شهدت النسخة الثالثة للأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني المنظمة في طنجة إقبالا كثيفا، منذ الساعات الأولى لانطلاق التظاهرة. فمجرد ما فتح الفضاء المخصص لاحتضان فعاليات التظاهرة بساحة مالاباطا أبوابه في وجه العموم، بعد ظهر أول أمس الأربعاء، سجل تقاطر غير مسبوق للزوار، في مشهد يبث عدة رسائل أبرزها نجاح هذا الحدث التواصلي الكبير، بعد ثلاث دورات، في تغيير تلك الصورة النمطية التي كانت مرسومة سابقا في ذهن المغاربة عن المؤسسة الأمنية. وتشير المعطيات التي توفرت ل «الصحراء المغربية» من مصادر مطلعة، إلى أن عدد زوار اليوم الأول قارب ال20 ألفا، ما يؤشر على أن الدورة الحالية تتجه إلى تجاوز معدل نسخة مراكش، التي جذبت 260 ألفا، بتسجيل 17 ألف زائر بعد ساعة فقط من الشروع في استقبال الضيوف، صباح أمس.
ضيوف استثنائيون
لم يكن الافتتاح وحده الذي تميز بظروف استقبال غير عادية مع انطلاق الدورة. فاليوم الثاني للأبواب المفتوحة كانت له بدوره، أجواؤه الخاصة، إذ كان المنظمون على موعد مع ضيوف استثنائيين تطلب منهم وضع برنامج يجمع بين الترفيه والتثقيف والإرشاد. ويتعلق الأمر بتلاميذ المؤسسات التعلمية، التي أوفدت 400 سيارة نقل تابعة لها وعلى متنها الآلاف من الأطفال، الذين خلقوا أجواء حماسية بشغفهم وبحثهم عن الاستطلاع والتعرف عن قرب عن رجل الأمن والأدوار التي يؤديها لحماية أمن المواطن والبلد، والأدوات اللوجيستيكية التي يوظفها في هذا الغرض. التلميذة آمال أيت حسي واحدة من الطفلات اللواتي كن ينتظرن هذه اللحظة، تقول، في تصريح ل «الصحراء المغربية»، «حضرت إلى الأبواب المفتوحة لاكتشاف مهام الشرطي وكيفية تأدية عمله اليومي»، مشيرة إلى أنها "أبهرت بما عاينته في الأروقة والكم الهائل للمعلومات التي حصلت عليها، ونوعية الإرشادات التي قدمت لها». بدوره، قال رشيد أيت طالب، تلميذ في مؤسسة تعليمية خاصة، «أنا سعيد جدا بهذه الزيارة. فإلى جانب استمتاعي بالفقرات الترفيهية المقدمة استفدت كثيرا من الإرشادات التي قدمت لنا». وزاد موضحا «لأول مرة أعيش هذه الأجواء. لم أكن أعتقد أنه ستتاح لي فرصة التقاط صور تذكارية مع رجال أمن يعملون في تشكيلات أمنية مختلفة. إنها لحظة خاصة بالنسبة لي.. وأشكر رجال الأمن على المجهودات التي يبذلونها من أجل الحفاظ على أمن المغرب، كما أشكرهم على النصائح والإرشادات التي قدموها لنا».
دورة بأهداف جديدة
ليس الزوار من خرجوا بانطباعات وأمان كثيرة بعد الجولات التي قاموا بها في أروقة الفضاء بساحة مالاباطا، ومنها الالتحاق في يوم من الأيام بأسرة الأمن. بل حتى المنظمون والساهرون على إنجاح هذه التظاهرة تولدت لديهم أمنية عقب وقوفهم على هذا التفاعل الكبير، ألا وهي، حسب ما أكده عميد الشرطة خالد العبدلاوي العلوي، رئيس الخلية الولائية للتواصل لولاية أمن فاس، تجاوز حاجز 260 ألف زائر الذي عرفته دورة مراكش. وأكد خالد العبدلاوي العلوي، في تصريح ل «الصحراء المغربية»، أن زيارة التلاميذ للأبواب المفتوحة يدخل في إطار ملتقى الطالب التي يجري من خلاله فتح أبواب مصغرة للطلبة الذين يريدون الالتحاق بالمؤسسة الأمنية. وأضاف «فمن بين هؤلاء التلاميذ هناك من لديه حلم أن يصبح رجل شرطة. والأروقة تقربهم من هذه الأجواء بتقديم أفكار لهم عن الأدوار التي يؤديها الشرطي وأجواء عمله اليومي». وقال عميد الشرطة خالد العبدلاوي العلوي «الأبواب المفتوحة كانت في البداية مبادرة انطلقت بنسخة الدارالبيضاء وحاليا نقوم بتثبيتها»، وزاد موضحا «شعار هذه السنة خدمة المواطن شرف مسؤولية. نحن لدينا الشرف لخدمة المواطن». وذكر أن «الهدف من هذه التظاهرة هو التواصل بامتياز. ففي ما مضى لم يكن هذا التواصل، ولكن منذ 2015 أخذ بعدا أوسع. إذ أضحت المديرية العامة للأمن الوطني في تواصل دائم مع محيطها الخارجي. وهي تلتزم بشعار سنذهب بعيدا في مجال التواصل لأنه حقق الأهداف المسطرة له»، مضيفا «المواطن الآن وضع الثقة في الأمن لأنه يعرف بأنه يخدم ويخدم مصالحه». يشار إلى أن فضاء "ملاباطا" صمم بشكل يستوعب أكبر عدد ممكن من الوافدين والزوار، في ظروف آمنة ومطبوعة بالجودة في الخدمات المقدمة، مع استعراض تمارين محاكاة حول كيفية الاقتحام والتدخل لمواجهة التهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة، وهي العروض التي ستقدمها الوحدات الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وكذا المجموعة المركزية للأبحاث والتدخلات التابعة للأمن الوطني. كما يتضمن أيضا حلبة لتقديم عروض خيالة الأمن الوطني، علاوة على حلبة أخرى لاستعراض أحدث التقنيات التي تشتغل عليها الكلاب المدربة للشرطة، بما فيها تقنيات الكشف عن المواد المتفجرة والناسفة، والمواد المحظورة، وكذا العملات المهربة، حيث أصبح الطلب الأمني متزايدا على هذه الكلاب المدربة لتأمين مختلف التظاهرات الكبرى وضمان أمن المنافذ الحدودية للمغرب. ويأتي تنظيم هذه النسخة، التي افتتحت بحضور والي جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، محمد مهيدية، وعامل إقليم الفحص – أنجرة، عبد الخالق المرزوقي، ووالي أمن طنجة، محمد أوحتيت، وعدد من المديرين المركزيين بالمديرية العامة للأمن الوطني والمسؤولين العسكريين والقضائيين والمنتخبين، لتجسيد استراتيجية المديرية العامة للأمن الوطني للانفتاح على محيطيها، ولتمكين المواطن من الاطلاع على آليات التحديث المعتمدة لضمان أمن المواطنين والممتلكات وحفظ النظام العام. كما تجسد أيضا، إرادة المديرية العامة للأمن الوطني لترسيخ القرب من المواطن، وتسليط الضوء على الجهود المبذولة في مختلف المستويات الأمنية، وكذا سعيها لتقديم خدمات ذات جودة رفيعة تستجيب لتطلعات السكان في مجال الأمن، وفقا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.