تسبب قرار عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بوقف بث طلبات الإحاطة علما، التي يفتتح بها مجلس المستشارين جلسة الأسئلة، في عرقلة عملية وضع الأسئلة الشفوية، التي كانت مبرمجة، أول أمس الثلاثاء، على الحكومة. محمد الشيخ بيد الله في حديث مع عبد الإله بنكيران احتجت فرق المعارضة، رفقة فريق التحالف الاشتراكي، التابع لحزب التقدم والاشتراكية، المشارك في التحالف الحكومي، على قرار رئيس الحكومة، معتبرة أن القرار يعد بمثابة رد منفعل من رئيس الحكومة على إسقاط المستشارين لمشروع قانون المالية. إلا أن الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، أوضح للمستشارين أن قرار رئيس الحكومة بوقف بث فقرة الإحاطة علما لمجلس المستشارين في مختلف القنوات العمومية، المعنية بنقل جلسات البرلمان، جاء بعد "تمحيص للجوانب الدستورية والقانونية المنظمة لنقل جلسات مجلسي النواب والمستشارين"، مبرزا أن رئيس الحكومة استنتج أنه ليس هناك ما يلزمه بالترخيص ببث فقرة "الإحاطة علما" لمجلس المستشارين، التي سبق أن قضى المجلس الدستوري في موضوعها الخاص بالنظام الداخلي لمجلس النواب. واعتبر الشوباني أن قرار المجلس الدستوري السابق كان لا يعني فقط مجلس النواب، لوحده، بل يعني كذلك مجلس المستشارين. من جهتها، أعلنت فرق الأغلبية والمعارضة رفضها لقرار رئيس الحكومة، وقال محمد أوعمو، عضو فريق التحالف الاشتراكي، إن "البث ليس سلطة في يد الحكومة، بل سلطة في يد الشعب لمراقبة العمل البرلماني"، متهما رئيس الحكومة ب"التطاول على السلطة القضائية للمجلس الدستوري". وحظي تدخل أو عمو بتزكية كل رؤساء فرق المعارضة، إذ اعتبره محمد الأنصاري، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، أنه ينم عن استفراد رئيس الحكومة باتخاذ القرارات. وقال إن "رئيس الحكومة ارتكب خطأ جسيما، لأن مصادرة حق المستشارين يعد شططا في استعمال السلطة من طرفه". واستمر السجال بين فرق المعارضة ووزير العلاقات مع البرلمان، المدعوم من طرف ثلاثة مستشارين فقط، هم أعضاء المجموعة البرلمانية لنقابة الاتحاد الوطني للشغل، الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية، إلى أن تقدم فريق التجمع الوطني للأحرار بطلب رفع الجلسة للتشاور. وبعد استئناف الجلسة، أعلن حكيم بنشماس، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، أنه "بفضل حكمة جلالة الملك، وبفضل صبر المغاربة وقواه الحية، اجتاز المغرب المحن، ونجح في تشييد صرح الديمقراطية"، مدافعا عن متابعة المغاربة لما يجري في مجلس المستشارين من خلال البث التلفزي العمومي. واعتبر أن في "منع بث طلبات (الإحاطة علما) تطاولا من طرف رئيس الحكومة على المجلس الدستوري، وأن المجلس الدستوري هو الهيئة الوحيدة التي يخول لها في صلاحية البث وفي دستورية أو عدم دستورية الإحاطة علما". وأبرز بنشماس أن "المجلس الدستوري نفسه يعيش فترة انتقالية مثلما تعيشها عدد من المؤسسات، منها المجلس الأعلى للقضاء، والمجلس الأعلى للتعليم"، وأضاف "لذلك نعيش فترة انتقالية يؤطرها الفصل 176 من الدستور"، متهما رئيس الحكومة والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان باستعمال تأويل "ماكر" لقرارات المجلس الدستوري في الموضوع. وأضاف "إذا كان رئيس الحكومة ينزعج من المواضيع، التي تثيرها طلبات الإحاطة علما، فلا حق له باتخاذ قرار بقطع البث التلفزي، لأنه، في بحر سنتين، نكث كل وعوده التي قدمها للشعب المغربي". وتابع تدخله بالقول "نحن ماضون كما مضى الذين سبقونا، إننا نعيش يوما حزينا في تاريخ الديمقراطية الفتية ببلادنا، وهذه سابقة خطيرة، وكنا نعتقد أن زمن التحكم انتهى، فإذا بنا نفتح أعيننا على حكومة يسمح فيها رئيسها بجرة قلم أن يتخذ قرارا طائشا، لا شك أنه سيخدش وسيمس بصورة هذه الديمقراطية، التي بنيناها حجرا حجرا، والتي ضحى المغاربة في سبيل توطيد أركانها جيلا بعد جيل". وقال بنشماس "لم يسبق في أي حكومة، وحتى إبان عقود الرصاص، التي كان فيها صوت المعارضة يؤدي إلى غياهب السجون أو إلى المنفى أو إلى الإعدامات خارج القانون، أن اتخذ مثل القرار، القاضي بقطع البث التلفزي عن طلبات الإحاطة علما".