قال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، إن قطاع السياحة حقق، خلال 15 سنة الماضية، تقدما بطريقة إيجابية وجيدة ونوعية. وأضاف بنكيران خلال افتتاحه للمناظرة الحادية عشر للسياحة، أمس الاثنين بالرباط، أنه رغم التقدم الجيد الذي حققه قطاع السياحة، لابد من الاعتراف بأن هناك اختلالات في مختلف المجالات، موضحا أن هذه الاختلالات تهم" العناية بالمآثر التاريخية ومستوى ضعف بعض المؤسسات التي تستقبل ضيوفنا، ونحن شعب معروف بكرم الضيافة". وأبرز بنكيران خلال المناظرة التي افتتحت أشغالها أمس، للوقوف على سير رؤية 2020 التي تتطلع إلى مواصلة العمل لجعل قطاع السياحة أحد محركات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمغرب، أنه "يجب أن نضع أمامنا الأمور الإيجابية وكذا الأمور التي تحول دون الوصول إلى الأشياء الجميلة". وأكد بنكيران أن" الأكلات المغربية من كسكس ومشوي وطاجين قادرة لوحدها على جلب السياحة، فكيف إذا ما زدنا عليها المآثر التاريخية والمناظر الخلابة وكل مؤهلاتنا السياحية"، معلنا عزم الحكومة دعم قطاع السياحة لبلوغ الأهداف المسطرة في رؤية 2020. ومن جانبه، أوضح لحسن حداد، وزير السياحة، أنه بالرغم من الظرفية العالمية الصعبة، فإن نتائج الرؤية السياحية بدأت تتعزز، حيث عرف عدد الوافدين ارتفاعا بنسبة 8 في المائة، وازدادت الطاقة الإيوائية ب30 سريرا، كما تم إحداث 50 ألف منصب شغل في هذا القطاع، فضلا عن تحقيق 174 مليار درهم من المداخيل بالعملة الصعبة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، مبرزا أن رقم معاملات القطاع خلال الفترة نفسها قد بلغ أكثر من 310 ملايير درهم" هذه النتائج تبين مدى مناعة القطاع وقدرته على تجاوز الأزمات وتذليل الصعاب". وأضاف حداد أنه "لتعزيز هذه النتائج، تؤكد الحكومة التزامها على جعل الصناعة السياحية رافعة للتنمية ومصدرا لخلق الثروة ولإحداث مناصب الشغل في أوساط شبابنا"، مشيرا إلى أنه بغية تنزيل رؤية 2020 على أرض الواقع تم تفصيل هذا البرنامج باعتماد مقاربة تشاركية فعالة من خلال إطلاق مجموعة من المشاورات توجت ببلورة برامج عقد جهوية ساهم فيها كل المتدخلين والفاعلين مؤسساتيين كانوا أو منتخبين أو فاعلين في القطاع الخاص،" حيث إن المشاريع المعتمدة في هذا الإطار التي تقارب حوالي ألف مشروع سياحي تمت بلورتها بتنسيق مع المنتخبين ومع الفاعلين المحليين ومهنيي القطاع". وأعلن أن الحكومة عازمة على إخراج ثلاث محطات سياحية مندرجة في إطار المخطط الأزرق الذي عرف مجموعة من العراقيل والإكراهات والصعوبات، بطاقة إيوائية ملائمة ومعقولة بكل من السعيدية وليكسوس وتاغازوت على مدى الثلاث سنوات المقبلة، مؤكدا أن الحكومة ستبذل إلى جانب الشركاء في القطاع الخاص قصارى جهودها لإعادة جدولة إنجاز المحطات الأخرى أو الأشطر المتبقية منها بكل من موكادور ومازاكان واشبيكة قبل سنة 2020. وأبرز أن توفير العرض الشاطئي "يبقى بالنسبة لنا خيارا استراتيجيا لا محيد عنه، وعليه فإننا نؤكد على ضرورة توفير طاقة إيوائية تبلغ أكثر من 100 ألف سرير على امتداد سواحل المملكة على مدى خمس سنوات المقبلة، فضلا عن إنجاز مشاريع للتنشيط والترفيه والعمل على إخراج المناطق السياحية الناشئة إلى حيز الوجود". وأكد أن إنجاز هذه المشاريع لا يمكن القيام بها إلا في إطار شراكة فعالة بين القطاع العام والخاص، مفيدا أنه تم تسجيل تقدم ملموس على مستوى تثمين الموروث الثقافي المادي منه وغير المادي، من خلال تأهيل المدن العتيقة وتثمين مؤهلاتها الثقافية والسياحية. وأشار حداد إلى أنه تم إحداث شركة مختلطة بين القطاع العام والخاص لتنمية القصور والقصبات، وتمت مباشرة عملية تأهيل وتثمين ثلاث قصبات على وديان درعة ودادس وزيز، موضحا أنه من أجل تثمين مؤهلات العالم القروي السياحية، جرى وضع برنامج وطني لتنمية مندمجة للسياحة الريفية والجبلية،" وهو ما سيجعل المناطق القروية تستفيد من ثمار التنمية السياحية. وقال حداد إنه جرى تحقيق نتائج مشجعة وبلوغ زيادة في عدد الوافدين بنسبة 8 في المائة في ما يخص الأسواق التقليدية و38 في المائة بالنسبة للأسواق الواعدة كروسيا وبولونيا والبرازيل والصين ما بين سنة 2011 و2013،" واستطعنا أن نتجاوز عتبة 10 ملايين سائح خلال سنة 2013، وسجلت عروضنا على مستوى الطيران ارتفاعا بنسبة 10 في المائة مابين 2010-2013، حيث مرت الرحلات الجوية المنظمة أسبوعيا خلال الصيف أكثر من 1200 إلى حدود 1330 رحلة"، يضيف وزير السياحة. وأكد أنه " كان بإمكاننا أن نحقق المزيد من النتائج الإيجابية بالنظر للفرص السياحية المتوفرة والتي لم يتم استغلالها بالشكل الكافي بسبب غياب عرض شاطئ ملائم وكذا محدودية الإمكانيات المرصودة للترويج والتسويق"، مضيفا أن الميزانية المرصودة للترويج لا تتجاوز 0،54 في المائة من مجموع مداخيل السياحة. ودعا وزير السياحة، إلى بذل مزيد من الجهود والإجراءات ورفع الميزانية المرصودة للترويج بشكل تدريجي إلى مستوى ما تقوم به دول أخرى منافسة، موضحا أن الرسم الجوي الذي تم اعتماده في قانون المالية لسنة 2014 سيمكن من تقوية الموارد المالية المخصصة للترويج والتعريف بالوجهات السياحية الوطنية،" لكن موارده تظل غير كافية في الوقت الراهن". وأكد على تعميم وضع الصناديق جهوية للترويج والطيران بشراكة مع الهيئات المنتخبة كما هو الشأن بجهة مراكشوالدار البيضاء من الإجراءات الأساسية والمهمة التي ستمكن من توفير عرض جوي ملائم بين الوجهات السياحية والأسواق التي تهتم بعروضها ومنتوجاتها. كما شدد على أن الولوج إلى التمويل البنكي أساسي بالنسبة للمشاريع السياحية، مطالبا القطاع البنكي برفع وتيرة تمويل المشاريع السياحية، ودعيا في السياق نفسه المستثمرين إلى تقديم مشاريع قابلة للتمويل من طرف البنوك التي عليها أن تزيد من ثقتها في القطاع. وأعلن أن الحكومة بصدد وضع صندوق لضمان التمويل البنكي للمشاريع السياحية، وتسهيل الحصول على القروض البنكية اللازمة لإنجاز المشاريع، بشراكة مع وزارة المالية وبنك المغرب والمجموعة المهنية للبنو والبنك الدولي. وأكد أنه في مجال الاستثمار، يظل تدخل الدولة ضروريا وأساسيا من خلال إحداث آليات لجلبة الرساميل كالصندوق المغربي للتنمية السياحية وأيضا من خلال الاستثمار المرتقب تفعيلها في إطار ميثاق الاستثمار، مفيدا أن الحكومة ساهمت عبر الصندوق المغربي للتنمية السياحية في الاستثمار الخاص بكل من السعيدية وتاغازوت وليكسوس ومارينا الدارالبيضاء. وطالب وزير السياحة برفع وتيرة الاستثمار لمواكبة المشاريع المبرمجة، مفيدا أن الوتيرة يجب أن ترتفع لتبلغ معدل 15 مليار درهم سنويا عوض 8 مليار درهم المسجلة حاليا. وفي تطرقه للسياحة الداخلية، قال حداد إنه "علينا بذل المزيد من الجهود لرفع مساهمة السياحة الداخلية إلى 40 في المائة في أفق 2020، عوض 28 المسجلة حاليا، مؤكدا التزام الحكومة بالمضي في إخراج محطات بلادي إلى حيز الوجود، حيث تم افتتاح محطة إمي ودار شمال أكادير خلال الصيف الماضي. وأبرز "سندعم السياحة الداخلية، عبر آليات مثل تشجيع التوفير الخاص للسفر على شكل شيكات للعطل تساهم فيه كل الأطراف المعنية وكذا توزيع فترات العطل المدرسية وجعلها جهوية"، مضيفا "سنعمل إلى جانب المهنيين للمساهمة في تسريع وتيرة نمو السياحة الداخلية، والتعبئة والعمل سويا لإيجاد الحلول الناجعة، وتشجيع إحداث مروج رحلات وطني خاص بالسياحة الداخلية، والحكومة مستعدة للمواكبة والعمل على هذا الموضوع في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص". وأفاد أن وزارته بصدد تفعيل منظومة جديدة للتكوين تتلاءم مع متطلبات وحاجيات المناطق السياحية الثمانية التي تم اعتمادها في إطار رؤية 2020. كما أعلن حداد عن عزم الحكومة تعزيز حكامة القطاع من خلال إحداث الهيئة العليا للسياحة في غضون هذه السنة لمواكبة تنزيل رؤية 2020، مشيرا إلى أن الحكومة ستعمل مستقبلا على إحداث وكالات التنمية السياحية بمجرد الانتهاء من المشاريع القانونية المرتبطة بالجهوية، لتتمكن من وضع تصور شامل لهذه الوكالات في علاقاتها مع المؤسسات المنصوص عليها في مشاريع القوانين الخاصة بالجهوية. وركز المتدخلون في المناظرة الحادية عشر للسياحة، التي تنظمها وزارة السياحة والفدرالية الوطنية للسياحة، على رهان بروز ثماني مناطق سياحية تنافسية وتكاملية مع تموقعات واضحة تتيح توازنا جيدا بين الوجهات الشاطئية والوجهات الثقافية ووجهات الطبيعة، مشددين على تحقيق الطموح الوطني والتطلعات الإقليمية التي تمر عبر تفعيل استراتيجية لمنتوجات محددة تمكن من إنعاش عرض سياحي متنوع وجيد يستجيب لحاجيات السياح. وحضر الجلسة الافتتاحية للمناظرة عدد من الوزراء وشخصيات أجنبية رفيعة المستوى من قبيل الأمين العام للمنظمة العالمية للسياحة، ووزير الصناعة والطاقة والسياحة الإسباني، إلى جانب فاعلين في القطاع مغاربة وأجانب. وتركزت هذه المناظرة، التي تميزت بتوقيع العديد من الاتفاقيات، حول محورين رئيسيين يهمان "إقلاع المناطق السياحية" و"تمويل الاستثمار في قطاع السياحة".