أعلن محمد الكتاني، الرئيس المدير العام لمجموعة التجاري وفابنك، أن تأهيل ودعم المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا تمثل أولوية وطنية تحظى باهتمام بالغ من طرف الجميع، بالنظر إلى دورها الواضح في تعزيز مبادرات التشغيل الذاتي، وخلق آليات جديدة لإدماج جزء من القطاع غير المهيكل في دائرة الاقتصاد المنظم. وأضاف الكتاني في كلمته الافتتاحية لملتقى المقاولة الصغرى، المنعقد اليوم الأربعاء بالدارالبيضاء، حول موضوع "أية تدابير فعلية لتعزيز وهيكلة نسيج المقاولات الصغرى بالمغرب"، أنه ومن خلال مساره المهني الذي يبلغ 34 سنة، اضطلع على أرشيف مجموعة التجاري وفابنك الذي يشمل نماذج لمقاولين صغار في الأربعينيات والخمسينيات وحتى الآن، حيث تبين له أن هؤلاء استطاعوا أن يصبحوا من خلال إرادة التطور والثقة في النفس، مجموعات صناعية وخدماتية كبيرة ومنها من ولجت بورصة الدارالبيضاء. وأكد الكتاني، خلال المنتدى المنظم من قبل مجموعة التجاري وفابنك، أن هذا الملتقى يأتي من أجل المساهمة في صياغة رؤية هادفة تفاؤلية لدعم المقاولات الصغرى، والتطرق في الوقت ذاته للإكراهات المطروحة والطموحات التي تعبر عنها هذه الفئة من المقاولات، دون إغفال التركيز على تشخيص آليات المواكبة واقتراح حلول عملية وتحفيزية للمقاولات الصغرى. وقال الرئيس المدير العام لمجموعة التجاري وفابنك إن "المقاولات الصغرى تعتبر مسؤولية الجميع، بالنظر إلى دورها في امتصاص البطالة سيما في صفوف الشباب"، وأضاف ملاحظا أن مشاركة وزراء من الحكومة في فعاليات هذا المنتدى، يؤكد الاهتمام بهذا الموضوع. وأفاد الكتاني أن خلاصات وتوصيات المنتدى ستركز على بلورة استراتيجية تهم قضايا وانشغالات المقاولات الصغرى، والحلول الكفيلة بتعزيز مسار هذه الفئة من المقاولات، مشيرا إلى أن هذه التوصيات ستصدر في كتيب قريبا. محمد بنشعبون، وزبر الاقتصاد والمالية وعقب تنويه بمنتدى مجموعة التجاري وفابنك حول المقاولات الصغرى، أكد بدوره بالأهمية البالغة التي تحظى بها هذه الشريحة من المقاولات ودورها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مضيفا أن تحليل البيانات المتوفرة، يحيل على أنها تشكل 95 في المائة من مجموع المقاولات المغربية، ويمثل معظمها مقاولات لا يتعدى رقم معاملاتها 3 ملايين درهم. وأبرز الوزير أنه بالإضافة إلى الأهمية العددية لهذه المقاولات، فإن دورها يتجسد كذلك في قدرتها على خلق مناصب شغل بمعدلات كبيرة وتكلفة رأسمالية قليلة، وهي بذلك تعتبر، حسب بنشعبون، مساهما أساسيا في الدفع بعجلة النمو المستدام، القادر على خلق الثروة ومحاربة الفقر وتحسين المستوى المعيشي والاندماج الاجتماعي لفئات واسعة من الأسر. وأضاف أنه ومن هذا المنطلق فإن الحكومة بشكل عام، ووزارة الاقتصاد والمالية بشكل خاص، تعتبر تطوير نسيج المقاولات الصغيرة جدا أولوية وطنية وجزء أساسيا في استراتيجية التنمية بالمغرب. وأكد أن المقاربة المتبعة بهذا الخصوص تعتمد على محوري تدخل متكاملين، ويهم المحور الأول ما يمكن تضمينه تحت عنوان "مناخ الأعمال" وهو مشترك في مجمله بين مختلف فئات المقاولات، حيث يجري العمل على توفير إطار ماكرو اقتصادي ملائم وتطوير مناخ تنافسي، يرتقي لاحتياجات وتحديات المقاولة بصفة عامة والمقاولة الصغيرة جدا بصفة خاصة، له أثر محوري في تحفيز وجذب الاستثمار الخاص ودعمه. وقال بنشعبون "وبهذا الخصوص، وبالإضافة للمجهودات المبذولة خلال السنوات الأخيرة لتحسين المؤشرات الأساسية للإطار الماكرو اقتصادي والذي يعتبر شرطا قبليا وأساسيا لأي سياسة تنموية، باشرت الحكومة عدة إصلاحات تهم "مناخ الأعمال"، الشيء الذي مكن بلادنا من تحسين موقعها في هذا المؤشر". كما ذكر في هذا السياق بالإصلاحات الهيكلية المنجزة. وحول المحور الثاني من المقاربة المعتمدة من قبل الحكومة في مجال دعم ولوج المقاولات الصغيرة جدا للتمويل، ركز بنشعبون على أهمية التمويل في مواكبة مختلف الأوراش الاقتصادية وتمويل المقاولة، مشيرا إلى أن المغرب عمل على وضع ومراجعة مجموعة من القوانين ترمي أساسا إلى تعميق دور القطاع المالي في تمويل الاقتصاد وتنويع آليات تمويل المقاولة. وفي هذا الإطار، تطرق إلى ما قامت به وزارته لتعزيز وتطوير النظام الوطني للضمان مع إحداث آليات موجهة خصيصا للمقاولات الصغرى، على غرار منتوج "إكسبريس" الذي يسمح بضمان 70 في المائة من أصل قروض الاستثمار أو الاستغلال الموجهة لهذه الفئة، كما تم تخصيصي شروط تفضيلية للمقاولات النسائية من خلال منتوج "إليك"، دون إغفاله لما تحظى به المقاولات الفلاحية الصغيرة جدا من اهتمام على مستوى القروض الموجهة إليها، حيث أوضح أنها تستفيد من ضمانة تصل إلى حدود 60 في المائة من أصل القرض. وأعلن أنه تم أخيرا الرفع من سقف القروض المستفيدة من هذا النظام ليصل إلى 200 ألف درهم سنويا لكل مقاولة فلاحية أو مزارع. بعد ذلك، تطرق بنشعبون إلى القروض الصغرى، مؤكدا أنه جرى أخيرا الرفع من سقفها ليبلغ 150 ألف درهم، وذلك بهدف تنويع مصادر تمويل المقاولات الصغيرة جدا. وقال الوزير "وفي هذا الصدد يجري الإعداد كذلك لإطلاق عرض ضمان خاص بالتمويل الأصغر لفائدة الأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل" وأضاف أنه سيتم إحداث خط تمويلي لفائدة القروض الصغرى، مخصص لمنح قروض مشتركة بشروط تفضيلية للمقاولات الصغيرة جدا. وقال الوزير "وأخيرا، نشير للمشارع التي أطلقتها الوزارة مؤخرا من أجل تطوير آليات بذيلة للتمويل، منها صندوق تمويل المقاولات الناشئة fonds innov، وإعداد مشروع قانون خاص بالتمويل التعاوني المعروف باسم crowdfunding وكذا العمل على تطوير مساهمة الممولين من الأشخاص الذاتيين business angels في المقاولات الناشئة. وأشار الوزير في مداخلته، أيضا، إلى المشروع قيد الإعداد الذي يهدف لوضع إطار استراتيجي شامل لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة small business act، ومن شأنه حسب الوزير توفير رؤية مندمجة لتجاوز العراقيل التي لا زالت تعيق تطورها. مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي استحضر في كلمته بهذه المناسبة الاستراتيجيات التي اعتمدتها وزارته من قبيل مخطط التسريع الصناعي، مشيرا إلى أن هذا المخطط يولي أهمية خاصة في إطار منظوماته إلى إدماج المقاولات الصغرى التي تشتغل كرافعة أساسية إلى جانب الشركات المتوسطة والكبرى، مؤكدا أنها تساهم بفعالية في خلق القيمة المضافة وتعزيز الاستثمار والاقتصاد كما تطرق مولاي حفيظ العلمي بعض العراقيل التي كانت قائمة والتي تم تجاوزها من قبيل التضريب، واسترداد الضريبة على القيمة المضافة التي كانت قد تراكمت إلى حدود 40 مليار درهم، والتي تمت معالجتها في أفق أن يبلغ هذا التراكم 0 درهم خلال سنة 2019، حسب ما ورد في المنتدى. وعقب تذكيره بالميثاق الذي يوجد بصدد الإعداد والذي سيكون مهما للمقاولات الناشئة، أكد العلمي أن عدد المقاولين الذاتيين بلغ 80 ألف مقاول ذاتي أدوا 8.4 ملايين درهم كضرائب. ورغم بساطة هذا المبلغ إلا أن الوزير أوضح أن هذا سيمكنهم من الولوج إلى التمويل بعد تقديم حصيلتهم السنوية وقدرتهم على السداد. صلاح الدين مزوار، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب أكد في كلمته أهمية هذا المنتدى بالنظر إلى التطلعات التي يعكسها، وإلى توقيته المناسب جدا، داعيا في الوقت ذاته إلى تنسيق المجهودات لبلوغ النتائج المتوخاة في أسرع وقت ممكن.