لأول مرة في تاريخ المحاكمات التأديبية للقضاة، استغرقت الجلسة الثانية من النظر في متابعة المستشار محمد الهيني، القاضي بالمحكمة الإدارية بالرباط، أمام المجلس الأعلى للقضاء، تسع ساعات، إذ استمرت، أول أمس الثلاثاء، من 11 صباحا إلى8 مساء. المستشار الهيني إلى جانب قضاة ومحامين مؤازرين له أمام المجلس الأعلى للقضاء وحضر إلى جانب المستشار الهيني، المتابع من أجل "الإخلال بواجب التحفظ والوقاروالكرامة،التي يتعين أن يتقيد بها القاضي في جميع الأحوال"، على خلفية خاطرة نشرها على صفحته الاجتماعية، العشرات من قضاة نادي قضاة المغرب، وعشرة نقباء سابقين وحاليين، والعشرات من المحامين وممثلي الجمعيات المهنية القضائية والحقوقية. وأبدت لجنة الدفاع عبر رئيسها، القاضي عبد الله الكرجي، في اتصال ب"المغربية" ارتياحها لتفاعل أعضاء المجلس، الذي كان في المستوى مع مرافعات الدفاع، وأيضا لظروف سير الجلسة، خاصة، يضيف الكرجي، أن لجنة الدفاع أخذت حقها في إلقاء مرافعاتها دون مقاطعة من طرف أعضاء المجلس، في نقاش قانوني ومهني راق، غير أنها آخذت على المجلس السماح فقط ل10 من أعضاء لجنة الدفاع إلقاء مرافعاتهم، موضحة أن حصر العدد في خمسة نقباء وثلاثة قضاة وقاضيتين، "ليس له سند قانوني". واستمع المجلس الأعلى للقضاء، الذي يترأسه مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، بصفته نائبا لرئيس المجلس، إلى عشر مرافعات لكل من رشيدة أحفوظ، رئيسة غرفة بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، وعبد الله الكرجي،المستشار بمحكمة الاستئناف بالرباط، رئيس لجنة الدفاع، وعبد اللطيف الشنتوف، القاضي بالمحكمة التجارية بالرباط، وسهام بنمسعود، القاضية بالمحكمة الابتدائية بمكناس، وسعيد الناوي القاضي بالمحكمة الابتدائية بسيدي سليمان، والنقباء السابقين عبد الرحمان بنعمرو ومحمد أقديم، والحسن ملكي من هيئة الرباط، وعبد السلام البقيوي، من هيئة طنجة، وعبد الله درميش، من هيئة الدارالبيضاء. وركزت مرافعات لجنة الدفاع عن القاضي الهيني على الخاطرة موضوع المتابعة والمساءلة، إذ أكدت أنها عبارة عن تأملات تضمنت العديد من المواصفات، التي يجب توفرها في المدير المنتظر تعيينه في إطار مبادئ الشفافية والحكامة، طبقا للفصل 154 من الدستور، وأنها غير موجهة إطلاقا لأي شخص بعينه، واصفة الوقائع المشكلة للمخالفة التأديبية ب"الفارغة"، إذ أن "سندها الظن والتخمين وتبتعد كليا عن الجزم واليقين". وقالت لجنة الدفاع إنها تفاجأت اليوم ب"منحى نقيبي وتفتيشي يطارد الكلمة ويهب صاحبها قربانا للتأديبب متابعات مطاطة تستفيد من فراغ مهول في الأسانيد القانونية، والتمظهرات الواقعية لواجب الوقار والكرامة"، وتابعت قائلة "لقد بتنا نخاف من أن نتحول جميعا إلى وليمة لواجب الوقار والكرامة". وطالبت لجنة الدفاع في إطار دفوعاتها الشكلية بعلنية المحاكمة، لأن الأصل في المحاكمات هو العلنية، وبتوقيف البت في المتابعة التأديببة لعدم دستورية إحالة الهيني على المجلس الأعلى للقضاء إلى حين تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائي من أجل ضمان حق القضاة في الطعن في مقرراته، حسب ما جاء به دستور 2011. كما دفعت لجنة الدفاع ببطلان المتابعة في حق الهيني على اعتبار صدورها عن جهة غير مختصة، طبقا للمادة 61 من النظام الأساسي للقضاة، وأيضا، الدفع بسقوط المتابعة لوقوع الصلح وتنازل المشتكي، وهو ما تؤكده الإشهادات الموجودة بالملف، تضيف اللجنة، وعلى اعتبار أن الصلح أجري حفاظا على وحدة الجسم القضائي منقب للجنة تضم رشيدة أحفوظ، رئيسة الجمعية المغربية للقضاة، وياسين مخلي، رئيس نادي قضاة المغرب، وعبد الله كرجي، العضو المؤسس للنادي. كما ركزت الدفوعات على عدم اختصاص المجلس للنظر في الوقائع موضوع المتابعة، وبطلان المتابعة لخرق حقوق الدفاع، وعدم تمكين الدفاع والقاضي من الاطلاع على وثائق الملف، فضلا عن رفض مؤازرة المحامين والقضاة، والدفع بخرق قاعدة علنية إجراءات الاستماع، وعدم التمكين من دليل الاستماع وحقوق المستمع إليه"الميثاق"، إضافة إلى الدفع بعقد جلسة الاستماع في وقت انعقاد الجلسة القضائية لعدد من مؤازري الهيني من القضاة، خاصة رئيس لجنة الدفاع. يذكر أن الملف دخل للمداولة، وسيضم إلى ملفات أخرى، ستقدم لرئاسة المجلس الأعلى للقضاء، قبل صدور القرارات بشأنها جميعا.