تنطلق اليوم بمختلف جهات المملكة عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى في أفق انتهائها يوم 20 من شهر شتنبر الجاري، لتحديد عدد السكان المغاربة، وصياغة مؤشرات لبلورة السياسات العمومية المقبلة، استجابة لحاجيات المواطنين وتطلعاتهم. عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى لتحديد عدد السكان المغاربة ستكلف ميزانية هذا الإحصاء السادس، حوالي 900 مليون درهم، وستشهد تعبئة 8375 سيارة، ومشاركة أزيد من 70 ألف باحث ومراقب ومشرف. ومن المرتقب أن تكشف المندوبية السامية للتخطيط عن النتائج الكاملة لهذه العملية قبل نهاية السنة الجارية، لتنشر عقب ذلك المعطيات المتعلقة بالخصائص الديمغرافية والسوسيو اقتصادية خلال سنة 2015. وستتطرق أسئلة استمارات الإحصاء، التي تبلغ 9 ملايين استمارة، إلى مقاربات ذات خصوصية بيئية، وأخرى تتعلق بظروف معيشة السكان ترتكز حول مواد بناء المسكن، والمسافة الفاصلة بين المسكن ومصدر التزود بالماء الصالح للشرب، والتجهيزات المنزلية، ومكان العمل أو الدراسة، ووسائل النقل المعتمدة لذلك، إلى جانب إدراج أسئلة نوعية يتوخى ربط الجوانب الكمية بتصورات السكان حول علاقاتهم بمحيطهم الاقتصادي والاجتماعي. وبخصوص الموارد البشرية المشاركة في هذه العملية، فتتمثل على المستوى الوطني من 1.298 مشرفا جماعيا، وحوالي 18.500 مراقب، و53.600 باحث، و15.000 عون سلطة لمواكبة الباحثين خلال إنجاز الإحصاء بالميدان، و3.500 قاعة للتكوين وأماكن الإيواء و2.000 محل لتخزين الوثائق. وسيشرع بداية من اليوم مجموع المراقبين والباحثين بالانتشار عبر ربوع التراب الوطني للاتصال بالأسر والسكان وملء الاستمارات المخصصة لمختلف فئات السكان المعنيين بالإحصاء، ويتعلق الأمر بالأسر العادية، والأسر الرحالة، والسكان المحسوبين على حدة، والسكان العابرين بالفنادق والمؤسسات المشابهة، والأشخاص دون مأوى. تجدر الإشارة إلى أن الإحصاء العام للسكان والسكنى يشمل جميع المقيمين بصفة اعتيادية بالغرب سواء كانوا من جنسية مغربية أو أجنبية. وستقوم المندوبية السامية للتخطيط أثناء فترة الإنجاز بالتتبع اليومي لسير الأعمال بالميدان باستعمال التكنولوجيا الحديثة للاتصال (عبر الرسائل القصيرة، وكذلك عن طريق الهواتف المحمولة التي وضعتها رهن إشارة المراقبين). وسيقوم استغلال معطيات هذا الإحصاء، على التقنية ذاتها المعتمدة خلال إحصاء 2004، المتمثلة في القراءة الآلية للوثائق دون اللجوء إلى الخبرة الأجنبية، كما كان عليه الأمر خلال إحصاء 2004، بل بالاعتماد فقط على أطر المندوبية السامية للتخطيط، الذين راكموا تجربة وكفاءة في هذا المجال. وقامت المندوبية بتهيئة وتجهيز مركز القراءة الآلية للوثائق بكل المستلزمات الضرورية. كما تم تقسيم مساحة العمل إلى خمس وحدات تعمل بشكل مستقل، إضافة إلى وحدة مركزية للتنسيق. وستخضع الاستمارات بهذا المركز إلى المعالجة بطرق علمية تمكن من المحافظة على المعطيات الفردية التي تحتوي عليها. وستمكن معالجة استمارات الإحصاء من ترجمة هذه المعطيات إلى مؤشرات تمكن من الحصول على صورة حقيقية للوضعية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمغرب على مستوى كافة التقسيمات الإدارية (الجماعات والأقاليم والعمالات والجهات وكذا على المستوى الوطني). ويشمل الإحصاء العام للسكان والسكنى الأشخاص والأسر الموجودين على التراب الوطني في تاريخ مرجع الإحصاء، سواء كانوا مقيمين بالبلاد أو عابرين لها، وهو ما يعني أن هذه العملية لن تنسحب على المغاربة القاطنين بالخارج. وبحسب المندوبية السامية للتخطيط، فإن هذه العملية تشمل "السكان القانونيين للمغرب"، باعتبار تحديدهم يعد هدفا رئيسيا لكل الإحصاءات العامة للسكان والسكنى المنجزة بالمملكة. وتوضح المندوبية أن "السكان القانونيين للمغرب" يتكونون من شقين، "السكان البلديون" و"السكان المحسوبون على حدة". ويتكون "السكان البلديون" من مجموع الأشخاص المقيمين الاعتياديين بالمملكة، كيفما كانت جنسيتهم ووضعية إقامتهم (قانونية أو غير قانونية)، ويتم إحصاؤهم عن طريق إحصاء الأسر القارة والرحالة والأشخاص دون مأوى. ويتكون "السكان المحسوبون على حدة" من "مجموع الأشخاص الذين تضطرهم ظروفهم المهنية أو الصحية أو أسباب أخرى للعيش تحت سقف واحد". ويتعلق الأمر ب 7 فئات حددتها المندوبية في "الجنود، ورجال الدرك، والقوات المساعدة القاطنون بالثكنات، أو المراكز العسكرية أو المعسكرات أو ما يماثلها"، و"الأشخاص المعالجون داخل المؤسسات الاستشفائية لمدة تعادل أو تتعدى 6 أشهر"، و"المعتقلون بالسجون"، و"نزلاء دور التربية المحروسة أو مراكز حماية الطفولة". وتضم هذه اللائحة، أيضا، "الأشخاص المباشر إيواؤهم في الزوايا ودور البر والإحسان والملاجئ"، و"التلاميذ والطلبة الداخليون الموجودون في تاريخ مرجع الإحصاء بمؤسسة التعليم"، و"العمال المباشر إيواؤهم في أوراش الأشغال العمومية وليس لهم أي سكنى اعتيادية". ويتم إحصاء هؤلاء السكان داخل مؤسسات السكان المحسوبين على حدى بالثكنات العسكرية ودور التربية المحروسة أو مراكز حماية الطفولة والداخليات والأوراش وغيرها. وفي معرض تحديدها ل"السكان العابرين" الذين تشملهم عملية الإحصاء بدورهم، شهدت المندوبية "عابرا كل شخص يوجد بالمغرب لمدة تقل عن ستة أشهر وليس له نية الإقامة به". ويتكون "السكان العابرون" من "مجموع الأشخاص العابرين بالأسر أو المساكن والأشخاص العابرين بمؤسسات السكان العابرين بالفنادق وما شابهها". وسيتم إحصاء السكان العابرين بالفنادق وما شابهها بالمؤسسات المخصصة لإيواء هذه الفئة من السكان. وعن حالة المغاربة المقيمين بالخارج، ترى المندوبية أنه، انطلاقا من كون الإحصاء يهدف إلى معرفة عدد السكان القانونيين بالمملكة، أي السكان الذين يقطنون أو لهم نية الإقامة بالمغرب لمدة لا تقل عن ستة أشهر، فإن المغاربة القاطنين بالخارج لا يدخلون في فئة السكان القانونيين. وعلى هذا الأساس، توضح المندوبية، سيتم إحصاؤهم كعابرين إذا كانوا موجودين بالمغرب، خلال فترة مرجع الإحصاء، كما يتم إحصاؤهم كسكان قانونيين في البلد الذي يقطنون به. وأبرزت أن الأمر يتعلق بقاعدة متعارف عليها دوليا وتلتزم بها كل الدول عند إجرائها لعمليات الإحصاء العام للسكان. وأشارت المندوبية إلى أن إحصاء المغاربة القاطنين بالخارج بطريقة علمية ومباشرة "يدخل في باب المستحيلات بالنظر لكونهم منتشرين في كافة بقاع المعمور وداخل كل بلد"، مستطردة أن المغرب يتوفر، مع ذلك، على تقديرات لعددهم بالاعتماد على مصدرين أساسيين هما الإحصاءات العامة للسكان التي تنظمها البلدان التي يوجدون بها والإحصاءات القنصلية. ويعتبر الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 سادس إحصاء ينجزه المغرب منذ الاستقلال بعد إحصاءات سنوات 1960 و1971 و1982 و1994 و2004. وقدر العدد القانوني لسكان المملكة في فاتح شتنبر 2004 ب 29 مليون و891 ألفا و708 نسمة. ويتعلق الأمر بالأشخاص المقيمين في التراب الوطني عند تاريخ الإحصاء، بمن فيهم المواطنون الأجانب، دون احتساب المغاربة المقيمين في الخارج.