بعد مرور أزيد من 28 ساعة على الانهيار الجبلي بالنقطة الكيلومترية 230 على الطريق الوطنية رقم 7، على مستوى دوار توك الخير، جماعة إجوكاك، قيادة ثلاث نيعقوب، دائرة أسني، تمكنت فرق الانقاد المكلفة بالبحث عن جثث الضحايا، مساء أول أمس الخميس من الوصول إلى السيارة المطمورة تحت أكوام التراب والصخور، بعد تسخير آليات ضخمة لجرف الكميات الهائلة من التربة والأوحال والصخور، وتجنيد فرق تابعة للدرك والوقاية المدنية والتجهيز والسلطة المحلية، حيث تم تخصيص أزيد من 5 سيارات للإسعاف لنقل جثث الضحايا إلى مستودع الأموات بمراكش، ومباشرة عملية التحقق من هويات الضحايا، واستقبال أفراد من الاقارب المفترضين. وبلغ عدد ضحايا هذا الحادث المأساوي، الذين تم انتشالهم من تحت الأنقاض إلى حدود صباح أمس الجمعة، 15 قتيلا، 12 ضحية من الإناث، و ثلاثة من الذكور ضمنهم طفل في ربيعه السادس، في الوقت الذي لا زالت عناصر الدرك الملكي تواصل تحقيقاتها في الحادث، جراء فقدان شخص لم يعلم مصيره وفق إفادات أقارب الضحايا. وكانت التساقطات الرعدية الغزيرة التي عرفها الإقليم، مساء يوم الأربعاء الماضي، أسفرت عن ارتفاع منسوب مياه بعض الشعاب والمجاري المائية وإحداث سيول أدت إلى انجراف كميات هائلة من الأتربة والأوحال بالنقطة الكيلومترية 230 على الطريق الوطنية رقم 7، على مستوى دوار توك الخير، جماعة إجوكاك، قيادة ثلاث نيعقوب، دائرة أسني، وطمر سيارة للنقل المزدوج تحتها. وفور إشعارها من طرف أحد الأشخاص الذي كان يتواجد بعين المكان حين وقوع الحادث، تعبأت كل من السلطات المحلية والأمنية ومصالح الوقاية المدنية وفرق المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجيستيك والماء لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وإزاحة الأوحال والأتربة التي ناهز علوها 20 متر تقريبا، لانتشال السيارة وركابها المحتملين واستعادة حركة السير بهذا المقطع الطرقي. عملية البحث عن المفقودين من ركاب سيارة النقل المزدوج التي كانت تقلهم في اتجاه تالوين بإقليم تارودانت، و الذين كان من سوء حظهم أن تصادف مرورهم بموقع الحادث لحظة وقوع انهيار جزء من الجبل، مرت في أجواء صعبة خاصة مع تقلبات أحوال الطقس وهبوب عاصفة رعدية، ظهر أول أمس الخميس، أدت إلى تدفق إحدى الشعاب بموقع الحادث نجم عنها وقوع انهيار آخر للتربة، مما ضاعف من صعوبة عملية البحث، وارتفعت وتيرة أعمال التنقيب عن المفقودين، خاصة بعد وصول تعزيزات من الآليات المستعملة في إزاحة التربة المنهارة و فرق إضافية من الوقاية المدنية، حيث استعان عناصر الدرك الملكي بالكلاب المدربة لتحديد موقع السيارة المطمورة تحت الأتربة. في حدود الثامنة ليلا من أمس الخميس، عثرت فرق الانقاد التي نجحت في اختراق تراكم من الكميات المنهارة بلغ ارتفاعها عشرين مترا حسب ما أورده مصدر من السلطة الإقليمية بالحوز، على جثة إحدى الضحايا خارج السيارة المنكوبة، قبل أن تصل إلى السيارة التي كان كل ركابها قد فارقوا الحياة. وقضت فرق البحث والإنقاذ ساعات طويلة ليلة الأربعاء وصبيحة أول أمس الخميس في محاولة لفتح مسالك للوصول إلى مكان الانهيار بسبب الفيضانات التي تسببت في قطع الطريق. أقرباء الضحايا الذين حضروا إلى موقع الحادث قبل انتشال السيارة المنكوبة، ظلوا المصدر الوحيد للمعلومات حول العدد المحتمل لركابها في ظل غياب أية معلومة تفصيلة حول الحادث ما عدا ما أفاد به راكبا سيارتين أفلتا من الانهيار بأمتار قليلة و شهدا اختفاء السيارة التي كانت تقل الضحايا تحت الأنقاض. و قضى أهالي ركاب السيارة المطمورة يوما طويلا من الترقب على أمل العثور على ناجين، لكن طول مدة البحث والتأخر في الوصول إلى موقع السيارة أضعف هذا الأمل إلى أن واجهوا الحقيقة المرة بعد بداية انتشال الجثث التي ظهر عليها عنف الحادث، حيث خيمت أجواء مؤلمة لحظة مغادرة سيارات الإسعاف لمكان الحادث ناقلة الضحايا إلى مستودع الأموات.
و حسب بعض أهالي المفقودين، فإن أغلب ركاب السيارة المنكوبة، تربطهم علاقة قرابة، أو من دواوير مجاورة. وتحدث والد إحدى ضحايا هذا الانهيار الجبلي الذي دخل في نوبة من البكاء عن ابنته التي نالت شهادة البكالوريا هذه السنة بتفوق، مؤكدا أنها كانت ترغب في الذهاب للاسترخاء قليلا من الأجواء المشحونة للامتحانات، الا أن هذه الرحلة كانت نهايتها مأساوية. واستعرض شهود من راكبي سيارتين كانا في مكان الحادث لحظة وقوعه، تفاصيل هذا الحادث المأساوي، حيث قال أحدهم كان يقود سيارة من نوع "مرسيدس" "لاحظت ورائي سيارة للنقل المزدوج متعجلة على تجاوزي، فخفضت السرعة وتنحيت قليلا جهة اليمين لكي أفسح لها الطريق، عبرت بسرعة، و تجاوزت سيارة أخرى، و ماهي إلا أمتار قليلة، حتى رأيت الجبل ينهار فوقها ليخفيها تحت أطنان من الصخور والأتربة، اما سيارتي علقت في الأوحال". من جانبه، أوضح شاهد آخر أن سيارة النقل المزدوج تجاوزته بأمتار قليلة، قبل أن يفاجئ بالجبل يتهاوى فوق السيارة لتتقدم أتربته المتراكمة نحوي، ما جعلني اتوقف وأعود إلى الوراء، قبل أن أترجل من السيارة مبتعدا عن مكان الحادث مخافة أن تطمرني التربة المتراكمة.