويشغل بال المجتمع المغربي، ومعنى ذلك أن تهرب الحكومة عرقلة لحق دستوري لمؤسسة البرلمان، ويكشف نوايا غير سليمة للحكومة في مناقشة موضوع الإحاطة". وزاد من توتر البرلمانيين تدخل الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، ضدا على فرق المعارضة، التي ذكرت رئاسة المجلس أن الوزير ليس له الحق في تناول الكلمة في الموضوع لأن النظام الداخلي يمنع ذلك، وأن الحكومة لا تريد الحديث في الموضوع أمام البرلمان، إلا أن تمسك الشوباني بالتدخل تسبب في اضطرار رئيسة الجلسة إلى رفعها كي تنهي السجال بين الأغلبية والمعارضة. وبعد اجتماع عاجل لندوة الرؤساء، في فترة رفع الجلسة، قرر النواب استئناف الجلسة، واتفقوا على أن تأخذ الحكومة الكلمة للتحدث في الموضوع، وتليها كلمة لفرق الأغلبية، وفي الأخير تأخذ المعارضة الكلمة. وبعد تذكير الشوباني بموقف الحكومة من الاعتداء، قال بوانو، نيابة عن فرق الأغلبية، إن "الأغلبية موحدة حول الموضوع، ولذلك طالبنا كبرلمان باجتماع طارئ للجنة الخارجية، لكنه غير كاف"، وأضاف "لابد أن نؤكد أن ما قامت به الحكومة غير كاف، رغم أنه في سياق صحيح، ولذلك ندعو الحكومة لمزيد من الحزم والمسؤولية". أما إدريس لشكر، رئيس الفريق الاشتراكي، الذي تحدث باسم فرق المعارضة، فقال إن "ما تريد المعارضة التعبير عنه هو أنه ليس هناك رأي ضد المصلحة الوطنية"، داعيا الحكومة إلى إتباع منهجية تشاركية خصوصا في القضايا الوطنية، وقال "في مثل هذا الاعتداء السافر من طرف الجزائر، لا يجب أن نخاطب الفرق بالشكليات، لأنها امتداد للأحزاب الوطنية، التي ناضلت من أجل القضايا الوطنية". ووصف لشكر ما قامت به الجزائر بالهجوم البربري والهمجي، مبرزا أن ذلك رد فعل "للوضع الذي توجد فيه رئاسة مقعدة في الجزائر"، قبل أن يؤكد "إننا، كشعب مغربي، وراء جلالة الملك دفاعا عن قضايانا الوطنية".